مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
1 ـ بعض من أعمال يوم عرفة
ورد في صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه
(عليه السلام) انه قال: إنّما تعجل الصلاة وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنّه
يوم دعاء ومسألة، ثمّ تأتي الموقف وعليك السكينة والوقار، فاحمد اللّه وهلّله
ومجِّده واثن عليه، وكبّره مائة مرّة، واحمده مائة مرّة، وسبّحه مائة مرّة، واقرأ
قل هو اللّه أحد مائة مرّة، وتخيّر لنفسك من الدعاء ما أحببت، واجتهد فإنّه يوم
دعاء ومسألة وتعوّذ باللّه من الشيطان فإنّ الشيطان لن يذهلك في موطن قطّ أحبّ إليه
من أن يذهلك في ذلك الموطن، وإيّاك أن تشتغل بالنظر إلى الناس، واقبل قبل نفسك،
وليكن فيما تقول:
اللّهُمَّ إنّي عبدُكَ فلا تجعلني من أخْيَبِ وَفْدِكَ
وارحَمْ مَسيري إليكَ منَ الفَجِّ العَميق .
وليكن فيما تقول:
اللُّهمَّ
رَبَّ المَشاعر كلِّها فُكَّ رَقَبَتي منَ النَّار، وَأوْسعْ عَليَّ منْ رزقكَ
الحَلال، وادْرَأْ عَنّي شَرَّ فَسَقَة الجنِّ والإنس ، وتقول: اللّهُمَّ لا
تَمْكُر بي ولا تَخْدَعني ولا تَسْتَدْرجْني .
وتقول:
اللّهُمَّ إنِّي
أسألُكَ بحَوْلكَ وَجُوْكَ وَكَرَمكَ وَمَنِّكَ وَفَضْلكَ، يا أسْمَعَ السّامعينَ
ويا أبْصَرَ الناظرينَ وَيا أسْرَعَ الحاسبينَ وَيا أرْحَمَ الرّاحمينَ أنْ
تُصَلِّي علي مُحَمَّد وآل مُحَمَّدٍ، وأن تفعل بي كذا وكذا . وتذكر حوائجك.
وليكن فيما تقول وأنت رافع رأسك إلى السماء:
اللّهُمَّ حاجتي إلَيْكَ
الَّتي إنْ أعطَيْتَنيها لم يَضُرَّني ما مَنَعْتَني، وَالَّتي إن مَنَعْتَنيها لم
يَنْفَعْني ما أعْطَيْتَني، أسألُكَ خلاصَ رَقَبَتي منَ النّار .
وليكن فيما
تقول:
اللّهُمَّ إنِّي عَبْدُكَ وَملْكُ يَدكَ، ناصيَتي بيَدكَ وأجَلي بعلْمكَ،
أسألُكَ أن تُوَفِّقَني لما يُرْضيكَ عَنِّي وَأنْ تَسَلَّمَ منِّي مناسكي الَّتي
أرَيْتَها خليلَكَ إبراهيم صلواتك عليه وَدَلَلْتَ عَلَيْهَا نبيَّكَ محمّداً صلّى
اللّه عليه وآله .
وليكن فيما تقول:
اللّهُمَّ اجْعَلْني ممَّن رَضيتَ
عَمَلَهُ وَأطَلْتَ عُمَرَهُ وأحيَيْتَهُ بَعْدَ المَوْت حَياةً طَيِّبَةً .
ومن الأدعية المأثورة ما علّمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عليّاً (عليه
السلام) علي ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: فتقول:
لا إله إلا اللّهُ وَحْدَهُ لا شَريْكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ،
يُحْيي وَيُميتُ وَيُميتُ وَيُحيي، وَهُوَ حَيّ لا يَمُوتُ بيَده الخَيْرُ وَهُو
عَلى كلِّ شَيءٍ قَدير، اللّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أنْتَ كما تَقُول وخير ما يَقُولُ
القائلُون، اللّهُمَّ لَكَ صلاتي وديني وَمَحيايَ ومَمَاتي وَلَكَ تُراثي، وبكَ
حَوْلي وَمنْكَ قُوَّتي، اللّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ منَ الفَقْر وَمنَ وَسْواس
الصَّدر وَمنْ شَتات الأمر وَمنْ عَذاب النّار وَمنْ عَذاب القبر، اللّهُمَّ إنِّي
أسألُكَ منْ خَيْر ما تأتي به الرِّياحُ، وَأعُوذُ بكَ منْ شَرِّ ما تأتي به
الرّياحُ، وأسألُكَ خَيْرَ اللّيل وخَيْرَ النَّهار .
ومن تلك الأدعية ما رواه
عبد اللّه بن ميمون، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: إنّ رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وآله وقف بعرفات، فلمّا همّت الشمس أن تغيب قبل أن يندفع، قال:
اللّهُمّ إنِّي أعُوذُ بكَ منَ الفَقْر وَمنْ تَشَتّت الأمر، وَمنْ شَرِّ ما
يُحدثُ باللّيل والنَّهار، أمْسي ظُلْمي مُسْتَجيراً بعَفْوك، وأمْسي خَوفي
مُستجيراً بأمانك، وأمسي ذُلِّي مُسْتجيراً بعزِّكَ، وأمْسي وَجْهي الفاني
مُستجيراً بوَجْهكَ الباقي، يا خَيْرَ مَنْ سُئل، ويا أجْودَ مَنْ أعْطي، جَلِّلْني
برَحْمَتكَ، وَألْبسْني عافيَتكَ، وَاصْرفْ عَنِّي شَرَّ جميع خَلْقكَ .
وروي
أبو بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا غربت الشمس يوم عرفة فقل:
اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخرَ العَهْد منْ هذا المَوْقف، وارْزُقْنيه منْ قابل
أبَداً ما أبْقَيْتَني، وَأقْلبْني اليَومَ مُفْلحاً مُنْجحاً مُسْتَجاباً لي
مَرْحوماً مَغْفُوراً لي، بأفْضَل ما يَنْقَلبُ به اليَوْمَ أحَد منْ وَفْدكَ
وَحُجّاج بَيْتكَ الحَرام، وَاجْعَلْني اليَوْمَ منْ أكْرَم وَفْدكَ عَليْكَ،
وَأعْطني أفْضَلَ ما أعْطَيْتَ منْهُمْ منَ الخَيْر وَالبَرَكة والرَّحْمَة
والرِّضْوان وَالمَغْفرَة، وباركْ لي فيْمَا أرْجعُ إلَيْه منْ أهْل أو مال أو
قَليل أو كَثيرٍ، وَباركْ لَهُمْ فيَّ .
2 ـ زيارة الأمام الحسين (ع) في يوم عرفة:
اللهُ اَكْبَرُ كَبيراً،
وَالحَمْدُ للهِ كَثيراً، وَسُبْحانَ اللهِ بُكْرَةً وَأصيلاً، وَالحَمْدُ للهِ
الَّذي هَدانا لِهذا وَماكُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانا اللهُ لَقدْ جاءَتْ
رُسُلُ رَبِّنا بِالحَقِّ، السَّلامُ على رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلى أميرِ
المُؤمِنينَ، اَلسَّلامُ عَلى فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سَيِّدةِ نِساءِ العالَمينَ،
اَلسَّلامُ على الحَسَنِ والحُسَيْنِ، اَلسَّلامُ عَلى عَليِّ بنِ الحُسَينِ،
اَلسَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ، اَلسَّلامُ عَلى جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ،
اَلسَّلامُ عَلى مُوسَى بنِ جَعْفَر، اَلسَّلامُ عَلى عَليِّ بنِ مُوسى، اَلسَّلامُ
عَلى مُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ، اَلسَّلامُ عَلى الحَسَنِ بنِ عَليٍّ، اَلسَّلامُ عَلى
الخَلفِ الصّالِحِ المُنْتَظَر، اَلسَّلامُ عَليكَ يا أبا عَبدِ اللهِ، اَلسَّلامُ
عَليكَ يابنَ رَسُولِ اللهِ، وَابْنُ عَبْدِكَ وَابنُ أَمَتِكَ، المُوالي
لِوَلِيَّكَ وَالمُعادي لِعَدُوِّكَ، استَجارَ بِمَشْهَدِكَ وَتَقَرَّبَ اِلى اللهِ
بِقَصْدِكَ، اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي هَداني َاَصبَحَ رَسُولُ اللهِ بِكَ
مَوتُورَاً، وَأصبَحَ كِتابُ اللهِ بِفَقدِكَ مَهجُورَاً، اَلسَّلامُ عَلَيكَ
وَعَلى جَدِّكَ وَاَبيكَ وَاُمِّكَ وَاَخيكَ، وَعَلى الاَئِمَةِ مِنْ بَنيكَ،
وَعَلى المُستَشهَدينَ مَعَكَ، وَعَلى الملائِكَةِ الحافِّينَ بِقَبرِكَ
وَالشّاهِدينَ لِزُوّارِكَ المُؤمِنينَ بِالقَبُولِ عَلى دعاءِ شِيعَتِكَ،
وَالسَّلامُ عَلَيكَ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ .
وصل ركعتين إقرأ فيها ما
تشاء، وإذا فرغت فقل:
اَللّهُمَّ إِنّي صَلّيتُ وَرَكَعتُ وَسَجَدتُ لَكَ
وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ ، لاِنَّ الصَّلاةَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ لا تَكوُنُ
إِلاّ لَكَ، لاِنَّكَ أنتَ اللهُ الَّذي لا اِلهَ اِلاّ اَنتَ اَللّهُمَّ وَهاتانِ
الرُكعَتانِ هَدِيةٌ مِنّي اِلى مُولايَ وَسَيِّدي وَإمامي اَلْحُسَينِ بنِ عَليٍّ
عَلَيْهِما السَّلامّ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَتَقَبَّل
ذلكَ مِنّي وَاجْزِني عَلى ذلكَ اَفضَلَ اَمَلي وَرَجائي فِيكَ وَفي وَليِّكَ
ياأَرْحَمَ الرّاحِمين .
ثم زر ولده علي بن الحسين الاكبر عليه السلام وقل:
اَلسَّلامُ عَلَيكَ يابْنَ رَسُولِ الله، اَلسَّلامُ عَلَيكَ يابْنَ نَبِيِّ
اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ يابْنَ اَميرِ المؤُمنينَ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ يابْنَ
الحسينِ الشَّهيدِ ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ اَيُّها الشَّهيدُ ابْنُ الشَّهيدِ،
اَلسَّلامُ عَلَيكَ اَيُّها المظلومُ ابْنُ المظلوم، لَعَنَ اللهُ اُمَّةً
قَتَلَتْكَ، وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ، وَلَعَنَ اللهُ أمَّةً سَمِعَتْ
بِذلِكَ فَرَضيَت بِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ يا مَولاي، اَلسَّلامُ عَلَيكَ ياوليَّ
اللهِ وَابْن وَلِيِّهِ، لَقَدْ عَظُمَتِ المُصيبَة، وَجَلّتِ الرَّزيَّةُ بِكَ
عَلَينا وَعَلي جَميع المؤمنينَ، فَلَعَنَ اللهُ اُمّةً قَتَلَتْكَ، وَاَبْرأُ إلي
اللهِ وَاِلَيْكَ مِنْهُمْ في الدّنيا وَالاخرة .
ثم زر شهداء كربلاء وقل:
السَّلامُ عَلَيْكُم ياأَوْلياءَ اللهِ وَاَحِّباءَه، السَّلامُ عَلَيْكُم
يااَصفياءَ اللهِ وَأَوِدّاءَهُ. السَّلامُ عَلَيْكُم ياأَنْصارَ دين اللهِ
وَاَنصارَ نَبيّهِ وَاَنْصارَ اَميرِ المُؤمِنينَ وَاَنصارَ فاطِمَةَ سَيْدَةِ
نِساءِ العالَمينَ، السَّلامُ عَلَيْكُم ياأَنصارَ أَبي مُحَمَّد الحَسَنِ الوَليِّ
النّاصِحِ، السَّلامُ عَلَيْكُم يااَنْصارَ اَبي عَبْدِ اللهِ الحُسَينِ الشَّهيدِ
المَظلومِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ اَجْمَعينَ، بِأبي اَنْتُم وَامّي طِبْتُمْ
وَطابَتِ الارضُ الَّتي فيها دُفِنْتُمْ، وَفُزْتُمْ وَاللهِ فَوْزاً عَظيما،
يالَيْتَني كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفوزَ مَعَكُمْ في الجِنان مَعَ الشُّهَداءِ
وَالصّالِحينَ وَحَسُنَ اُولئِكَ رَفيقاً، وَالسَّلامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ
وَبَرَكاتُه .
ثم زر أبا الفضل العباس عليه السلام وقل:
اَلسَّلامُ عَلَيكَ
ياأَبا الفَضْلِ العَبّاسَ ابْنَ اَميرِ المؤمِنينَ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ يابْنَ
سَيِّدِ الوَصيِّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ يابْنَ أوَّلِ القومَ إسْلاماً،
وَأَقدَمِهِمْ اِيْماناً، وَأَقْوَمِهِمْ بِدينِ اللهِ، وَأَحْوَطِهِمْ عَلى
الاسْلامِ، أَشْهَدُ لَقدْ نَصَحْتَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلاَخيكَ فَنِعْمَ الاخُ
المُواسي، فَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكَ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةَ ظَلَمَتْكَ،
وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً اِسْتَحَلَّتْ مِنكَ الَمحارِمَ، وَانْتَهَكَتْ في قَتْلِكَ
حُرْمَةَ الاسْلامِ، فَنِعمَ الاَخُ الصّابِرُ الُمجاهِدُ الُمحامي النّاصِرُ
وَالاَخُ الدّافِعُ عَنْ أَخيهِ الُمجيبِ الي طاعَةِ رَبّه الرّاغِبُ فيما زَهِدَ
فيهِ غَيرُهُ مِنَ الثَّوابِ الجَزيلِ وَالثّناءِ الجَميلِ، وَأَلحَقَكَ اللهُ
بِدَرَجَةِ آبائِكَ في دار النَّعيم، اِنّهُ حَميدٌ مَجيد .
ثم قل:
اللّهُمَّ لَكَ تَعَرَّضْتُ وَلِزيارَةِ اَوْليائِكَ قَصَدْتُ رَغْبَةً في
ثَوابِكَ وَرَجاءً لِمَغْفِرَتِكَ وَجَزيلِ اِحْسانِكَ، فَأَسْأَلُكَ اَنْ
تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَنْ تَجْعَلْ رزْقي بِهِم دارّاً،
وَعَيْشي بِهِم قارّاً، وَزيارَتي بِهِمْ مَقْبُولَةً، وَذَنْبي بِهِمْ مَغْفُوراً،
وَاقْلِبني بِهِم مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجاباً دُعائي بِأَفْضلِ مايَنْقَلِبُ
بِهِ اَحَدٌ مِنْ زُوّارِه وَالقاصِدينَ اِلَيْه، بِرَحْمَتِكَ يااَرْحَمَ
الرّاحِمينَ .
3 ــ دعاء الإمام زين العابدين (ع) في يوم عرفة
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ. أللَّهُمَّ لَـكَ الْحَمْدُ بَدِيْعَ السَّموَاتِ وَالاَرْضِ، ذَا
الْجَلاَلِ وَالاكْرَامِ، رَبَّ الاَرْبَابِ وَإلهَ كُلِّ مَألُوه، وَخَالِقَ كُلِّ
مَخْلُوق، وَوَارِثَ كُلِّ شَيْء، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَـيْءٌ، وَلا يَعْزُبُ عَنْهُ
عِلْمُ شَيْء، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء مُحِيطٌ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء رَقِيبٌ،
أَنْتَ الله لاَ إلهَ إلاَّ أَنْتَ الاَحَـدُ الْمُتَوَحِّدُ الْفَرْدُ
الْمُتَفَرِّدُ، وَأَنْتَ اللهُ لاَ إلهَ إلاَّ أَنْتَ الْكَرِيمُ الْمُتَكَرِّمُ،
الْعَظِيمُ الْمُتَعَظِّمُ، الْكَبِيرُ الْمُتَكَبِّرُ. وَأَنْتَ اللهُ لاَ إلهَ
إلاَّ أَنْتَ العَلِيُّ الْمُتَعَالِ، الْشَدِيْدُ الْمِحَـالِ. وَأَنْتَ اللهُ لا
إلهَ إلاَّ أَنْتَ الـرَّحْمنُ الرَّحِيمُ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. وَأَنْتَ اللهُ
لا إلهَ إلاّ أَنْتَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْقَدِيمُ الْخَبِيرُ، وَأَنْتَ اللهُ
لاَ إلهَ إلاّ أَنْتَ الْكَرِيمُ الاَكْرَمُ الدَّائِمُ الادْوَمُ، وَأَنْتَ اللهُ
لا إلهَ إلاّ أَنْتَ الاوَّلُ قَبْلَ كُلِّ أَحَد وَالاخِرُ بَعْدَ كُلِّ عَدَد،
وَأَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْتَ الدَّانِي فِي عُلُوِّهِ، وَالْعَالِي فِي
دُنُوِّهِ، وَأَنْتَ اللهُ لاَ إلهَ إلاَّ أَنْتَ ذُو الْبَهَاءِ وَالْمَجْدِ
وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْحَمْدِ. وَأَنْتَ اللهُ لاَ إلهَ إلاّ أَنْتَ الَّذِي
أَنْشَأْتَ الاشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ سِنْخ، وَصَوَّرْتَ مَا صَوَّرْتَ مِنْ غَيْرِ
مِثال، وَابْتَدَعْتَ الْمُبْتَدَعَاتِ بِلاَ احْتِذَآء. أَنْتَ الَّذِي قَدَّرْتَ
كُلَّ شَيْء تَقْدِيراً وَيَسَّرْتَ كُلَّ شَيْء تَيْسِيراً، وَدَبَّرْتَ مَا
دُونَكَ تَدْبِيْراً. وَأَنْتَ الَّذِي لَمْ يُعِنْكَ عَلَى خَلْقِكَ شَرِيكٌ
وَلَمْ يُؤازِرْكَ فِي أَمْرِكَ وَزِيرٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ مُشَاهِدٌ وَلا
نَظِيرٌ. أَنْتَ الَّذِي أَرَدْتَ فَكَانَ حَتْماً مَا أَرَدْتَ، وَقَضَيْتَ
فَكَانَ عَدْلاً مَا قَضَيْتَ، وَحَكَمْتَ فَكَانَ نِصْفاً مَا حَكَمْتَ، أَنْتَ
الَّـذِي لا يَحْوِيْـكَ مَكَانٌ وَلَمْ يَقُمْ لِسُلْطَانِكَ سُلْطَانٌ، وَلَمْ
يُعْيِكَ بُرْهَانٌ وَلا بَيَانٌ. أَنْتَ الَّذِي أَحْصَيْتَ كُلَّ شَيْء عَدَدَاً،
وَجَعَلْتَ لِكُلِّ شَيْء أَمَداً، وَقَدَّرْتَ كُلَّ شَيْء تَقْدِيْراً. أَنْتَ
الَّذِي قَصُرَتِ الاوْهَامُ عَنْ ذَاتِيَّتِكَ، وَعَجَزَتِ الافْهَامُ عَنْ
كَيْفِيَّتِكَ، وَلَمْ تُدْرِكِ الابْصَارُ مَوْضِعَ أَيْنِيَّتِكَ. أَنْتَ الَّذِي
لا تُحَدُّ فَتَكُونَ مَحْدُوداً، وَلَمْ تُمَثَّلْ فَتَكُونَ مَوْجُوداً، وَلَمْ
تَلِدْ فَتَكُونَ مَوْلُوداً.. أَنْتَ الَّذِي لا ضِدَّ مَعَكَ فَيُعَانِدَكَ، وَلا
عِدْلَ فَيُكَاثِرَكَ، وَلاَ نِدَّ لَكَ فَيُعَارِضَكَ. أَنْتَ الَّـذِي ابْتَدَأ
وَاخْتَـرَعَ وَاسْتَحْدَثَ وَابْتَـدَعَ وَأَحْسَنَ صُنْعَ مَا صَنَعَ،
سُبْحانَكَ! مَا أَجَلَّ شَأنَكَ، وَأَسْنَي فِي الامَاكِنِ مَكَانَكَ، وَأَصْدَعَ
بِالْحَقِّ فُرقَانَكَ. سُبْحَانَكَ مِنْ لَطِيف مَا أَلْطَفَكَ، وَرَؤُوف مَا
أَرْأَفَكَ، وَحَكِيم مَا أَعْرَفَكَ! سُبْحَانَكَ مِنْ مَلِيْك مَا أَمْنَعَكَ،
وَجَوَاد مَا أَوْسَعَكَ، وَرَفِيعِ مَا أَرْفَعَكَ، ذُو الْبَهاءِ وَالْمَجْدِ
وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْحَمْدِ. سُبْحَانَكَ بَسَطْتَ بِالْخَيْرَاتِ يَدَكَ ما
وَعُرِفَتِ الْهِدَايَةُ مِنْ عِنْدِكَ، فَمَنِ الْتَمَسَكَ لِدِين أَوْ دُنْيا
وَجَدَكَ. سُبْحَانَكَ خَضَعَ لَكَ مَنْ جَرى فِي عِلْمِكَ، وَخَشَعَ لِعَظَمَتِكَ
مَا دُونَ عَرْشِكَ، وَانْقَادَ لِلتَّسْلِيْمِ لَكَ كُلُّ خَلْقِكَ. سُبْحَانَكَ
لاَ تُجَسُّ، وَلاَ تُحَسُّ، وَلاَ تُمَسُّ، وَلاَ تُكَادُ، وَلاَ تُمَاطُ، وَلاَ
تُنَازَعُ، وَلاَ تُجَارى، وَلاَ تُمارى، وَلاَ تُخَادَعُ، وَلاَ تُمَاكَرُ.
سُبْحَانَكَ سَبِيلُكَ جَدَدٌ، وَأَمْرُكَ رَشَدٌ، وَأَنْتَ حَيٌّ صَمَدٌ.
سُبْحَانَكَ قَوْلُكَ حُكْمٌ، وَقَضَآؤُكَ حَتْمٌ، وَإرَادَتُكَ عَزْمٌ.
سُبْحَانَكَ لاَ رَادَّ لِمَشِيَّتِكَ، وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِكَ. سُبْحَانَكَ
قاهِرَ الاَرْبَابِ، بَاهِرَ الايآتِ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ بَارِئ، النَّسَماتِ.
لَكَ الْحَمْدُ حَمْدَاً يَدُومُ بِدَوامِكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً خَالِداً
بِنِعْمَتِكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يُوَازِي صُنْعَكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ
حَمْداً يَزِيدُ عَلى رِضَاكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً مَعَ حَمْدِ كُلِّ حَامِد،
وَشُكْراً يَقْصُرُ عَنْهُ شُكْرُ كُلِّ شَاكِر، حَمْداً لاَ يَنْبَغِي إلاَّ لَكَ،
وَلاَ يُتَقَرَّبُ بِهِ إلاَّ إلَيْكَ، حَمْداً يُسْتَدَامُ بِهِ الاَوَّلُ،
وَيُسْتَدْعَى بِهِ دَوَامُ الاخِرِ، حَمْداً يَتَضَاعَفُ عَلَى كُرُورِ
الاَزْمِنَةِ، وَيَتَزَايَدُ أَضْعَافَاً مُتَرَادِفَةً، حَمْداً يَعْجِزُ عَنْ
إحْصَآئِهِ الْحَفَظَةُ، وَيَزِيدُ عَلَى مَا أَحْصَتْهُ فِي كِتابِكَ الْكَتَبَةُ،
حَمْداً يُوازِنُ عَرْشَكَ المَجِيْدَ، وَيُعَادِلُ كُرْسِيَّكَ الرَّفِيعَ،
حَمْداً يَكْمُلُ لَدَيْكَ ثَوَابُهُ، وَيَسْتَغْرِقُ كُلَّ جَزَآء جَزَآؤُهُ،
حَمْداً ظَاهِرُهُ وَفْقٌ لِبَاطِنِهِ، وَبَاطِنُهُ وَفْقٌ لِصِدْقِ النِّيَّةِ
فِيهِ، حَمْداً لَمْ يَحْمَدْكَ خَلْقٌ مِثْلَهُ، وَلاَ يَعْرِفُ أَحَدٌ سِوَاكَ
فَضْلَهُ، حَمْداً يُعَانُ مَنِ اجْتَهَدَ فِي تَعْدِيْدِهِ، وَيُؤَيَّدُ مَنْ
أَغْرَقَ نَزْعَاً فِي تَوْفِيَتِهِ، حَمْداً يَجْمَعُ مَا خَلَقْتَ مِنَ
الْحَمْدِ، وَيَنْتَظِمُ مَا أَنْتَ خَالِقُهُ مِنْ بَعْدُ، حَمْداً لاَ حَمْدَ
أَقْرَبُ إلَي قَوْلِكَ مِنْهُ، وَلاَ أَحْمَدَ مِمَّنْ يَحْمَدُكَ بِهِ، حَمْداً
يُوجِبُ بِكَرَمِكَ الْمَزِيدَ بِوُفُورِهِ، وَتَصِلُهُ بِمَزِيْد بَعْدَ مَزِيْد
طَوْلاً مِنْكَ، حَمْداً يَجِبُ لِكَرَمِ وَجْهِكَ، وَيُقَابِلُ عِزَّ جَلاَلِكَ.
رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد الْمُنْتَجَبِ، الْمُصْطَفَي،
الْمُكَرَّمِ، الْمُقَرَّبِ، أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ، وَبارِكْ عَلَيْهِ أَتَمَّ
بَرَكاتِكَ، وَتَرَحَّمْ عَلَيْهِ أَمْتَعَ رَحَمَاتِكَ. رَبِّ صَلِّ عَلَى
مُحَمَّد وَآلِهِ، صَلاَةً زَاكِيَةً، لاَ تَكُونُ صَلاَةٌ أَزْكَى مِنْهَا،
وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاَةً نَامِيَةً، لاَ تَكُونُ صَلاةٌ أَنْمَى مِنْهَا، وَصَلِّ
عَلَيْهِ صَلاةً رَاضِيَةً، لاَ تَكُونُ صَلاةٌ فَوْقَهَا. رَبِّ صَلِّ عَلَى
مُحَمَّد وَآلِهِ، صَلاَةً تُرْضِيهِ وَتَزِيدُ عَلَى رِضَاهُ، وَصَلِّ عَلَيْهِ
صَلاَةً تُرْضِيكَ وَتَزِيدُ عَلَى رِضَاكَ لَهُ، وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاَةً لاَ
تَرْضَى لَهُ إلاَّ بِهَا، وَلاَ تَري غَيْرَهُ لَهَا أَهْلاً. رَبِّ صَلِّ عَلَى
مُحَمَّد وَآلِهِ، صَلاَةً تُجَاوِزُ رِضْوَانَكَ، وَيَتَّصِلُ اتِّصَالُهَا
بِبَقَآئِكَ، وَلاَ يَنْفَدُ كَمَا لاَ تَنْفَدُ كَلِماتُكَ. رَبِّ صَلِّ عَلَى
مُحَمَّد وَآلِهِ صَلاَةً تَنْتَظِمُ صَلَوَاتِ مَلائِكَتِكَ وَأَنْبِيآئِكَ
وَرُسُلِكَ وَأَهْلِ طَاعَتِكَ. وَتَشْتَمِلُ عَلَى صَلَوَاتِ عِبَادِكَ مِنْ
جِنّكَ وَإنْسِكَ وَأَهْلِ إجَابَتِكَ، وَتَجْتَمِعُ عَلَى صَلاَةِ كُلِّ مَنْ
ذَرَأْتَ وَبَرَأْتَ مِنْ أَصْنَافِ خَلْقِكَ. رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وَآلِهِ
صَلاَةً تُحِيطُ بِكُلِّ صَلاَة سَالِفَة وَمُسْتَأْنَفَة، وَصَلِّ عَلَيْهِ
وَعَلَى آلِهِ صَلاَةً مَرْضِيَّةً لَكَ وَلِمَنْ دُونَكَ، وَتُنْشِئُ مَعَ ذَلِكَ
صَلَوَات تُضَاعِفُ مَعَهَا تِلْكَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَهَا، وَتَزِيدُهَا عَلَى
كُرُورِ الاَيَّامِ زِيَادَةً فِي تَضَاعِيفَ لاَ يَعُدُّهَا غَيْرُكَ. رَبِّ صَلِّ
عَلَى أَطَائِبِ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لاَِمْرِكَ،
وَجَعَلْتَهُمْ خَزَنَةَ عِلْمِكَ، وَحَفَظَةَ دِيْنِكَ، وَخُلَفَآءَكَ فِي
أَرْضِكَ، وَحُجَجَكَ عَلَى عِبَادِكَ، وَطَهَّرْتَهُمْ مِنَ الرِّجْسِ وَالدَّنَسِ
تَطْهِيراً بِإرَادَتِكَ، وَجَعَلْتَهُمْ الْوَسِيْلَةَ إلَيْكَ وَالْمَسْلَكَ إلَى
جَنَّتِكَ، رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ صَلاةً تُجْزِلُ لَهُمْ بِهَا مِنْ
تُحَفِكَ وَكَرَامَتِكَ، وَتُكْمِلُ لَهُمُ الاَشْيَآءَ مِنْ عَطَاياكَ
وَنَوَافِلِكَ، وَتُوَفِّرُ عَلَيْهِمُ الْحَظَّ مِنْ عَوَائِدِكَ وَفَوائِدِكَ.
رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ صَلاَةً لاَ أَمَدَ فِي أَوَّلِهَا، وَلاَ
غَايَةَ لاَِمَدِهَا، وَلاَ نِهَايَةَ لاِخِرِهَا. رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِمْ زِنَةَ
عَرْشِكَ وَمَا دُونَهُ، وَمِلءَ سَموَاتِكَ وَمَا فَوْقَهُنَّ، وَعَدَدَ
أَرَضِيْكَ، وَمَا تَحْتَهُنَّ، وَمَا بَيْنَهُنَّ، صَلاَةً تُقَرِّبُهُمْ مِنْكَ
زُلْفي وَتَكُونُ لَكَ وَلَهُمْ رِضَيً، وَمُتَّصِلَةٌ بِنَظَائِرِهِنَّ أَبَداً.
أللَّهُمَّ إنَّكَ أَيَّدْتَ دِينَكَ فِي كُلِّ أَوَان بِإمَام أَقَمْتَهُ عَلَماً
لِعِبَادِكَ وَّمَنارَاً فِي بِلاَدِكَ، بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ،
وَجَعَلْتَهُ الذَّرِيعَةَ إلَى رِضْوَانِكَ، وَافْتَرَضْتَ طَاعَتَهُ، وَحَذَّرْتَ
مَعْصِيَتَهُ، وَأَمَرْتَ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ (أوَاِمِرِه خل) وَالانْتِهَآءِ
عِنْدَ نَهْيِهِ، وَأَلاَّ يَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ، وَلاَ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ
مُتَأَخِّرٌ، فَهُوَ عِصْمَةُ اللاَّئِذِينَ، وَكَهْفُ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُرْوَةُ
الْمُتَمَسِّكِينَ، وَبَهَآءُ الْعَالَمِينَ. أللَّهُمَّ فَأَوْزِعْ لِوَلِيِّكَ
شُكْرَ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَوْزِعْنَا مِثْلَهُ فِيهِ، وَآتِهِ مِنْ
لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً، وَأَعِنْهُ
بِرُكْنِكَ الاعَزِّ، وَاشْدُدْ أَزْرَهُ، وَقَوِّ عَضُدَهُ، وَرَاعِهِ بِعَيْنِكَ،
وَاحْمِهِ بِحِفْظِكَ، وَانْصُرْهُ بِمَلائِكَتِكَ، وَامْدُدْهُ بِجُنْدِكَ
الاَغْلَبِ وَأَقِمْ بِهِ كِتَابَكَ وَحُدُودَكَ، وَشَرَائِعَكَ وَسُنَنَ رَسُولِكَ
صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَأَحْيِ بِهِ مَا أَمَاتَهُ
الظَّالِمُونَ مِنْ مَعَالِمِ دِينِكَ، وَاجْلُ بِهِ صَدَأَ الْجَوْرِ
عَنْ
طَرِيقَتِكَ، وَأَبِنْ بِهِ الضَّرَّآءَ مِنْ سَبِيلِكَ، وَأَزِلْ بِهِ
النَّاكِبِينَ عَنْ صِرَاطِكَ، وَامْحَقْ بِهِ بُغَاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً، وَأَلِنْ
جَانِبَهُ لاَِوْلِيَآئِكَ، وَابْسُطْ يَدَهُ عَلى أَعْدَائِكَ، وَهَبْ لَنا
رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَتَعَطُّفَهُ وَتَحَنُّنَهُ، وَاجْعَلْنَا لَهُ
سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، وَفِي رِضَاهُ سَاعِينَ، وَإلَي نُصْرَتِهِ
وَالْمُدَافَعَةِ عَنْهُ مُكْنِفِينَ، وَإلَيْكَ وَإلَي رَسُولِكَ صَلَواتُكَ
اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِذَلِكَ مُتَقَرِّبِينَ. أللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلى
أَوْلِيآئِهِمُ الْمُعْتَرِفِينَ بِمَقَامِهِمْ، الْمُتَّبِعِينَ مَنْهَجَهُمْ،
الْمُقْتَفِيْنَ آثَارَهُمْ، الْمُسْتَمْسِكِينَ بِعُرْوَتِهِمْ، الْمُتَمَسِّكِينَ
بِوَلاَيَتِهِمْ، الْمُؤْتَمِّينَ بِإمَامَتِهِمْ، الْمُسَلِّمِينَ لاَِمْرِهِمْ
الْمُجْتَهِدِيْنَ فِي طاعَتِهِمْ، الْمُنْتَظِرِيْنَ أَيَّامَهُمْ، الْمَادِّينَ
إلَيْهِمْ أَعْيُنَهُمْ، الصَّلَوَاتِ الْمُبَارَكَاتِ الزَّاكِيَاتِ النَّامِيَاتِ
الغَادِيَاتِ، الرَّائِماتِ. وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَرْوَاحِهِمْ،
وَاجْمَعْ عَلَى التَّقْوَي أَمْرَهُمْ، وَأَصْلِحْ لَهُمْ شُؤُونَهُمْ، وَتُبْ
عَلَيْهِمْ إنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ وَخَيْرُ الْغَافِرِينَ،
وَاجْعَلْنَا مَعَهُمْ فِي دَارِ السَّلاَمِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ
الرَّاحِمِينَ. أللَّهُمَّ هَذَا يَوْمُ عَرَفَةَ، يَوْمٌ شَرَّفْتَهُ
وَكَرَّمْتَهُ وَعَظَّمْتَهُ، نَشَرْتَ فِيهِ رَحْمَتَكَ، وَمَنَنْتَ فِيهِ
بِعَفْوِكَ وَأَجْزَلْتَ فِيهِ عَطِيَّتَكَ، وَتَفَضَّلْتَ بِهِ عَلَى عِبَادِكَ.
أللَّهُمَّ وَأَنَا عَبْدُكَ الَّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ قَبْلَ خَلْقِكَ لَهُ،
وَبَعْدَ خَلْقِكَ إيَّاهُ، فَجَعَلْتَهُ مِمَّنْ هَدَيْتَهُ لِدِينِكَ،
وَوَفَّقْتَهُ لِحَقِّكَ، وَعَصَمْتَهُ بِحَبْلِكَ، وَأَدْخَلْتَهُ فِيْ حِزْبِكَ،
وَأَرْشَدْتَهُ لِمُوَالاَةِ أَوْليآئِكَ، وَمُعَادَاةِ أَعْدَائِكَ، ثُمَّ
أَمَرْتَهُ فَلَمْ يَأْتَمِرْ، وَزَجَرْتَهُ فَلَمْ يَنْزَجِرْ، وَنَهَيْتَهُ عَنْ
مَعْصِيَتِكَ فَخَالَفَ أَمْرَكَ إلَي نَهْيِكَ، لاَ مُعَانَدَةً لَكَ وَلاَ
اسْتِكْبَاراً عَلَيْكَ، بَلْ دَعَاهُ هَوَاهُ إلَى مَا زَيَّلْتَهُ، وَإلَى مَا
حَذَّرْتَهُ، وَأَعَانَهُ عَلَى ذالِكَ عَدُوُّكَ وَعَدُوُّهُ، فَأَقْدَمَ عَلَيْهِ
عَارِفاً بِوَعِيْدِكَ، رَاجِياً لِعَفْوِكَ، وَاثِقاً بِتَجَاوُزِكَ، وَكَانَ
أَحَقَّ عِبَادِكَ ـ مَعَ مَا مَنَنْتَ عَلَيْهِ ـ أَلاَّ يَفْعَلَ، وَهَا أَنَا
ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ صَاغِراً، ذَلِيلاً، خَاضِعَاً، خَاشِعاً، خَائِفَاً،
مُعْتَرِفاً بِعَظِيم مِنَ الذُّنُوبِ تَحَمَّلْتُهُ، وَجَلِيْل مِنَ الْخَطَايَا
اجْتَرَمْتُهُ، مُسْتَجِيراً بِصَفْحِكَ، لائِذاً بِرَحْمَتِكَ، مُوقِناً أَنَّهُ
لاَ يُجِيرُنِي مِنْكَ مُجِيرٌ، وَلاَ يَمْنَعُنِي مِنْكَ مَانِعٌ. فَعُدْ عَلَيَّ
بِمَا تَعُودُ بِهِ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ مِنْ تَغَمُّدِكَ، وَجُدْ عَلَيَّ بِمَا
تَجُودُ بِهِ عَلَى مَنْ أَلْقَي بِيَدِهِ إلَيْكَ مِنْ عَفْوِكَ، وَامْنُنْ
عَلَيَّ بِمَا لاَ يَتَعَاظَمُكَ أَنْ تَمُنَّ بِهِ عَلَى مَنْ أَمَّلَكَ مِنْ
غُفْرَانِكَ، وَاجْعَلْ لِي فِي هَذَا الْيَوْمِ نَصِيباً أَنَالُ بِهِ حَظّاً مِنْ
رِضْوَانِكَ، وَلاَ تَرُدَّنِي صِفْراً مِمَّا يَنْقَلِبُ بِهِ الْمُتَعَبِّدُونَ
لَكَ مِنْ عِبَادِكَ، وَإنِّي وَإنْ لَمْ أُقَدِّمْ مَا قَدَّمُوهُ مِنَ
الصَّالِحَاتِ، فَقَد قَدَّمْتُ تَوْحِيدَكَ، وَنَفْيَ الاَضْدَادِ وَالاَنْدَادِ
وَالاشْبَاهِ عَنْكَ، وَأَتَيْتُكَ مِنَ الاَبْوَابِ الَّتِي أَمَرْتَ أَنْ تُؤْتي
مِنْها، وَتَقَرَّبْتُ إلَيْكَ بِمَا لاَ يَقْرُبُ بِهِ، أَحَدٌ مِنْكَ إلاَّ
بِالتَّقَرُّبِ بِهِ ثُمَّ أَتْبَعْتُ ذلِكَ بِالاِنابَةِ إلَيْكَ، وَالتَّذَلُّلِ
وَالاسْتِكَانَةِ لَكَ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِكَ، وَالثِّقَةِ بِمَا عِنْدَكَ،
وَشَفَعْتُهُ بِرَجآئِكَ الَّذِي قَلَّ مَا يَخِيبُ عَلَيْهِ رَاجِيْكَ،
وَسَأَلْتُكَ مَسْأَلَةَ الْحَقِيرِ الذّلِيلِ الْبَائِسِ الْفَقِيْرِ الْخَائِفِ
الْمُسْتَجِيرِ، وَمَعَ ذَلِكَ خِيفَةً وَتَضَرُّعاً وَتَعَوُّذاً وَتَلَوُّذاً،
لاَ مُسْتَطِيلاً بِتَكبُّرِ الْمُتَكَبِّرِينَ، وَلاَ مُتَعَالِياً بِدالَّةِ
الْمُطِيعِينَ، وَلاَ مُسْتَطِيلاً بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ، وَأَنَا بَعْدُ
أَقَلُّ الاَقَلِّيْنَ، وَأَذَلُّ الاَذَلِّينَ، وَمِثْلُ الذَّرَّةِ أَوْ
دُونَهَا. فَيَا مَنْ لَمْ يَعَاجِلِ الْمُسِيئِينَ، وَلاَ يَنْدَهُ
الْمُتْرَفِينَ، وَيَا مَنْ يَمُنُّ بِإقَالَةِ الْعَاثِرِينَ، وَيَتَفَضَّلُ
بإنْظَارِ الْخَاطِئِينَ، أَنَا الْمُسِيءُ الْمُعْتَرِفُ الْخَاطِئُ الْعَاثِرُ،
أَنَا الَّذِيْ أَقْدَمَ عَلَيْكَ مُجْتَرِئاً، أَنَا الَّذِي عَصَاكَ
مُتَعَمِّداً، أَنَا الَّذِي اسْتَخْفي مِنْ عِبَادِكَ وَبَارَزَكَ، أَنَا الَّذِي
هَابَ عِبَادَكَ وَأَمِنَكَ أَنَا الَّذِي لَمْ يَرْهَبْ سَطْوَتَكَ وَلَمْ يَخَفْ
بَأْسَكَ أَنَا الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ، أَنَا الْمُرْتَهَنُ بِبَلِيَّتِهِ،
أَنَا الْقَلِيلُ الْحَيَاءِ، أَنَا الطَّوِيلُ الْعَنآءِ، بِحَقِّ مَنِ
انْتَجَبْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَبِمَنِ اصْطَفَيْتَهُ لِنَفْسِكَ، بِحَقِّ مَنِ
اخْتَرْتَ مِنْ بَريَّتِكَ، وَمَنِ اجْتَبَيْتَ لِشَأْنِكَ، بِحَقِّ مَنْ وَصَلْتَ
طَاعَتَهُ بِطَاعَتِكَ، وَمَنْ جَعَلْتَ مَعْصِيَتَهُ كَمَعْصِيَتِكَ بِحَقِّ مَنْ
قَرَنْتَ مُوَالاَتَهُ بِمُوالاتِكَ، وَمَنْ نُطْتَ مُعَادَاتَهُ بِمُعَادَاتِكَ.
تَغَمَّدْنِي فِي يَوْمِيَ هَذَا بِمَا تَتَغَمَّدُ بِهِ مَنْ جَارَ إلَيْكَ
مُتَنَصِّلاً، وَعَاذَ بِاسْتِغْفَارِكَ تَائِباً، وَتَوَلَّنِي بِمَا تَتَوَلَّى
بِهِ أَهْلَ طَاعَتِكَ، وَالزُّلْفَى لَدَيْكَ، وَالْمَكَانَةِ مِنْكَ،
وَتَوَحَّدْنِي بِمَا تَتَوَحَّدُ بِهِ مَنْ وَفي بِعَهْدِكَ، وَأَتْعَبَ نَفْسَهُ
فِيْ ذَاتِكَ، وَأَجْهَدَهَا فِي مَرْضَاتِكَ، وَلاَ تُؤَاخِذْنِي بِتَفْرِيطِيْ
فِي جَنْبِكَ، وَتَعَدِّي طَوْرِيْ فِي حُدودِكَ، وَمُجَاوَزَةِ أَحْكَامِكَ. وَلاَ
تَسْتَدْرِجْنِي بِإمْلائِكَ لِي اسْتِدْرَاجَ مَنْ مَنَعَنِي خَيْرَ مَا عِنْدَهُ،
وَلَمْ يَشْرَكْكَ فِي حُلُولِ نِعْمَتِهِ بِي، وَنَبِّهْنِي مِنْ رَقْدَةِ
الْغَافِلِينَ، وَسِنَةِ الْمُسْرِفِينَ، وَنَعْسَةِ الْمَخْذُولِينَ. وَخُذْ
بِقَلْبِي إلَى مَا اسْتَعْمَلْتَ بِهِ القَانِتِيْنَ، وَاسْتَعْبَدْتَ بِهِ
الْمُتَعَبِّدِينَ، وَاسْتَنْقَذْتَ بِهِ الْمُتَهَاوِنِينَ، وَأَعِذْنِي مِمَّا
يُبَاعِدُنِي عَنْكَ، وَيَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ حَظِّي مِنْكَ، وَيَصُدُّنِي
عَمَّا أُحَاوِلُ لَدَيْكَ. وَسَهِّلْ لِي مَسْلَكَ الْخَيْرَاتِ إلَيْكَ،
وَالْمُسَابَقَةِ إلَيْهَا مِنْ حَيْثُ أَمَرْتَ، وَالْمُشَاحَّةَ فِيهَا عَلَى مَا
أَرَدْتَ. وَلاَ تَمْحَقْنِي فِيمَنْ تَمْحَقُ مِنَ الْمُسْتَخِفِّينَ بِمَا
أَوْعَدْتَ، وَلاَ تُهْلِكْنِي مَعَ مَنْ تُهْلِكُ مِنَ الْمُتَعَرِّضِينَ
لِمَقْتِكَ، وَلاَ تُتَبِّرْني فِيمَنْ تُتَبِّرُ مِنَ الْمُنْحَرِفِينَ عَنْ
سُبُلِكَ. وَنَجِّنِيْ مِنْ غَمَرَاتِ الْفِتْنَةِ، وَخَلِّصْنِي مِنْ لَهَوَاتِ
الْبَلْوى، وَأَجِرْنِي مِنْ أَخْذِ الاِمْلاءِ، وَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ عَدُوٍّ
يُضِلُّنِي، وَهَويً يُوبِقُنِي، وَمَنْقَصَة تَرْهَقُنِي. وَلاَ تُعْرِضْ عَنِّي
إعْرَاضَ مَنْ لاَ تَرْضَي عَنْهُ بَعْدَ غَضَبِكَ، وَلاَ تُؤْيِسْنِي مِنَ الامَلِ
فِيكَ، فَيَغْلِبَ عَلَيَّ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلاَ تَمْنَحْنِي بِمَا
لاَ طَاقَةَ لِيْ بِهِ، فَتَبْهَظَنِي مِمَّا تُحَمِّلُنِيهِ مِنْ فَضْلِ
مَحَبَّتِكَ، وَلاَ تُرْسِلْنِي مِنْ يَدِكَ إرْسَالَ مَنْ لاَ خَيْرَ فِيهِ، وَلاَ
حَاجَةَ بِكَ إلَيْهِ، وَلاَ إنابَةَ لَهُ، وَلاَ تَرْمِ بِيَ رَمْيَ مَنْ سَقَطَ
مِنْ عَيْنِ رِعَايَتِكَ، وَمَنِ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْخِزْيُ مِنْ عِنْدِكَ، بَلْ
خُذْ بِيَدِيْ مِنْ سَقْطَةِ الْمُتَرَدِّدِينَ، وَوَهْلَةِ الْمُتَعَسِّفِيْنَ،
وَزَلّةِ الْمَغْرُورِينَ، وَوَرْطَةِ الْهَالِكِينَ. وَعَافِنِي مِمَّا
ابْتَلَيْتَ بِهِ طَبَقَاتِ عَبِيدِكَ وَإمآئِكَ، وَبَلِّغْنِي مَبَالِغَ مَنْ
عُنِيتَ بِهِ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ، وَرَضِيتَ عَنْهُ، فَأَعَشْتَهُ حَمِيداً،
وَتَوَفَّيْتَهُ سَعِيداً، وَطَوِّقْنِي طَوْقَ الاِقْلاَعِ عَمَّا يُحْبِطُ
الْحَسَنَاتِ، وَيَذْهَبُ بِالْبَرَكَاتِ، وَأَشْعِرْ قَلْبِيَ الازْدِجَارَ عَنْ
قَبَائِحِ السَّيِّئاتِ، وَفَوَاضِحِ الْحَوْبَاتِ، وَلاَ تَشْغَلْنِي بِمَا لاَ
أُدْرِكُهُ إلاَّ بِكَ عَمَّا لا َ يُرْضِيْكَ عَنِّي غَيْرُهُ، وَانْزَعْ مِنْ
قَلْبِي حُبَّ دُنْيَا دَنِيَّة تَنْهى عَمَّا عِنْدَكَ، وَتَصُدُّ عَنِ ابْتِغَآءِ
الْوَسِيلَةِ إلَيْكَ، وَتُذْهِلُ عَنِ التَّقَرُبِ مِنْكَ، وَزَيِّنَ لِيَ
التَّفَرُّدَ بِمُنَاجَاتِكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَهَبْ لِي عِصْمَةً
تُدْنِينِي مِنْ خَشْيَتِكَ، وَتَقْطَعُنِي عَنْ رُكُوبِ مَحَارِمكَ، وَتَفُكُّنِي
مِنْ أَسْرِ الْعَظَائِمِ، وَهَبْ لِي التَّطْهِيرَ مِنْ دَنَسِ الْعِصْيَانِ،
وَأَذْهِبْ عَنِّي دَرَنَ الْخَطَايَا، وَسَرْبِلْنِي بِسِرْبالِ عَافِيَتِكَ،
وَرَدِّنِي رِدَآءَ مُعَافاتِكَ، وَجَلِّلْنِي سَوابِغَ نَعْمَائِكَ، وَظَاهِرْ
لَدَيَّ فَضْلَكَ وَطَوْلَكَ، وَأَيْدْنِي بِتَوْفِيقِكَ وَتَسْدِيْدِكَ،
وَأَعِنِّي عَلَى صالِحِ النِّيَّةِ وَمَرْضِيِّ الْقَوْلِ وَمُسْتَحْسَنِ
الْعَمَلِ. وَلاَ تَكِلْنِي إلَي حَوْلِي وَقُوَّتِي دُونَ حَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ،
وَلاَ تَخْزِنِي يَوْمَ تَبْعَثُنِي لِلِقائِكَ، وَلاَ تَفْضَحْنِي بَيْنَ يَدَيْ
أَوْلِياِئكَ، وَلاَ تُنْسِنِي ذِكْرَكَ، وَلاَ تُذْهِبْ عَنِّي شُكْرَكَ، بَلْ
أَلْزِمْنِيهِ فِي أَحْوَالِ السَّهْوِ عِنْدَ غَفَلاَتِ الْجَاهِلِينَ لاِلائِكَ،
وَأَوْزِعْنِي أَنْ أُثْنِيَ بِمَا أَوْلَيْتَنِيهِ، وَأَعْتَرِفِ بِمَا
أَسْدَيْتَهُ إلَيَّ، وَاجْعَلْ رَغْبَتِي إلَيْكَ فَوْقَ رَغْبَةِ الْرَّاغِبِينَ،
وَحَمْدِي إيَّاكَ فَوْقَ حَمْدِ الْحَامِدِيْنَ، وَلاَ تَخْذُلْنِي عِنْدَ فاقَتِي
إلَيْكَ، وَلاَ تُهْلِكْنِي بِمَا أَسْدَيْتُهُ إلَيْكَ، وَلاَ تَجْبَهْنِي بِمَا
جَبَهْتَ بِهِ الْمَعَانِدِينَ لَكَ، فَإنِّي لَكَ مُسَلِّمٌ، أَعْلَمُ أَنَّ
الْحُجَّةَ لَكَ، وَأَنَّكَ أَوْلَي بِالْفَضْلِ، وَأَعْوَدُ بِالاحْسَانِ،
وَأَهْلُ التَّقْوَي، وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، وَأَنَّكَ بِأَنْ تَعْفُوَ أَوْلَي
مِنْكَ بِأَنْ تُعَاقِبَ، وَأَنَّكَ بِأَنْ تَسْتُرَ أَقْرَبُ مِنْكَ إلَي أنْ
تَشْهَرَ، فَأَحْيِنِي حَياةً طَيِّبَةً تَنْتَظِمُ بِما أُرِيدُ وَتَبْلُغُ مَا
أُحِبُّ مِنْ حَيْثُ لاَ آتِي مَا تَكْرَهُ وَلاَ أَرْتَكِبُ مَا نَهَيْتَ عَنْهُ،
وَأَمِتْنِي مِيْتَةَ مَنْ يَسْعَي نُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَعَنْ يِمِيِنهِ،
وَذَلِّلْنِي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَأَعِزَّنِيْ عِنْدَ خَلْقِكَ، وَضَعْنِي إذَا
خَلَوْتُ بِكَ، وَارْفَعْنِي بَيْنَ عِبادِكَ، وَأَغْنِنِي عَمَّنْ هُوَ غَنِيٌّ
عَنِّي، وَزِدْنِي إلَيْكَ فَاقَةً وَفَقْراً، وَأَعِذْنِي مِنْ شَمَاتَةِ
الاَعْدَاءِ، وَمِنْ حُلُولِ الْبَلاءِ، وَمِنَ الذُّلِّ وَالْعَنَآءِ،
تَغَمَّدْنِي فِيمَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي بِمَا يَتَغَمَّدُ بِهِ الْقَادِرُ
عَلَى الْبَطْشِ لَوْلاَ حِلْمُهُ، وَالاخِذُ عَلَى الْجَرِيرَةِ لَوْلاَ أَناتُهُ،
وَإذَا أَرَدْتَ بِقَوْم فِتْنَةً أَوْ سُوءً فَنَجِّنِي مِنْهَا لِواذاً بِكَ،
وَإذْ لَمْ تُقِمْنِي مَقَامَ فَضِيحَة فِي دُنْيَاكَ فَلاَ تُقِمْنِي مِثْلَهُ
فِيْ آخِرَتِكَ، وَاشْفَعْ لِي أَوَائِلَ مِنَنِكَ بِأَوَاخِرِهَا، وَقَدِيمَ
فَوَائِدِكَ بِحَوَادِثِهَا. وَلاَ تَمْدُدْ لِيَ مَدّاً يَقْسُو مَعَهُ قَلْبِي،
وَلاَ تَقْرَعْنِي قَارِعَةً يَذْهَبُ لَها بَهَآئِي، وَلاَ تَسُمْنِي خَسِيْسَةً
يَصْغُرُ لَهَا قَدْرِي، وَلاَ نَقِيصَةً يُجْهَلُ مِنْ أَجْلِهَا مَكَانِي، وَلاَ
تَرُعْنِي رَوْعَةً أُبْلِسُ بِهَ،ا وَلاَ خِيْفةً أوجِسُ دُونَهَا.اجْعَلْ
هَيْبَتِي في وَعِيدِكَ، وَحَذَرِي مِنْ إعْذارِكَ وَإنْذَارِكَ، وَرَهْبَتِي
عِنْدَ تِلاَوَةِ آياتِكَ، وَاعْمُرْ لَيْلِي بِإيقَاظِي فِيهِ لِعِبَادَتِكَ،
وَتَفَرُّدِي بِالتَّهَجُّدِ لَكَ، وَتَجَرُّدِي بِسُكُونِي إلَيْكَ، وَإنْزَالِ
حَوَائِجِي بِكَ، وَمُنَازَلَتِي إيَّاكَ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِي مِنْ نَارِكَ،
وَإجَارَتِي مِمَّا فِيهِ أَهْلُهَا مِنْ عَذَابِكَ. وَلاَ تَذَرْنِي فِي
طُغْيَانِي عَامِهاً، وَلاَ فِي غَمْرَتِي سَاهِياً حَتَّي حِين، وَلاَ تَجْعَلْنِي
عِظَةً لِمَنِ اتَّعَظَ، وَلاَ نَكَالاً لِمَنِ اعْتَبَرَ، وَلاَ فِتْنَةً لِمَن
نَظَرَ، وَلاَ تَمْكُرْ بِيَ فِيمَنْ تَمْكُرُ بِهِ، وَلاَ تَسْتَبْدِلْ بِيَ
غَيْرِي، وَلاَ تُغَيِّرْ لِيْ إسْماً، وَلاَ تُبدِّلْ لِي جِسْماً، وَلاَ
تَتَّخِذْنِي هُزُوَاً لِخَلْقِكَ، وَلاَ سُخْرِيّاً لَكَ، وَلاَ تَبَعاً إلاَّ
لِمَرْضَاتِكَ، وَلاَ مُمْتَهَناً إلاَّ بِالانْتِقَامِ لَكَ، وَأَوْجِدْنِي بَرْدَ
عَفْوِكَ، و حَلاَوَةَ رَحْمَتِكَ وَرَوْحِكَ وَرَيْحَانِكَ وَجَنَّةِ نَعِيْمِكَ،
وَأَذِقْنِي طَعْمَ الْفَرَاغِ لِمَا تُحِبُّ بِسَعَة مِنْ سَعَتِكَ،
وَالاجْتِهَادِ فِيمَا يُزْلِفُ لَدَيْكَ وَعِنْدَك، وَأَتْحِفْنِي بِتُحْفَة مِنْ
تُحَفَاتِكَ، وَاجْعَلْ تِجَارَتِي رَابِحَةً، وَكَرَّتِي غَيْرَ خَاسِرَة،
وَأَخِفْنِي مَقَامَكَ، وَشَوِّقْنِي لِقاءَكَ، وَتُبْ عَلَيَّ تَوْبَةً نَصُوحاً
لاَ تُبْقِ مَعَهَا ذُنُوباً صِغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً، وَلاَ تَذَرْ مَعَهَا
عَلاَنِيَةً وَلاَ سَرِيرَةً، وَانْزَعِ الْغِلَّ مِنْ صَدْرِي لِلْمُؤْمِنِينَ،
وَاعْطِفْ بِقَلْبِي عَلَى الْخَاشِعِيْنَ، وَكُنْ لِي كَمَا تَكُونُ
لِلصَّالِحِينَ، وَحَلِّنِي حِلْيَةَ الْمُتَّقِينَ، وَاجْعَلْ لِيَ لِسَانَ صِدْق
فِي الْغَابِرِيْنَ، وَذِكْراً نامِياً فِي الاخِرِينَ، وَوَافِ بِيَ عَرْصَةَ
الاَوَّلِينَ، وَتَمِّمْ سُبُوغَ نِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَظَاهِرْ كَرَامَاتِهَا
لَدَيَّ، امْلاْ مِنْ فَوَائِدِكَ يَدَيَّ، وَسُقْ كَرَائِمَ مَوَاهِبِكَ إلَيَّ،
وَجَاوِرْ بِيَ الاَطْيَبِينَ مِنْ أَوْلِيَآئِكَ فِي الْجِنَاْنِ الَّتِي
زَيَّنْتَهَا لاَِصْفِيآئِكَ، وَجَلِّلْنِي شَرَآئِفَ نِحَلِكَ فِي الْمَقَامَاتِ
الْمُعَدَّةِ لاَِحِبَّائِكَ، وَاجْعَلْ لِيَ عِنْدَكَ مَقِيْلاً آوِي إلَيْهِ
مُطْمَئِنّاً، وَمَثابَةً أَتَبَوَّأُهَا وَأَقَرُّ عَيْناً. وَلاَ تُقَايِسْنِي
بِعَظِيمَاتِ الْجَرَائِرِ، وَلاَ تُهْلِكْنِي يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ،
وَأَزِلْ عَنِّي كُلَّ شَكٍّ وَشُبْهَة، وَاجْعَلْ لِي فِي الْحَقِّ طَرِيقاً مِنْ
كُلِّ رَحْمَة، وأَجْزِلْ لِي قِسَمَ الْمَواهِبِ مِنْ نَوَالِكَ، وَوَفِّرْ
عَلَيَّ حُظُوظَ الاِحْسَانِ مِنْ إفْضَالِكَ، وَاجْعَلْ قَلْبِي وَاثِقاً بِمَا
عِنْدَكَ، وَهَمِّيَ مُسْتَفْرَغاً لِمَا هُوَ لَكَ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِما
تَسْتَعْمِلُ بِهِ خَالِصَتَكَ، وَأَشْرِبْ قَلْبِي عِنْدَ ذُهُولِ العُقُولِ
طَاعَتَكَ، وَاجْمَعْ لِي الْغِنى، وَالْعَفَافَ، وَالدَّعَةَ، وَالْمُعَافَاةَ،
وَالصِّحَّةَ، وَالسَّعَةَ، وَالطُّمَأْنِيْنَةَ، وَالْعَافِيَةَ، وَلاَ تُحْبِطْ
حَسَنَاتِي بِمَا يَشُوبُهَا مِنْ
مَعْصِيَتِكَ، وَلاَ خَلَواتِي بِمَا
يَعْرِضُ لِيَ مِنْ نَزَغَاتِ فِتْنَتِكَ، وَصُنْ وَجْهِي عَنِ الطَّلَبِ إلَي
أَحَد مِنَ الْعَالَمِينَ، وَذُبَّنِي عَنِ التِماسِ مَا عِنْدَ الفَاسِقِينَ،
وَلاَ تَجْعَلْنِي لِلظَّالِمِينَ ظَهِيراً، وَلاَ لَهُمْ عَلى مَحْوِ كِتَابِكَ
يَداً وَنَصِيراً، وَحُطْنِي مِنْ حَيْثُ لاَ أَعْلَمُ حِيَاطَةً تَقِيْنِي بِهَا،
وَافْتَحْ لِيَ أَبْوَابَ تَوْبَتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَرَأْفَتِكَ وَرِزْقِكَ
الواسِعِ، إنِّي إلَيْكَ مِنَ الرَّاغِبِينَ، وَأَتْمِمْ لِي إنْعَامَكَ، إنَّكَ
خَيْرُ الْمُنْعِمِيْنَ، وَاجْعَلْ باقِيَ عُمْرِيْ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
ابْتِغَآءَ وَجْهِكَ يَاربَّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ
الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَالسَّلاَمُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَبَدَ الابِدِين
.
4 ـ دعاء الإمام الحسين (ع) في يوم عرفة
روي أن بشراً وبشيراً ولدا غالب
الأسدي قالا: لمّا كان عصر عرفة في عرفات، وكنّا عند أبي عبد الله الحسين عليه
السلام، خرج عليه السلام من خيمته مع جماعة من أهل بيته وأولاده وشيعته بحال
التذلّل والخشوع والاستكانة، فوقف في الجانب الايسر من الجبل، وتوجّه إلي الكعبة،
ورفع يديه قبالة وجهه كمسكين يطلب طعاما، وقرأ هذا الدعاء:
اَلْحَمْدُ للهِ
الَّذي لَيْسَ لِقَضآئِهِ دافِعٌ، وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ، وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ
صانِعٍ، وَهُوَ الْجَوادُ الْواسِعُ، فَطَرَ اَجْناسَ الْبَدائِعِ، واَتْقَنَ
بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعَ، لا تَخْفي عَلَيْهِ الطَّلائِعُ، وَلا تَضيعُ عِنْدَهُ
الْوَدائِعُ، جازى كُلِّ صانِعٍ، وَرائِشُ كُلِّ قانعٍ، وَراحِمُ كُلِّ ضارِعٍ،
وَمُنْزِلُ الْمَنافِعِ وَالْكِتابِ الْجامِعِ، بِالنُّورِ السّاطِعِ، وَهُو
لِلدَّعَواتِ سامِعٌ، وَلِلْكُرُباتِ دافِعٌ، وَلِلدَّرَجاتِ رافِعٌ،
وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ، فَلا اِلهَ غَيْرُهُ، وَلا شيءَ يَعْدِلُهُ، وَلَيْسَ
كَمِثْلِهِ شيءٌ، وَهُو السَّميعُ الْبَصيرُ، اللَّطيفُ الْخَبيرُ، وَهُو عَلى
كُلِّ شيءٍ قَديرٌ، اَللّهُمَّ اِنّي اَرْغَبُ إِلَيْكَ، وَاَشْهَدُ
بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ، مُقِرّاً بِاَنَّكَ رَبّي، وأنّ اِلَيْكَ مَرَدّي،
اِبْتَدَأتَني بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ اَنْ اَكُونَ شَيْئا ًمَذكوراً، وَخَلَقْتَني
مِنَ التُّرابِ، ثُمَّ اَسْكَنْتَنِي الاْصْلابَ، آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ،
وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ والسِّنينَ، فَلَمْ اَزَلْ ظاعِناً مِنْ صُلْبٍ اِلي
رَحِمٍ، في تَقادُمٍ مِنَ الايّامِ الْماضِيَةِ وَالْقُرُونِ الْخالِيَةِ، لَمْ
تُخْرِجْني لِرَأفَتِكَ بي، وَلُطْفِكَ لي، وَاِحْسانِكَ اِلَيَّ، في دَوْلَةِ
اَئِمَّةِ الْكُفْرِ، الَّذينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لكِنَّكَ
اَخْرَجْتَني للَّذي سَبَقَ لي مِنَ الْهُدي الَّذي لَهُ يَسَّرْتَني، وَفيهِ
اَنْشَأْتَني، وَمِنْ قَبْلِ ذلك رَؤُفْتَ بي،بِجَميلِ صُنْعِكَ، وَسَوابِغِ
نِعَمِكَ، فابْتَدَعْتَ خَلْقي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى، وَاَسْكَنْتَني في ظُلُماتٍ
ثَلاثٍ، بَيْنَ لَحْمٍ وَدَمٍ وَجِلْدٍ، لَمْ تُشْهِدْني خَلْقي، وَلَمْ تَجْعَلْ
اِلَيَّ شَيْئاً مِنْ اَمْري، ثُمَّ اَخْرَجْتَني لِلَّذي سَبَقَ لي مِنَ الْهُدي
اِلَى الدُّنْيا تآمّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَني فِي الْمَهْدِ طِفْلاً صَبِيّاً،
وَرَزَقْتَني مِنَ الْغِذآءِ لَبَناً مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ
الْحَواضِنِ، وَكَفَّلْتَنِي الامَّهاتِ الرَّواحِمَ، وَكَلاَْتَني مِنْ طَوارِقِ
الْجآنِّ، وَسَلَّمْتَني مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ، فَتَعالَيْتَ يا رَحيمُ
يا رَحْمنُ، حتّى اِذَا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالْكَلامِ، اَتْمَمْتَ عَلَيَّ
سَوابِغَ الاِنْعامِ، وَرَبَّيْتَني زايِداً في كُلِّ عامٍ، حَتّي إذَا اكْتَمَلَتْ
فِطْرَتي، وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتي، اَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَتَّكَ، بِاَنْ
اَلْهَمْتَني مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَني بِعَجائِبِ حِكْمَتِكَ، وَاَيْقَظْتَني
لِما ذَرَأتَ في سَمآئِكَ وَاَرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَني
لِشُكْرِكَ، وَذِكْرِكَ، وَاَوجَبْتَ عَلَيَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ، وَفَهَّمْتَني
ما جاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لي تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَيَّ
في جَميعِ ذلِكَ بِعَونِكَ وَلُطْفِكَ، ثُمَّ اِذْ خَلَقْتَني مِنْ خَيْرِ الثَّري،
لَمْ تَرْضَ لي يا اِلهي نِعْمَةً دُونَ اُخري، وَرَزَقْتَني مِنْ اَنواعِ
الْمَعاشِ وَصُنُوفِ الرِّياشِ،بِمَنِّكَ الْعَظيمِ الاعْظَمِ عَلَيَّ،
وَاِحْسانِكَ الْقَديمِ اِلَيَّ، حَتّي اِذا اَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَميعَ النِّعَم
وَصَرَفْتَ عَنّي كُلَّ النِّقَم لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلي وَجُرْأَتي عَلَيْكَ اَنْ
دَلَلْتَني اِلي ما يُقَرِّبُني اِلَيْكَ، وَوفَّقْتَني لِما يُزْلِفُني لَدَيْكَ،
فَاِنْ دَعْوَتُكَ اَجَبْتَني، وَاِنْ سَأَلْتُكَ اَعْطَيْتَني، وَاِنْ اَطَعْتُكَ
شَكَرْتَني، وَاِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَني، كُلُّ ذلِكَ اِكْمالٌ لاََِنْعُمِكَ
عَلَيَّ، وَاِحْسانِكَ اِلَيَّ، فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ، مِنْ مُبْديًٍَ مُعيدٍ،
حَميدٍ مجيدٍ، وتَقَدَّسَتْ اَسْمآؤُكَ، وَعَظُمَتْ آلاَؤُكَ، فَأَيُّ نِعَمِكَ يا
اِلهي اُحْصي عَدَداً وَذِكْراً، أَمْ اَيُّ عَطاياكَ أَقُومُ بِها شُكْراً، وَهِيَ
يا رَبِّ اَكْثرُ مِنْ اَنْ يُحْصِيَهَا الْعآدّوُنَ، أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا
الْحافِظُونَ، ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنّي اَللّهُمَّ مِنَ الضُرِّ
وَالضَّرّآءِ، أَكْثَرَ مِمّا ظَهَرَ لي مِنَ الْعافِيَةِ وَالسَّرّآءِ، وَاَنَا
اَشْهَدُ يا اِلهي بِحَقيقَةِ ايماني، وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقيني، وَخالِصِ صَريحِ
تَوْحيدي، وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَميري، وَعَلائِقِ مَجاري نُورِ بَصَري، وَاَساريرِ
صَفْحَةِ جَبيني، وَخُرْقِ مَسارِبِ نَفْسي، وَخَذاريفِ مارِنِ عِرْنَيني،
وَمَسارِبِ سِماخِ سَمْعي، وَما ضُمَّتْ وَاَطبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتايَ، وَحرِكاتِ
لَفظِ لِساني، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمي وَفَكّي، وَمَنابِتِ اَضْراسي، وَمَساغِ
مَطْعَمي وَمَشْرَبي، وَحِمالَةِ اُمِّ رَأْسي، وَبُلُوغِ فارِغِ حبائِلِ عُنُقي،
وَمَا اشْتَمَلَ عَليْهِ تامُورُ صَدري، وَحمائِلِ حَبْلِ وَتيني، وَنِياطِ حِجابِ
قَلْبي، وَأَفْلاذِ حَواشي كَبِدي، وَما حَوَتْهُ شَراسيفُ اَضْلاعي، وَحِقاقُ
مَفاصِلي، وَقَبضُ عَوامِلي، وَاَطرافُ اَنامِلي وَلَحْمي وَدَمي، وَشَعْري
وَبَشَري، وَعَصَبي وَقَصَبي، وَعِظامي وَمُخّي وَعُرُوقي، وَجَميعُ جَوارِحي،
وَمَا انْتَسَجَ عَلى ذلِكَ اَيّامَ رَِضاعي، وَما اَقلَّتِ الأّرْضُ مِنّي،
وَنَوْمي وَيقَظَتي وَسُكُوني وَحرَكاتِ رُكُوعي وَسُجُودي، اَنْ لَوْ حاوَلْتُ
وَاجْتَهَدْتُ مَدَي الاعصارِ وَالاحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها اَنْ أُؤَدّيَ شُكْرَ
واحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ،مَا اسْتَطَعْتُ ذلِكَ اِلاّ بِمَنِّكَ،الْمُوجَبِ
عَلَيَّ بِهِ شُكْرَكَ اَبَداً جَديداً، وَثَنآءً طارِفاً عَتيداً، اَجَلْ وَلوْ
حَرَصْتُ اَنَا وَالْعآدُّونَ مِنْ اَنامِكَ، أَنْ نُحْصِيَ مَدي اِنْعامِكَ،
سالِفِهِ وَآنِفِهِ ما حَصَرْناهُ عَدَداً، وَلا اَحْصَيناهُ اَمَداً، هَيْهاتَ
أنّي ذلِكَ وَاَنْتَ الُمخْبِرُ في كِتابِكَ النّاطِقِ، وَالنَّبَأِ الصّادِقِ،
وَاِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها، صَدَقَ كِتابُكَ اَللّهُمَّ
وَاِنْبآؤُكَ، وَبَلَّغَتْ اَنْبِيآؤُكَ وَرُسُلُكَ، ما اَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ
وَحْيِكَ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دينِكَ، غَيْرَ أَنّي يا اِلهي اَشْهَدُ
بِحهْدي وَجِدّي، وَمَبْلَغِ طاعَتي وَوُسْعي، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً،
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَُ مَوْرُوثاً، وَلَمْ
يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في مُلْكِهِ فَيُضآدهُ فيَما ابْتَدَعَ، وَلا وَلِيٌّ مِنَ
الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فيما صَنَعَ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ لَوْ كانَ فيهِما
آلِهَةٌ اِلاَّ الله لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا، سُبْحانَ اللهِ الْواحِدِ الاحَدِ
الصَّمَدِ الَّذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً اَحَدٌ،
اَلْحَمْدُ للهِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلاَئِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ،
وَاَنْبِيآئِهِ الْمُرْسَلينَ، وَصَلَّي اللهُ عَلى خِيَرَتِهِ مُحَمَّدٍ خاتَمِ
النَّبِيّينَ، وَآلِهِ الطَّيِبينَ الطّاهِرينَ المخلَصينَ وَسَلَّمَ .
ثمّ اندفع في المسألة والدعاء وقال وعيناه سالتا دموعاً:
اَللّهُمَّ
اجْعَلْني اَخْشاكَ كَاُنّي اَراكَ، وَاَسْعِدْني بِتَقويكَ، وَلا تُشْقِني
بِمَعْصِيَتِكَ، وَخِرْلي في قَضآئِكَ، وَبارِكْ لي في قَدَرِكَ، حَتّى لا أُحِبَّ
تَعْجيلَ ما اَخَّرْتَ وَلا تَأخيرَ ما عَجَّلْتَ، اَللّهُمَّ اجْعَلْ غِنايَ في
نَفْسي، وَالْيَقينَ في قَلْبي، وَالإخْلاصَ في عَمَلي، وَالنُّورَ في بَصَري،
وَالْبَصيرَةَ في ديني، وَمَتِّعْني بِجَوارِحي، وَاجْعَلْ سَمْعي وَبَصَريَ
الْوارِثَيْنِ مِنّي، وَانْصُرْني عَلى مَنْ ظَلَمَني، وَاَرِني فيهِ ثَاْري
وَمَآرِبي، وَاَقِرَّ بِذلِكَ عَيْني، اَللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتي، وَاسْتُرْ
عَوْرَتي، وَاغْفِرْ لي خَطيَئَتي، وَاخْسَأْ شَيْطاني، وَفُكَّ رِهاني، وَاْجَعْلْ
لي يا اِلهي الدَّرَجَةَ الْعُلْيا فِي الاَْخِرَةِ وَالاُْوْلي، اَللّهُمَّ لَكَ
الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَني فَجَعَلْتَني سَميعاً بَصيراً، وَلَكَ الْحَمْدُ كَما
خَلَقْتَني فَجَعَلْتَني خَلْقاً سَوِيّاً رَحْمَةً بي، وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقي
غَنِيّاً، رَبِّ بِما بَرَأْتَنْي فَعَدَّلْتَ فِطْرَتي، رَبِّ بِما اَنَشَأْتَني
فَاَحْسَنْتَ صُورَتي، رَبِّ بِما اَحْسَنْتَ اِلَيَّ وَفي نَفْسي عافَيْتَني،
رَبِّ بِما كَلاََتَني وَوَفَّقْتَني، رَبِّ بِما اَنَعْمَتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَني،
رَبِّ بِما اَوْلَيْتَني وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ اَعْطَيْتَني، رَبِّ بِما
اَطْعَمْتَني وَسَقَيْتَني، رَبِّ بِما اَغْنَيْتَني وَاَقْنَيْتَني، رَبِّ بِما
اَعَنْتَني وَاَعْزَزْتَني، رَبِّ بِما اَلْبَسْتَني مِنْ سِتْرِكَ الصّافي،
وَيَسَّرْتَ لي مِنْ صُنْعِكَ الْكافي، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،
وَاَعِنّي عَلى بَوائِقِ الدُّهُورِ، وَصُرُوفِ اللَّيالي وَالايّامِ، وَنَجِّني
مِنْ اَهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ الاَْخِرَةِ، وَاكْفِني شَرَّ ما يَعْمَلُ
الظّالِمُونَ فِي الارْضِ، اَللّهُمَّ ما اَخافُ فَاكْفِني، وَما اَحْذَرُ فَقِني،
وَفي نَفْسي وَديني فَاحْرُسْني، وَفي سَفَري فَاحْفَظْني، وَفي اَهْلي وَمالي
فَاخْلُفْني، وَفي ما رَزَقْتَني فَبارِكْ لي، وَفي نَفْسي فَذلِّلْني، وَفي
اَعْيُنِ النّاسِ فَعَظِّمْني، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالإنْسِ فَسَلِّمْني،
وَبِذُنُوبي فَلا تَفْضَحْنيوَبِسَريرَتي فَلا تُخْزِني، وَبِعَمَلي فَلا
تَبْتَِلْني، وَنِعَمَكَ فَلا تَسْلُبْني، وَاِلى غَيْرِكَ فَلا تَكِلْني، اِلهي
اِلى مَنْ تَكِلُني اِلي قَريبٍ فَيَقطَعُني، اَمْ اِلي بَعيدٍ فَيَتَجَهَّمُني،
اَمْ اِلَي الْمُسْتَضْعَفينَ لي، وَاَنْتَ رَبّي وَمَليكُ اَمْري، اَشْكُو
اِلَيْكَ غُرْبَتي وَبُعْدَ داري، وَهَواني عَلى مَنْ مَلَّكْتَهُ اَمْري، اِلهي
فَلا تُحْلِلْ عَلَيَّ غَضَبَكَ، فَاِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلا اُبالي
سواك سُبْحانَكَ غَيْرَ اَنَّ عافِيَتَكَ اَوْسَعُ لي، فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ
بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذي اَشْرَقَتْ لَهُ الارْضُ وَالسَّماواتُ، وَكُشِفَتْ بِهِ
الظُّلُماتُ، وَصَلُحَ بِهِ اَمْرُ الاوَّلينَ وَالاْخِرِينَ، اَنْ لا تُميتَني
عَلى غَضَبِكَ، وَلا تُنْزِلْ بي سَخَطَكَ، لَكَ الْعُتْبي لَكَ الْعُتْبي حَتّى
تَرْضى قَبْلَ ذلِك، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ، رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ
وَالْمَشْعَرِ الْحَرامِ، وَالْبَيْتِ الْعَتيقِ الَّذي اَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ،
وَجَعَلْتَهُ لِلنّاسِ اَمْنَاً، يا مَنْ عَفا عَنْ عَظيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ،
يا مَنْ اَسْبَغَ النَّعْمآءَ بِفَضْلِهِ، يا مَنْ اَعْطَى الْجَزيلَ بِكَرَمِهِ،
يا عُدَّتي في شِدَّتي، يا صاحِبي في وَحْدَتي، يا غِياثي في كُرْبَتي، يا وَلِيّي
في نِعْمَتي، يا اِلهي وَاِلهَ آبائي اِبْراهيمَ وَاِسْماعيلَ وَاِسْحاقَ
وَيَعْقُوبَ، وَرَبَّ جَبْرَئيلَ وَميكائيلَ وَاِسْرافيلَ، وَربَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ
النَّبِيينَ وَآلِهِ الْمُنْتَجَبينَ، ومُنْزِلَ التَّوراةِ وَالإنْجيلَ،
وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقانِ، وَمُنَزِّلَ كَهَيَعَصَ وَطَهَ وَيَسَ، وَالْقُرآنِ
الْحَكيمِ، اَنْتَ كَهْفي حينَ تُعيينِي الْمَذاهِبُ في سَعَتِها، وَتَضيقُ بِيَ
الارْضُ بِرُحْبِها، وَلَوْلا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالِكينَ، وَاَنْتَ
مُقيلُ عَثْرَتي، وَلَوْلا سَتْرُكَ اِيّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ،
وَاَنْتَ مُؤَيِّدي بِالنَّصْرِ عَلى اَعْدآئي، وَلَوْلا نَصْرُكَ اِيّايَ لَكُنْتُ
مِنَ الْمَغْلُوبينَ، يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالْسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ،
فَاَوْلِيآؤهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ، يا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نَيرَ
الْمَذَلَّةِ عَلى اَعْناقِهِمْ، فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفُونَ، يَعْلَمُ
خائِنَةَ الاعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ، وَغَيْبَ ما تَأتِي بِهِ الازْمِنَةُ
وَالدُّهُورُ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ اِلاّ هُوَ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ ما
هُوَ الاّ هُوَ، يا مَنْ لا يَعْلَم يَعْلَمُهُ، اِلاّ هُوَ يا مَنْ كَبَسَ
الارْضَ عَلى الْمآءِ، وَسَدَّ الْهَوآءَ بِالسَّمآءِ، يا مَنْ لَهُ اَكْرَمُ
الاسْمآءِ، يا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذي لا يَنْقَطِعُ اَبَداً، يا مُقَيِّضَ
الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ، وَمُخْرِجَهُ مِنَ
الْجُبِّ،وَجاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبودِيَّةِ مَلِكاً، يا رآدَّهُ عَلى يَعْقُوبَ
بَعْدَ اَنِ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظيمٌ، يا كاشِفَ الضُّرِّ
وَالْبَلْوي عَنْ اَيُّوبَ، وياَمُمْسِكَ يَدَيْ اِبْراهيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ
بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ، وَفَنآءِ عُمُرِهِ، يا مَنِ اسْتَجابَ لِزَكَرِيّا فَوَهَبَ
لَهُ يَحْيي، وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحيداً، يا مَنْ اَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ
بَطْنِ الْحُوتِ، يا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَني اِسْرآئيلَ فَاَنْجاهُمْ،
وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقينَ، يا مَنْ اَرْسَلَ الرِّياحَ
مُبَشِّراتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، يا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلى مَنْ عَصاهُ
مِنْ خَلْقِهِ، يا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ
وَقَدْ غَدَوْا في نِعْمَتِهِ يَأكُلُونَ رِزْقَهُ وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ، وَقَدْ
حادُّوهُ وَنادُّوهُ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ، يا اَللهُ يا اَللهُ، يا بَديَُ يا
بَديعاًُ لا نِدَّلَكَ، يا دآئِماً لا نَفَادَ لَكَ، يا حَيّاً حينَ لا حَيَّ، يا
مُحْيِيَ الْمَوْتى، يا مَنْ هُوَ قآئِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، يا مَنْ
قَلَّ لَهُ شُكْري فَلَمْ يَحْرِمْني، وَعَظُمَتْ خَطيَئَتي فَلَمْ يَفْضَحْني،
وَرَآني عَلى الْمَعاصي فَلَمْ يَشْهَرْني، يا مَنْ حَفِظَني في صِغَري، يا مَنْ
رَزَقَني في كِبَري، يا مَنْ اَياديهِ عِنْدي لا تُحْصى وَنِعَمُهُ لا تُجازى، يا
مَنْ عارَضَني بِالْخَيْرِ والاِْحْسانِ، وَعارَضْتُهُ بِالاْساءة وَالْعِصْيانِ،
يا مَنْ هَداني بالاِْيمانِ مِنْ قَبْلِ اَنْ اَعْرِفَ شُكْرَ الاِْمْتِنانِ، يا
مَنْ دَعَوْتُهُ مَريضاً فَشَفاني، وَعُرْياناً فَكَساني، وَجائِعاً فَاَشْبَعَني،
وَعَطْشاناً فَاَرْواني، وَذَليلاً فَاَعَزَّني، وَجاهِلاً فَعَرَّفَني، وَوَحيداً
فَكَثَّرَني، وَغائِباً فَرَدَّني، وَمُقِلاًّ فَاَغْناني، وَمُنْتَصِراً
فَنَصَرَني، وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْني، وَاَمْسَكْتُ عَنْ جَميعِ ذلِكَ
فَابْتَدَاَني، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ، يا مَنْ اَقالَ عَثْرَتي، وَنَفَّسَ
كُرْبَتي، وَاَجابَ دَعْوَتي، وَسَتَرَ عَوْرَتي، وَغَفَرَ ذُنُوبي، وَبَلَّغَني
طَلِبَتي، وَنَصَرَني عَلى عَدُوّي، وَاِنْ اَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرائِمَ
مِنَحِكَ لا اُحْصيها، يا مَوْلايَ اَنْتَ الَّذي مَنْنْتَ، اَنْتَ الَّذي
اَنْعَمْتَ، اَنْتَ الَّذي اَحْسَنْتَ، اَنْتَ الَّذي اَجْمَلْتَ، اَنْتَ الَّذي
اَفْضَلْتَ، اَنْتَ الَّذي اَكْمَلْتَ، اَنْتَ الَّذي رَزَقْتَ، اَنْتَ الَّذي
وَفَّقْتَ، اَنْتَ الَّذي اَعْطَيْتَ، اَنْتَ الَّذي اَغْنَيْتَ، اَنْتَ الَّذي
اَقْنَيْتَ، اَنْتَ الَّذي آوَيْتَ، اَنْتَ الَّذي كَفَيْتَ، اَنْتَ الَّذي
هَدَيْتَ، اَنْتَ الَّذي عَصَمْتَ، اَنْتَ الَّذي سَتَرْتَ، اَنْتَ الَّذي
غَفَرْتَ، اَنْتَ الَّذي اَقَلْتَ، اَنْتَ الَّذي مَكَّنْتَ، اَنْتَ الَّذي
اَعْزَزْتَ، اَنْتَ الَّذي اَعَنْتَ، اَنْتَ الَّذي عَضَدْتَ، اَنْتَ الَّذي
اَيَّدْتَ، اَنْتَ الَّذي نَصَرْتَ، اَنْتَ الَّذي شَفَيْتَ، اَنْتَ الَّذي
عافَيْتَ، اَنْتَ الَّذي اَكْرَمْتَ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ
دآئِماً، وَلَكَ الشُّكْرُ واصِباً اَبَداً، ثُمَّ اَنَا يا اِلهَي الْمُعَتَرِفُ
بِذُنُوبي فَاغْفِرْها لي، اَنَا الَّذي اَسَأتُ، اَنَا الَّذي اَخْطَأتُ، اَنَا
الَّذي هَمَمْتُ، اَنَا الَّذي جَهِلْتُ، اَنَا الَّذي غَفِلْتُ، اَنَا الَّذي
سَهَوْتُ، اَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ، اَنَا الَّذي تَعَمَّدْتُ، اَنَا الَّذي
وَعَدْتُ، َاَنَا الَّذي اَخْلَفْتُ، اَنَا الَّذي نَكَثْتُ، اَنَا الَّذي
اَقْرَرْتُ، اَنَا الَّذِي اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَعِنْدي، وَاَبُوءُ
بِذُنُوبي فَاغْفِرْها لي، يا مَنْ لا تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبادِهِ، وهُوَ
الَغَنِيُّ عَنْ طاعَتِهِمْ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْهُمْ
بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِه، فَلَكَ الْحَمْدُ اِلهي وَسيِّدي، اِلهي اَمَرْتَني
فَعَصَيْتُكَ، وَنَهَيْتَني فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ، فَاَصْبَحْتُ لاذا بَرآئة لي
فَاَعْتَذِرُ، وَلاذا قُوَّةٍ فَاَنْتَصِرَُ، فَبِأَيِّ شيءٍ اَسْتَقْبِلُكَ يا
مَوْلايَ، اَبِسَمْعي اَمْ بِبَصَري أْم بِلِساني اَمْ بِيَدي اَمْ بِرِجْلي،
اَلَيْسَ كُلُّها نِعَمَكَ عِندي، وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يا مَوْلايَ، فَلَكَ
الْحُجَّةُ وَالسَّبيلُ عَليَّ، يا مَنْ سَتَرَني مِنَ الاَْباءِ وَالاُْمَّهاتِ
اَنْ يَزجُرُوني، وَمِنَ الْعَشائِرِ وَالإخْوانِ اَنْ يُعَيِّرُوني، وَمِنَ
السَّلاطينِ اَنْ يُعاقِبُوني، وَلَوِ اطَّلَعُوا يا مَوْلايَ عَلى مَا اطَّلَعْتَ
عَلَيْهِ مِنّي اِذاً ما اَنْظَرُوني، وَلَرَفَضُوني وَقَطَعُوني، فَها اَنَا ذا يا
اِلهي بَيْنَ يَدَيْكَ يا سَيِّدي خاضِعٌ ذَليلٌ، حَصيرٌ حَقيرٌ، لا ذُو بَرآئة
فَاَعْتَذِرَ، وَلا ذُو قُوَّةٍ فَاَنْتَصِرَُ، وَلا حُجَّةٍ فَاَحْتَجّ بِها، وَلا
قائِلٌ لَمْ اَجْتَرِحْ، وَلَمْ اَعْمَلْ سُوَاءً وَما عَسَي الْجُحُودُ وَلَوْ
جَحَدْتُ يا مَوْلايَ يَنْفَعُني، كَيْفَ وَاَنّي ذلِكَ وَجَوارِحي كُلُّها
شاهِدَةٌ عَلَيَّ بِما قَدْ عَمِلْتُ، وَعَلِمْتُ يَقيناً غَيْرَ ذي شَكٍّ اَنَّكَ
سآئِلي مِنْ عَظائِمِ الاُْمُورِ، وَاَنَّكَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذي لا
تَجُورُ، وَعَدْلُكَ مُهْلِكي، وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبي، فَاِنْ تُعَذِّبْني
يا اِلهي فَبِذُنُوبي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ، وَاِنْ تَعْفُ عَنّي فَبِحِلْمِكَ
وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنّي كُنْتُ مِنَ
الظّالِمينَ، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنّي كُنْتُ مِنَ
الْمُسْتَغْفِرينَ، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنّي كُنْتُ مِنَ
الْمُوَحِّدينَ، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنّي كُنْتُ مِنَ الْخائِفينَ،
لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنّي كُنْتُ مِنَ الْوَجِلينَ، لا اِلهَ اِلاّ
اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنّي كُنْتُ مِنَ الَّراجينَ، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ
اِنّي كُنْتُ مِنَ الرّاغِبينَ، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنّي كُنْتُ
مِنَ الْمُهَلِّلينَ، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنّي كُنْتُ مِنَ
السّائِلينَ، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنّي كُنْتُ مِنَ الْمُسَبِّحينَ،
لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنّي كُنْتُ مِنَ الْمُكَبِّرينَ، لا اِلهَ
اِلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ رَبّي وَرَبُّ آبائِيَ الاوَّلينَ، اَللّهُمَّ هذا ثَنائي
عَلَيْكَ مُمَجِّداً، وَاِخْلاصي لذِكْرِكَ مُوَحِّداً، وَاِقْراري بِآلائكَ
مَعَدِّداً، وَاِنْ كُنْتُ مُقِرّاً اَنّي لَمْ اُحْصِها لِكَثْرَتِها وَسُبوغِها،
وَتَظاهُرِها وَتَقادُمِها اِلي حادِثٍ، ما لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُني بِهِ مَعَها
مُنْذُ خَلَقْتَني وَبَرَأتَني مِنْ اَوَّلِ الْعُمْرِ، مِنَ الإغْنآءِ مِنَ
الْفَقْرِ، وَكَشْفِ الضُّرِّ، وَتَسْبِيبِ الْيُسْرِ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ،
وَتَفريجِ الْكَرْبِ، وَالْعافِيَةِ فِي الْبَدَنِ، وَالسَّلامَةِ فِي الدّينِ،
وَلَوْ رَفَدَني عَلى قَدْرِ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ جَميعُ الْعالَمينَ مِنَ الاوَّلينَ
وَالاَْخِرينَ، ما قَدَرْتُ وَلاهُمْ عَلى ذلِكَ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ مِنْ
رَبٍّ كَريمٍ عَظيمٍ رَحيمٍ، لا تُحْصي آلاَؤُكَ، وَلا يُبْلَغُ ثَنآؤُكَ، وَلا
تُكافئ نَعْمآؤُكَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاَتْمِمْ عَلَيْنا
نِعَمَكَ، وَاَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ، سُبْحانَكَ لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ، اَللَّهُمَّ
اِنَّكَ تُجيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ السُّوءَ، وَتُغيثُ الْمَكْرُوبَ،
وَتَشْفِي السَّقيمَ، وَتُغْنِي الْفَقيرَ، وَتَجْبُرُ الْكَسيرَ، وَتَرْحَمُ
الصَّغيرَ، وَتُعينُ الْكَبيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهيرٌ، وَلا فَوْقَكَ قَديرٌ،
وَانْتَ الْعَلِيُّ الْكَبيرُ، يا مُطْلِقَ الْمُكَبِّلِ الاسيرِ، يا رازِقَ
الطِّفْلِ الصَّغيرِ، يا عِصْمَةَ الْخآئِفِ الْمُسْتَجيرِ، يا مَنْ لا شَريكَ لَهُ
وَلا وَزيرَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاَعْطِني في هذِهِ
الْعَشِيَّةِ، اَفْضَلَ ما اَعْطَيْتَ وَاَنَلْتَ اَحَداً مِنْ عِبادِكَ، مِنْ
نِعْمَةٍ تُوليها، وَآلآءٍ تُجَدِّدُها، وَبَلِيَّةٍ تَصْرِفُها، وَكُرْبَةٍ
تَكْشِفُها، وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُها، وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُها، وَسَيِّئَةٍ
تَتَغَمَّدُها، اِنَّكَ لَطيفٌ بِما تَشاءُ خَبيرٌ، وَعَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ،
اَللَّهُمَّ اِنَّكَ اَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ، وَاَسْرَعُ مَنْ اَجابَ، وَاَكْرَمُ
مَنْ عَفي، وَاَوْسَعُ مَنْ اَعْطي، وَاَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ، يارَحمانَ الدُّنْيا
والاَْخِرَةِ وَرحيمُهُما، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْؤولٌ، وَلا سِواكَ مَأمُولٌ،
دَعَوْتُكَ فَاَجَبْتَني، وَسَأَلْتُكَ فَاَعْطَيْتَني، وَرَغِبْتُ اِلَيْكَ
فَرَحِمْتَني، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَني، وَفَزِعْتُ اِلَيْكَ فَكَفَيْتَني،
اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ، وَعَلى آلِهِ
الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ اَجْمَعينَ، وَتَمِّمْ لَنا نَعْمآءَكَ وَهَنِّئْنا
عَطآءَكَ، وَاكْتُبْنا لَكَ شاكِرينَ، وَلاَِلاَئِكَ ذاكِرينَ، آمينَ آمينَ رَبَّ
الْعالَمينَ، اَللّهُمَّ يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ، وَعُصِيَ
فَسَتَرَ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ، يا غايَةَ الطّالِبينَ الرّاغِبينَ، وَمُنْتَهي
اَمَلِ الرّاجينَ، يا مَنْ اَحاطَ بِكُلِّ شيءٍ عِلْماً، وَوَسِعَ الْمُسْتَقيلينَ
رَأفَةً ورحمة وَحِلْماً، اَللّهُمَّ اِنّا نَتَوَجَّهُ اِلَيْكَ في هذِهِ
الْعَشِيَّةِ الَّتي شَرَّفْتَها وَعَظَّمْتَها بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ،
وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَاَمينِكَ عَلى وَحْيِكَ، الْبَشيرِ النَّذيرِ،
السِّراجِ الْمُنيرِ، الَّذي اَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمينَ، وَجَعَلْتَهُ
رَحْمَةً لِلْعالَمينَ، اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَما
مُحَمَّدٌ اَهْلٌ لِذلِكَ مِنْكَ يا عَظيمُ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ،
الْمُنْتَجَبينَ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ اَجْمَعينَ، وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِكَ
عَنّا، فَاِلَيْكَ عَجَّتِ الاصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ، فَاجْعَلْ لَنا
اَللّهُمَّ في هذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصيباً مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ بَيْنَ
عِبادِكَ، وَنُورٍ تَهْدي بِهِ، وَرَحْمَةٍ تَنْشُرُها، وَبَرَكَةٍ تُنْزِلُها،
وَعافِيَةٍ تُجَلِّلُها، وَرِزْقٍ تَبْسُطُهُ، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ،
اَللَّهُمَّ اقْلِبْنا في هذَا الْوَقْتِ مُنْجِحينَ مُفْلِحينَ مَبْرُورينَ
غانِمينَ، وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْقانِطينَ، وَلا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلا
تَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ
مَحْرُومينَ، وَلا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطآئِكَ قانِطينَ، وَلا تَرُدَّنا
خائِبينَ،وَلا مِنْ بابِكَ مَطْرُودينَ، يا اَجْوَدَ الاََجْوَدينَ، وَاَكْرَمَ
الاكْرَمينَ، اِلَيْكَ اَقْبَلْنا مُوقِنينَ، وَلِبَيْتِكَ الْحَرامِ آمّينَ
قاصِدينَ، فَاَعِنّا عَلى مَناسِكِنا، وَاَكْمِلْ لَنا حَجَّنا، وَاْعْفُ عَنّا
وَعافِنا، فَقَدْ مَدَدْنا اِلَيْكَ اَيْديَنا فَهِيَ بِذِلَّةِ الإعْتِرافِ
مَوْسُومَةٌ، اَللَّهُمَّ فَاَعْطِنا في هذِهِ الْعَشِيَّةِ ما سَأَلْناكَ،
وَاكْفِنا مَا اسْتَكْفَيْناكَ، فَلا كافِيَ لَنا سِواكَ، وَلا رَبَّ لَنا
غَيْرُكَ، نافِذٌ فينا حُكْمُكَ، مُحيطٌ بِنا عِلْمُكَ، عَدْلٌ فينا قَضآؤُكَ،
اِقْضِ لَنَا الْخَيْرَ، وَاجْعَلْنا مِنْ اَهْلِ الْخَيْرِ، اَللَّهُمَّ اَوْجِبْ
لَنا بِجُودِكَ عَظيمَ الاجْرِ، وَكَريمَ الذُّخْرِ، وَدَوامَ الْيُسْرِ، وَاغْفِرْ
لَنا ذُنُوبَنا اَجْمَعينَ، وَلا تُهْلِكْنا مَعَ الْهالِكينَ، وَلا تَصْرِفْ عَنّا
رَأفَتَكَ وَرَحْمَتَك يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، اَللّهُمَّ اجْعَلْنا في هذَا
الْوَقْتِ مِمَّنْ سَاَلَكَ فَاَعْطَيْتَهُ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ، وَتابَ
اِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ وَتَنَصَّلَ اِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كُلِّها فَغَفَرْتَها
لَهُ،يا ذَا الْجَلالِ وَالإكْرامِ، اَللّهُمَّ وفَقِّنا وَسَدِّدْنا واقْبَلْ
تَضَرُّعَنا، يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيا اَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ، يا مَنْ لا
يَخْفى عَلَيْهِ اِغْماضُ الْجُفُونِ، َولا لَحْظُ الْعُيُونِ، وَلا مَا اسْتَقَرَّ
فِي الْمَكْنُونِ، وَلا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَراتُ الْقُلُوبِ، اَلا كُلُّ
ذلِكَ قَدْ اَحْصاهُ عِلْمُكَ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ، سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ عَمّا
يَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوّاً كَبيراً، تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ السَّبْعُ
وَالارَضُونَ وَمَنْ فيهِنَّ، وَاِنْ مِنْ شيءٍ اِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، فَلَكَ
الْحَمْدُ وَالْمجْدُ وَعُلُوُّ الْجَدِّ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإكْرامِ،
وَالْفَضْلِ وَالإنْعامِ، وَالايادِي الْجِسامِ، وَاَنْتَ الْجَوادُ الْكَريم
الرَّؤُوفُ الرَّحيمُ، اَللَّهُمَّ اَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ،
وَعافِني في بَدَني وَديني، وَآمِنْ خَوْفي وَاعْتِقْ رَقَبَتي مِنَ النّارِ،
اَللّهُمَّ لا تَمْكُرْ بي وَلا تَسْتَدْرِجْني، وَلا تَخْدَعْني، وَادْرَأ عَنّي
شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالانْسِ .
ثمّ رفع رأسه وبصره الي السّماء وعيناه
تفيضان بالدمعٍ كأنهما مزادتان وقال:
يا اَسْمَعَ السّامِعينَ ويا اَبْصَرَ
النّاظِرينَ، وَيا اَسْرَعَ الْحاسِبينَ، وَيا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، صَلِّ عَلى
مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ السّادَةِ الْمَيامينَ، وَاَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ
حاجَتِي اَّلتي اِنْ اَعْطَيْتَنيها لَمْ يَضُرَّني ما مَنَعْتَني، وَاِنْ
مَنَعْتَنيها لَمْ يَنْفَعْني ما اَعْطَيْتَني، اَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتي مِنَ
النّارِ، لا اِلهَ الاّ اَنْتَ وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكُ وَلَكَ
الْحَمْدُ وَاَنْتَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ، يا رَبُّ يا رَبُّ .
وكان يكرّر
قوله يا رَبُّ فشغل من حوله عن الدّعاء لاَنفسهم واقبلوا على الاستماع له والتّأمين
علي دعائه ثمّ علت أصواتهم بالبكاء معه حتىغربت الشّمس وأفاض النّاس معه. الي هنا
انتهيّ دعاء الحسين عليه السلام يوم عرفة كما أورده الكفعمي وكذا المجلسي في كتاب
زاد المعاد الا أن السّيد ابن طاووس اضاف بعد يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ هذه
الزيادة..
اِلهي اَنَا الْفَقيرُ في غِنايَ فَكَيْفَ لا اَكُونُ فَقيراً في
فَقْري، اِلهي اَنَا الْجاهِلُ في عِلْمي فَكَيْفَ لا اَكُونُ جَهُولاً في جَهْلي،
اِلهي اِنَّ اخْتِلافَ تَدْبيرِكَ، وَسُرْعَةَ طَوآءِ مَقاديرِكَ، مَنَعا عِبادَكَ
الْعارِفينَ بِكَ عَنْ السُّكُونِ اِلي عَطآءٍ، وَالْيأْسِ مِنْكَ في بَلاَءٍ،
اِلهي مِنّي ما يَليقُ بِلُؤُمي وَمِنْكَ ما يَليقُ بِكَرَمِكَ، اِلهي وَصَفْتَ
نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفي، اَفَتَمْنَعُني
مِنْهُما بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفي، اِلهي اِنْ ظَهَرَتِ المحاسِنُ مِنّي
فَبِفَضْلِكَ، وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَيَّ، وَاِنْ ظَهَرْتِ الْمَساويَُ مِنّي
فَبِعَدْلِكَ، وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ،اِلهي كَيْفَ تَكِلُني وَقَدْ تَكَفَّلْتَ
لي، وَكَيْفَ اُضامُ وَاَنْتَ النّاصِرُ لي، اَمْ كَيْفَ اَخيبُ وَاَنْتَ
الْحَفِيُّ بي، ها اَنَا اَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِفَقْري اِلَيْكَ، وَكَيْفَ
اَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِما هُوَ مَحالٌ اَنْ يَصِلَ اِلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ اَشْكُو
اِلَيْكَ حالي وَهُوَ لا يَخْفي عَلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ اُتَرْجِمُ بِمَقالي وَهُوَ
مِنَكَ بَرَزٌ اِلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ آمالي وَهِيَ قَدْ وَفَدَتْ
اِلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ لا تُحْسِنُ اَحْوالي وَبِكَ قامَتْ، اِلهي ما اَلْطَفَكَ بي
مَعَ عَظيمِ جَهْلي، وَما اَرْحَمَكَ بي مَعَ قَبيحِ فِعْلي، اِلهي ما اَقْرَبَكَ
مِنّي وَاَبْعَدَني عَنْكَ، وَما اَرْاَفَكَ بي فَمَا الَّذي يَحْجُبُني عَنْكَ،
اِلهي عَلِمْتُ بِاِخْتِلافِ الاَْثارِ وَتَنقُّلاتِ الاطْوارِ اَنَّ مُرادَكَ
مِنّي اَنْ تَتَعَرَّفَ اِلَيَّ في كُلِّ شيءٍ حَتّى لا اَجْهَلَكَ في شيءٍ، اِلهي
كُلَّما اَخْرَسَني لُؤْمي اَنْطَقَني كَرَمُكَ، وَكُلَّما آيَسَتْني اَوْصافي
اَطْمَعَتْني مِنَنُكَ، اِلهي مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَساوِيَ، فَكَيْفَ لا
تَكُونُ مُساويهِ مَساوِيَ، وَمَنْ كانَتْ حَقايِقُهُ دَعاوِي فَكَيْفَ لا تَكُونُ
دَعاوِيَهِ دَعاوِيَ، اِلهي حُكْمُكَ النّافِذُ، وَمَشِيَّتُكَ الْقاهِرَةُ لَمْ
يَتْرُكا لِذي مَقالٍ مَقالاً، وَلا لِذي حالٍ حالاً، اِلهي كَمْ مِنْ طاعَةٍ
بَنَيْتُها، وَحالَةٍ شَيَّدْتُها، هَدَمَ اِعْتِمادي عَلَيْها عَدْلُكَ، بَلْ
اَقالَني مِنْها فَضْلُكَ، اِلهي اِنَّكَ تَعْلَمُ اَنّي وَاِنْ لَمْ تَدُمِ
الطّاعَةُ مِنّي فِعْلاً جَزْماً فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً، اِلهي كَيْفَ
اَعْزِمُ وَاَنْتَ الْقاهِرُ، وَكَيْفَ لا اَعْزِمُ وَاَنْتَ الاَْمِرُ، اِلهي
تَرَدُّدي فِي الاَْثارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزارِ، فَاجْمَعْني عَلَيْكَ
بِخِدْمَةٍ تُوصِلُني اِلَيْكَ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ في
وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ اِلَيْكَ، اَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ
لَكَ حَتّي يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ، مَتي غِبْتَ حَتّي تَحْتاجَ اِلي دَليلٍ
يَدُلُّ عَليْكَ، وَمَتي بَعُدْتَ حَتّي تَكُونَ الاَْثارهِيَ الَّتي تُوصِلُ
اِلَيْكَ، عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقيباً، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ
لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصيباً، اِلهي اَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ اِلَي
الاَْثارِ فَاَرْجِعْني اِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الانْوارِ وَهِدايَةِ الاسْتِبصار
حَتّي اَرْجَعَ اِلَيْكَ مِنْها كَما دَخَلْتُ اِلَيْكَ مِنْها، مَصُونَ السِّرِّ
عَنِ النَّظَرِ اِلَيْها، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الاعْتِمادِ عَلَيْها،
اِنَّكَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ، اِلهي هذا ذُلّي ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَهذا
حالي لا يَخْفي عَلَيْكَ، مِنْكَ اَطْلُبُ الْوُصُولُ اِلَيْكَ، َوِبَكَ
اَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ، فَاهْدِني بِنُورِكَ اِلَيْكَ، وَاَقِمْني بِصِدْقِ
الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ، اِلهي عَلِّمْني مِنْ عِلْمِكَ المخْزُونِ،
وَصُنّي بِسِتْرِكَ الْمَصُونِ، اِلهي حَقِّقْني بِحَقائِقِ اَهْلِ الْقُرْبِ،
وَاسْلُكْ بي مَسْلَكَ اَهْلِ الْجَذْبِ، اِلهي اَغْنِني بِتَدْبيرِكَ لي عَنْ
تَدْبيري وَبِاخْتِيارِكَ عَنِ اخْتِياري، وَاَوْقِفْني عَلى مَراكِزِ اضْطِراري،
اِلهي اَخْرِجْني مِنْ ذُلِّ نَفْسي، وَطَهِّرْني مِنْ شَكّي وَشِرْكي قَبْلَ
حُلُولِ رَمْسي، بِكَ اَنْتَصِرُ فَانْصُرْني، وَعَلَيْكَ اَتَوَكَّلُ فَلا
تَكِلْني، وَاِيّاكَ اَسْأَلُ فَلا تُخَيِّبْني، وَفي فَضْلِكَ اَرْغَبُ فَلا
تَحْرِمْني، وَبِجَنابِكَ اَنْتَسِبُ فَلا تُبْعِدْني، وَبِبابِكَ اَقِفُ فَلا
تَطْرُدْني، اِلهي تَقَدَّسَ رِضاكَ اَنْ يَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ، فَكَيْفَ
تَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنّي، اِلهي اَنْتَ الْغِنيُّ بِذاتِكَ اَنْ يَصِلَ اِلَيْكَ
النَّفْعُ مِنْكَ، فَكَيْفَ لا تَكُونُ غَنِيّاً عَنّي، اِلهي اِنَّ الْقَضآءَ
وَالْقَدَرَ يُمَنّيني، وَاِنَّ الْهَوي بِوَثائِقِ الشَّهْوَةِ اَسَرَني، فَكُنْ
اَنْتَ النَّصيرَ لي، حَتّى تَنْصُرَني وَتُبَصِّرَني، وَاَغْنِني بِفَضْلِكَ حَتّي
اَسْتَغْنِيَ بِكَ عَنْ طَلَبي، اَنْتَ الَّذي اَشْرَقْتَ الانْوارَ في قُلُوبِ
اَوْلِيآئِكَ حَتّي عَرَفُوكَ وَوَحَّدوكَ، اَنْتَ الَّذي اَزَلْتَ الاغْيارَ عَنْ
قُلُوبِ اَحِبّائِكَ حَتّي لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ، وَلَمْ يَلْجَأوا اِلي غَيْرِكَ،
اَنْتَ الْمُوْنِسُ لَهُمْ حَيْثُ اَوْحَشَتْهُمُ الْعَوالِمُ، وَاَنْتَ الَّذي
هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمُ الْمَعالِم ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ،
وَمَا الَّذي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ، لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلاً،
وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغي عَنْكَ مُتَحَوِّلاً، كَيْفَ يُرْجي سِواكَ وَاَنْتَ ما
قَطَعْتَ الاحْسانَ، وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَاَنْتَ ما بَدَّلْتَ عادَةَ
الامْتِنانِ، يا مَنْ اَذاقَ اَحِبّآئهُ حَلاوَةَ الْمُؤانَسَةِ، فَقامُوا بَيْنَ
يَدَيْهِ مُتَمَلِّقينَ، وَيا مَنْ اَلْبَسَ اَوْلِيائهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ،
فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرينَ، اَنْتَ الذّاكِرُ قَبْلَ الذّاكِرينَ
وَاَنْتَ الْبادئ بِالاحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعابِدينَ وَاَنْتَ الْجَوادُ
بِالْعَطآءِ قَبْلَ طَلَبِ الطّالِبينَ وَاَنْتَ الْوَهّابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَ
لَنا مِنَ الْمُسْتَقْرِضينَ اِلهي اُطْلُبْني بِرَحْمَتِكَ حَتّى اَصِلَ اِلَيْكَ،
وَاجْذِبْني بِمَنِّكَ حَتّى اُقْبِلَ عَلَيْكَ، اِلهي اِنَّ رَجآئي لا يَنْقَطِعُ
عَنْكَ وَاِنْ عَصَيْتُكَ كَما اَنَّ خَوْفي لا يُزايِلُني وَاِنْ اَطَعْتُكَ،
فَقَدْ دَفَعْتَنِي الْعَوالِمُ اِلَيْكَ وَقَدْ اَوْقَعَني عِلْمي بِكَرَمِكَ
عَلَيْكَ، اِلهي كَيْفَ اَخيبُ وَاَنْتَ اَمَلي، اَمْ كَيْفَ اُهانُ وَعَلَيْكَ
مُتَكَّلي، اِلهي كَيْفَ اَسْتَعِزُّ وَفِي الذِّلَّةِ اَرْكَزْتَني، اَمْ كَيْفَ
لا اَسْتَعِزُّ وَاِلَيْكَ نَسَبْتَني، اِلهي كَيْفَ لا اَفْتَقِرُ وَاَنْتَ
الَّـذي فـــي الْفُقَرآءِ اَقَمْتَنــي، اَمْ كَيْفَ اَفْتَقِرُ
وَاَنْتَ
الَّذي بِجُودِكَ اَغْنَيْتَني، وَاَنْتَ الَّذي لا اِلهَ غَيْرُكَ تَعَرَّفْتَ
لِكُلِّ شيءٍ فَما جَهِلَكَ شيءُ، وَاَنْتَ الَّذي تَعَرَّفْتَ اِلَيَ في كُلِّ شيء
فَرَاَيْتُكَ ظاهِراً في كُلِّ شيءٍ وَاَنْتَ الظّاهِرُ لِكُلِّ شيءٍ، يا مَنِ
اسْتَوي بِرَحْمانِيَّتِهِ فَصارَ الْعَرْشُ غَيْباً في ذاِتِهِ، مَحَقْتَ الاثارَ
بِالاثارِ وَمَحَوْتَ الاغْيارَ بِمُحيطاتِ اَفْلاكِ الانْوارِ، يا مَنِ احْتَجَبَ
في سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ اَنْ تُدْرِكَهُ الابْصارُ، يا مَنْ تَجَلّي بِكَمالِ
بَهآئِهِ فَتَحَقَّقتْ عَظَمَتُهُ مَنْ الاسْتِوآءَ، كَيْفَ تَخْفي وَاَنْتَ
الظّاهِرُ، اَمْ كَيْفَ تَغيبُ وَاَنْتَ الرَّقيبُ الْحاضِرُ اِنَّكَ عَلى كُلِّ
شيءٍ قَديرٍ، وَالْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ ..
5 ــ دعاء كميل بن زياد
اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِرحَمتِكَ الَّتِي
وَسِعَتْ كُلَّ شَيٍْ، وَبِقُوَّتِكَ الَّتِي قَهرْتَ بِها كُلَّ شَيٍ، وَخضَعَ
لَها كُلُّ شَيٍْ، وَذَلَّ لَها كُلُّ شَيٍْ، وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتِي غَلَبْتَ
بِها كُلَّ شَيٍْ، وَبعَزَّتِكَ الَّتِي لا يَقُومُ لَها شَيٌْ، وَبِعَظَمَتِكَ
الَّتِي مَلاَتْ كُلَّ شَيٍْ، وَبِسُلْطانِكَ الَّذِي عَلا كُلَّ شَيٍْ،
وَبِوَجْهِكَ الباقِي بَعْدَ فَنأِ كُلِّ شَيٍْ، وَبِأَسْمائِكَ الَّتِي ملاَ َتْ
أَرْكانَ كُلِّ شَيٍْ، وَبِعِلْمِكَ الَّذِي أَحاطَ بِكُلِّ شَيٍْ، وَبِنُورِ
وَجْهِكَ الَّذِي أَضأَ لَهُ كُلُّ شَيٍْ، يا نوُرُ ياقُدُّوسُ، ياأَوَّلَ
الاوَّلِينَ، وَيااَّخِرَ الاخِرينَ. اللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي
تَهْتِكُ العِصَمَ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ النِّقَمَ.
اللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ النِّعَمَ، اللّهُمَّ اغْفِرْ
لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعأَ. اللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الّذنُوبَ
الّتي تُنْزِلُ البَلاَ. اللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ كُلَّ ذَنْبٍ أذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ
خَطِيئَةٍ أَخْطَأْتُها. اللّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِذِكْرِكَ
وَاسْتَشفِعُ بِكَ إِلي نَفْسِكَ، وَأَسْأَلُكَ بِجوُدِكَ أَنْ تُدْنِيَنِي مِنْ
قُرْبِكَ، وَأَنْ تُوزِعَنِي شُكْرَكَ، وأَنْ تُلْهِمَنِي ذِكْرَكَ. اللّهُمَّ
إِنِّي أَسأَلُكَ سُؤالَ خاضِعٍ مُتَذَلِّلٍ خاشِعٍ، أَنْ تُسامِحَنِي
وَتَرْحَمَنِي، وَتَجْعَلَنِي بِقِسَمِكَ راضِياً قانِعاً، وَفِي جَمِيعِ الاحْوالِ
مُتَواضِعاً. اللّهُمَّ وَأَسأَلُكَ سُؤالَ مَنْ إِشْتَدَّتْ فاقَتُهُ، وَأَنْزَلَ
بِكَ عِنْدَ الشَّدائِدِ حاجَتَهُ، وَعَظُمَ فِيما عِنْدَكَ رَغْبَتُهُ. اللّهُمَّ
عَظُمَ سُلْطانُكَ وَعَلا مَكانُكَ، وَخَفِيَ مَكْرُكَ، وَظَهَرَ أَمْرُكَ،
وَغَلَبَ قَهْرُكَ، وَجَرَتْ قُدْرَتُكَ، وَلايُمْكِنُ الفِرارُ مِنْ حُكُومَتِكَ .
اللّهُمَّ لا أَجِدُ لِذُنُوبِي غافِراً وَلا لِقَبائِحِي ساتِراً، وَلا لِشَيٍْ
مِنْ عَمَلِيَ القَبِيحِ بِالحَسَنِ مُبَدِّلاً غَيْرَكَ، لا إِلهَ إِلا أَنْتَ،
سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَتَجَرَّأْتُ بِجَهْلِي، وَسَكَنْتُ
إِلي قَدِيمِ ذِكْرِكَ لِي، وَمَنِّكَ عَلَيَّ. اللّهُمَّ مَوْلايَ كَمْ مِنْ
قَبيحٍ سَتَرْتَهُ، وَكَمْ مِنْ فادِحٍ مِنَ البَلاِ أَقَلْتَهُ، وَكَمْ مِنْ
عِثارٍ وَقَيْتَهُ، وَكَمْ مِنْ مَكْروُهٍ دَفَعْتَهُ، وَكَمْ مِنْ ثَنأٍ جَمِيلٍ
لَسْتُ أَهْلاً لَهُ نَشَرْتَهُ. اللّهُمَّ عَظُمَ بَلائِي، وَأَفْرَطَ بِي سُؤُ
حالِي، وَقَصُرَتْ بِي أَعْمالِي، وَقَعَدَتْ بِي أَغْلالِي وَحَبَسَنِي عَنْ
نَفْعِي بُعْدُ أَمَلِي، وَخَدَعَتْنِي الدُّنْيا بِغُرُورِها، وَنَفْسِي
بِجِنايَتِها، وَمِطالِي ياسَيِّدِي فَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ لايَحْجُبَ
عَنْكَ دُعائِي سُؤُ عَمَلِي وَفِعالي، وَلاتَفْضَحَنِي بِخَفِيِّ مااطَّلَعْتَ
عَلَيْهِ مِنْ سِرِّي، وَلاتُعاجِلْنِي بِالعُقُوبَةِ عَلى ما عَمِلْتُهُ فِي
خَلَواتِي مِنْ سُؤِ فِعْلِي وَإِسأَتِي، وَدَوامِ تَفْرِيطِي وَجَهالَتِي،
وَكَثْرَةِ شَهَواتِي وَغَفْلَتِي، وَكُنِ اللّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لِي فِي كُلِّ
الاحْوالِ رَؤُوفاً، وَعَلَيَّ فِي جَمِيعِ الامُورِ عَطُوفاً. إِلهِي وَرَبِّي
مَنْ لِي غَيْرُكَ أَسأَلُهُ كَشْفَ ضُرِّي وَالنَّظَرَ فِي أَمْرِي. إِلهِي
وَمَوْلايَ أَجْرَيْتَ عَلَيَّ حُكْماً اتَّبَعْتُ فِيهِ هَوى نَفْسِي وَلَمْ
أَحْتَرِسْ فِيهِ مِنْ تَزْيينِ عَدُوِّي، فَغَرَّنِي بِما أَهْوي وَأَسْعَدَهُ
عَلى ذلِكَ القَضأُ فَتَجاوَزْتُ بِما جَري عَلَيَّ مِنْ ذلِكَ بَعْضَ حُدُودِكَ،
وَخالَفْتُ بَعْضَ أَوامِرِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذلِكَ وَلا
حُجَّةَ لِي فِيما جَري عَلَيَّ فِيهِ قَضاؤُكَ، وَأَلْزَمَنِي حُكْمُكَ
وَبَلاؤُكَ، وَقَدْ أَتَيْتُكَ ياإِلهِي بَعْدَ تَقْصِيرِي وَإِسْرافِي عَلى
نَفْسِي مُعْتَذِراً نادِماً مُنْكَسِراً مُسْتَقِيلاً مُسْتَغْفِراً مُنِيباً
مُقِرّاً مُذْعِنا مُعْتَرِفاً، لا أَجِدُ مَفَرّاً مِمّا كانَ مِنِّي وَلا
مَفْزَعاً أَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ فِي أَمْرِي، غَيْرَ قَبُوُلِكَ عُذْرِي
وَإِدْخالِكَ إِيّايَ فِي سَعَةِ رَحْمَتِكَ. اللّهُمَّ فَاقْبَلْ عُذْرِي،
وَارْحَمْ شِدَّةَ ضُرِّي وَفُكَّنِي مِنْ شَدِّ وَثاقِي، يارَبِّ ارْحَمْ ضَعْفَ
بَدَنِي، وَرِقَّةَ جِلْدِي، وَدِقَّةَ عَظْمِي، يامَنْ بَدَأَ خَلْق ِيوَذِكْرِي
وَتَرْبِيَتِي وَبِرِّي وَتَغْذِيَتِي، هَبْنِي لابْتِدأِ كَرَمِكَ وَسالِفِ
بِرِّكَ بِي، ياإِلهِي وَسَيِّدِي وَرَبِّي، أَتُراكَ مُعَذِّبِي بِنارِكَ بَعْدَ
تَوْحِيدِكَ وَبَعْدَما انْطَوي عَلَيْهِ قَلْبِي مِنْ مَعْرِفَتِكَ، وَلَهِجَ بِهِ
لِسانِي مِنْ ذِكْرِكَ، وَاعْتَقَدَهُ ضَمِيرِي مِنْ حُبِّكَ وَبَعْدَ صِدْقِ
إِعْتِرافِي وَدُعائِي خاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ، هَيْهاتَ ! أَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ
أَنْ تُضَيِّعَ مَنْ رَبَّيْتَهُ، أَوْ تُبْعِدَ مَنْ أَدْنَيْتَهُ، أَوْ تُشَرِّدَ
مَنْ آوَيْتَهُ، أَوْ تُسَلِّمَ إِلي البَلاِ مَنْ كَفَيْتَهُ وَرَحِمْتَهُ،
وَلَيْتَ شِعْرِي ياسَيِّدِي وَإِلهِي وَمَوْلايَ ! أَتُسَلِّطُ النّارَ عَلى
وُجُوهٍ خَرَّتْ لِعَظَمَتِكَ ساجِدَةً، وَعَلى أَلْسُنٍ نَطَقَتْ بِتَوْحِيدِكَ
صادِقَةً وَبُشُكْرِكَ مادِحَةً، وَعَلى قُلُوبٍ أَعْتَرَفَتْ بِإِلهِيَّتِكَ
مُحَقِّقَةً، وَعَلى ضَمائِرَ حَوَتْ مِنَ العِلْمِ بِكَ حَتّي صارَتْ خاشِعَةً،
وَعَلى جَوارِحَ سَعَتْ إِلي أَوْطانِ تَعَبُّدِكَ طائِعَةً، وَأَشارَتْ
بِإِسْتِغْفارِكَ مُذْعِنَةً ؟! ماهكَذا الظَنُّ بِكَ وَلا اُخْبِرْنا بِفَضْلِكَ
عَنْكَ ياكَرِيمُ يارَبْ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفِي عَنْ قَلِيلٍ مِنْ بَلاِ
الدُّنْيا وَعُقُوباتِها، وَمايَجْرِي فِيها مِنَ المَكارِهِ عَلى أَهْلِها، عَلى
أَنَّ ذلِكَ بَلاٌ وَمَكْروهٌ قَلِيلٌ مَكْثُهُ، يَسِيرٌ بَقاؤهُ قَصِيٌر
مُدَّتُهُ، فَكَيْفَ إِحْتِمالِي لِبَلاِ الاخِرَةِ وَجَلِيلِ وُقُوعِ المَكارِهِ
فِيها، وَهُوَ بَلاٌ تَطُولُ مُدَّتُهُ وَيَدُومُ مَقامُهُ وَلايُخَفَّفُ عَنْ
أَهْلِهِ لاَنَّهُ لايَكُونُ إِلاّ عَنْ غَضَبِكَ وَانْتِقامِكَ وَسَخَطِكَ ؟!
وَهذا ما لاتَقُومُ لَهُ السَّماواتُ وَالارْضُ، ياسَيِّدِي فَكَيْفَ لِي وَأَنا
عَبْدُكَ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ الحَقِيرُ المِسْكِينُ المُسْتَكِينُ ؟! ياإِلهِي
وَرَبِّي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ، لايِّ الاُمُورِ إِلَيْكَ أَشْكُو، وَلِما مِنها
أَضِجُّ وَأَبْكِي، لاَلِيمِ العَذابِ وَشِدَّتِهِ، أَمْ لِطُولِ البَلاِ
وَمُدَّتِهِ ؟! فَلَئِنْ صَيَّرْتَنِي لِلْعُقُوباتِ مَعَ أَعْدائِكَ، وَجَمَعْتَ
بَيْنِي وَبَيْنَ أَهْلِ بَلائِكَ، وَفَرَّقْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبّائِكَ
وَأَوْلِيائِكَ ؛ فَهَبْنِي ياإِلهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ وَرَبِّي، صَبَرْتُ
عَلى عَذابِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلى فِراقِكَ ؟، وَهَبْنِي صَبَرْتُ عَلى حَرِّ
نارِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إِلي كَرامَتِكَ ؟ أَمْ كَيْفَ أَسْكُنُ
فِي النّارِ وَرَجائِي عَفْوُكَ ؟ فَبِعِزَّتِكَ ياسَيِّدِي وَمَوْلايَ اُقْسِمُ
صادِقاً، لَئِنْ تَرَكْتَنِي ناطِقاً لاَضِجَّنَّ إِلَيْكَ بَيْنَ أَهْلِها ضَجِيجَ
الامِلِينَ، وَلاَصْرُخَنَّ إِلَيْكَ صُراخَ المُسْتَصْرِخِينَ، وَلاَبْكِيَنَّ
عَلَيْكَ بُكأَ الفاقِدِينَ، وَلاُنادِيَنَّكَ أَيْنَ كُنْتَ ياوَلِيَّ
المُؤْمِنِينَ، ياغايَةَ اَّمالِ العارِفِينَ، ياغِياثَ المُسْتَغِيثِينَ،
ياحَبِيبَ قُلوُبِ الصّادِقِينَ، وَيا إِلهَ العالَمينَ، أَفَتُراكَ، سُبْحانَكَ
ياإِلهي وَبِحَمْدِكَ تَسْمَعُ فِيها صَوتَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ سُجِنَ فِيها
بِمُخالَفَتِهِ، وَذاقَ طَعْمَ عَذابِها بِمَعْصِيَتِهِ، وَحُبِسَ بَيْنَ
أَطْباقِها بِجُرْمِهِ وَجَرِيرَتِهِ، وَهُوَ يَضُجُّ إِلَيْكَ ضَجِيجَ مُؤَمِّلٍ
لِرَحْمَتِكَ، وَيُنادِيكَ بِلِسانِ أَهْلِ تَوْحِيدِكَ، وَيَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ
بِرُبُوبِيَّتِكَ، يامَوْلايَ فَكَيْفَ يَبْقي فِي العَذابِ وَهُوَ يَرْجوُ ماسَلفَ
مِنْ حِلْمِكَ ؟ أَمْ كَيْفَ تُؤْلِمُهُ النَّارُ وَهُوَ يَأْمَلُ فَضْلَكَ
وَرَحْمَتَكَ ؟ أَمْ كَيْفَ يُحْرِقُهُ لَهِيبُها وَأَنْتَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ
وَتَري مَكانَهُ ؟ أَمْ كَيْفَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ زَفِيرُها وَأَنْتَ تَعْلَمُ
ضَعْفَهُ ؟ أَمْ كَيْفَ يَتَقَلْقَلُ بَيْنَ أَطْباقِها وَأَنْتَ تَعْلَمُ صِدْقَهُ
؟ أَمْ كَيْفَ تَزْجُرُهُ زَبانِيَتُها وَهُوَ يُنادِيكَ يارَبَّه ؟ أَمْ كَيْفَ
يَرْجُو فَضْلَكَ فِي عِتْقِهِ مِنْها فَتَتْرُكُهُ فِيها ؟ هَيْهاتَ ! ما ذَلِكَ
الظَنُّ بِكَ وَلا المُعْروفُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلامُشْبِهٌ لِما عامَلْتَ بِهِ
المُوَحِّدِينَ مِنْ بِرِّكَ وَإِحْسانِكَ ! فَبِالْيَقِينِ أَقَطَعُ، لَولا
ماحَكَمْتَ بِهِ مِنْ تَعْذِيبِ جاحِدِيكَ، وَقَضَيْتَ بِهِ مِنْ إِخْلادِ
مُعانِدِيكَ، لَجَعْلْتَ النَّارَ كُلَّها بَرْداً وَسَلاماً، وَما كَانَ لاَحَدٍ
فِيها مَقَرّاً وَلامُقاماً، لكِنَّكَ تَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ أَقْسَمْتَ أَنْ
تَمْلاَها مِنَ الكافِرِينَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَأَنْ
تُخَلِّدَ فِيها المُعانِدِينَ، وَأَنْتَ جَلَّ ثَناؤُكَ قُلْتَ مُبْتَدِئاً،
وَتَطَوَّلْتَ بِالاِنْعامِ مُتَكَرِّماً: أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ
فاسِقاً لايَسْتَوُونَ. إِلهِي وَسَيِّدِي، فَأَسأَلُكَ بِالقُدْرَةِ الَّتِي
قَدَّرْتَها، وَبِالقَضِيَّةِ الَّتِي حَتَمْتَها وَحَكَمْتَها، وَغَلَبْتَ مَنْ
عَلَيْهِ أَجْرَيْتَها، أَنْ تَهَبَ لِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ وَفِي هذِهِ
السَّاعَةِ، كُلَّ جُرْمٍ أَجْرَمْتُهُ، وَكُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ
قَبِيحٍ أَسْرَرْتُهُ، وَكُلَّ جَهْلٍ عَمِلْتُهُ، كَتَمْتُهُ أَوْ أَعَلَنْتُهُ،
أَخْفَيْتُهُ أَوْ أَظْهَرْتُهُ، وَكُلَّ سَيِّئَةٍ أَمَرْتَ بِإِثْباتِها الكِرامَ
الكاتِبِينَ، الَّذِينَ وَكَّلْتَهُمْ بِحِفْظِ مايَكُونُ مِنِّي، وَجَعَلْتَهُمْ
شُهُوداً عَلَيّ مَعَ جَوارِحِي، وَكُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيَّ مِنْ
وَرائِهِمْ، وَالشَّاهِدَ لِما خَفِي عَنْهُمْ وَبِرَحْمَتِكَ أَخْفَيْتَهُ،
وَبِفَضْلِكَ سَتَرْتَهُ، وَأَنْ تُوَفِّرَ حَظِّي مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ،
أَوْ إِحْسانٍ فَضَّلْتَهُ، أَوْ بِرٍّ نَشَرْتَهُ، أَوْ رِزْقٍ بَسَطْتَهُ، أَوْ
ذَنْبٍ تَغْفِرُهُ، أَوْ خَطأ تَسْتُرُهُ، يارَبِّ يارَبِّ يارَبِّ، ياإِلهِي
وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ وَمالِكَ رِقِّي، يامَنْ بِيَدِهِ ناصِيَتِي، ياعَلِيماً
بِضُرِّي وَمَسْكَنَتِي، ياخَبِيراً بَفَقْرِي وَفاقَتِي، يارَبِّ يارَبِّ يارَبِّ،
أَسأَلُكَ بِحَقِكَ وَقُدْسِكَ وَأَعْظَمِ صِفاتِكَ وَأَسْمائِكَ، أَنْ تَجْعَلَ
أَوْقاتِي مِنَ اللّيْلِ وَالنَّهارِ بَذِكْرِكَ مَعْمُورَةً، وَبِخِدْمَتِكَ
مَوْصُولَةً، وَأَعْمالِي عِنْدَكَ مَقْبُولَةً، حَتَّي تَكُونَ أَعْمالِي
وأوْرادِي كُلُّها وِرْداً وَاحِداً، وَحالِي فِي خِدْمَتِكَ سَرْمَداً. ياسَيِّدِي
يامَنْ عَلَيْهِ مُعَوَّلِي، يامَنْ إِلَيْهِ شَكَوْتُ أَحْوالِي، يارَبِّ يارَبِّ
يارَبِّ، قَوِّ عَلى خَدْمَتِكَ جَوارِحِي وَاشْدُدْ عَلى العَزِيمَةِ جَوانِحِي،
وَهَبْ لِيَ الجِدَّ فِي خَشْيَتِكَ، وَالدَّوامَ فِي الاِتِّصالِ بِخِدْمَتِكَ
حَتَّي أَسْرَحَ إِلَيْكَ فِي مَيادِينِ السابِقِينَ، واُسْرِعَ إِلَيْكَ فِي
البارِزِينَ، وَأَشْتاقَ إِلي قُرْبِكَ فِي المُشْتاقِينَ، وَأَدْنُوَ مِنْكَ
دُنُوَّ المُخْلِصِينَ، وَأَخافَكَ مَخافَةَ المُوقِنِينَ، وَأَجْتَمِعَ فِي
جِوارِكَ مَعَ المُؤْمِنِينَ. اللّهُمَّ وَمَنْ أَرادَنِي بِسُؤٍ فَأَرِدْهُ،
وَمَنْ كادَنِي فَكِدْهُ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَحْسَنِ عَبِيدِكَ نَصِيباً عِنْدَكَ،
وَأَقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ، وَأَخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ فِإِنَّهُ
لايُنالُ ذلِكَ إِلا بِفَضْلِكَ، وَجُدْ لِي بِجُودِكَ، وَاعْطِفْ عَلَيَّ
بَمَجْدِكَ وَأَحْفَظْنِي بِرَحْمَتِكَ، وَأَجْعَلْ لِسانِي بِذِكْرِكَ لَهِجاً،
وَقَلْبِي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً، وَمُنَّ عَلَيَّ بِحُسْنِ إِجابَتِكَ، وَأَقِلْنِي
عَثْرَتِي، وَاغْفِرْ زَلَّتِي، فَإِنَّكَ قَضــيْـتَ عَلى عِبــادِكَ
بِعـِبـادَتِـكَ، وَأَمَرْتَهُمْ
بِدُعائِكَ، وَضَمِنْتَ لَهُمُ الاِجابَةَ، فَإِلَيْكَ يارَبِّ نَصَبْتُ وَجْهِي، وَإِلَيْكَ يارَبِّ مَدَدْتُ يَدِي، فَبِعِزَّتِكَ أَسْتَجِبْ لِي دُعائِي، وَبَلِّغْنِي مُنايَ، وَلاتَقْطَعْ مِنْ فَضْلِكَ رَجائِي، وَاكْفِنِي شَرَّ الجِنِّ وَالاِنْسِ مِنْ أعْدائِي. ياسَرِيعَ الرِّضا إِغْفِرْ لِمَنْ لايَمْلِكُ إِلا الدُّعأَ،فَإِنَّكَ فَعَّالٌ لِما تَشأُ، يامَنْ إِسْمُهُ دَوأٌ، وَذِكْرُهُ شِفأٌ، وَطاعَتُهُ غِنيً، إِرْحَمْ مَنْ رَأسُ مالِهِ الرَّجأُ وَسِلاحُهُ البُكأُ، ياسَابِغَ النِّعَمِ، يادافِعَ النِّقَمِ، يانُورَ المُسْتَوْحِشِينَ فِي الظُّلَمِ، ياعالِماً لايُعَلَّمُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَفْعَلْ بِي ماأَنْتَ أَهْلُهُ، وَصَلَّي اللّهُ عَلى رَسُولِهِ وَالاَئِمَّةِ المَيامِينَ مِنْ آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً