مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
يحسن بي أن أشير هنا - وأنا في ختام كتابي هذا - الى
مسيس حاجتي لنقد وتقييم محاولتي الأولى هذه في كتابة فقه للمغتربين ، وصولاً لتأصيل
فقه للمغتربين ، يُعنى بأمور حياتهم المختلفة ، ويضبط إيقاعاتها على أسس وقواعد
الشريعة الإسلامية المقدسة.
فأعداد المسلمين المتجنسين أو المقيمين في البلدان
غير الإسلامية ، وبخاصة في أمريكا وأوربا ، في ازدياد ، ونسب المهاجرين اليها من
البلدان الإسلامية في تصاعد ، كما وأن وتائر التغيُّر والتبدُّل في مجتمعات كهذه
سريعة ، وشؤونها متكثرة ، والأسئلة والإشكالات الشرعية تبعاً لها هي الأخرى متكثرة
، ولا بدّ من دراستها على الطبيعة ، وتقديم الحلول لأسئلتها واستفساراتها أولاً
بأول ، معايشة لحركة الواقع المتغيِّر ، ولحوقاً بها ، ورصداً لها ، بل وإرهاصاً
بها ، وتقدّماً عليها ، كما هو المأمول والمرتجى. ويحسن بي أن أشير كذلك ، الى
أهمية الكتابة بقواعد تربية النفس وتزكيتها ، على ضوء علم الأخلاق الإسلامي ،
وبخاصة من زواياه العملية ، وسط هذا الجو المتشبِّث بمنطق المادة ، والمتمسك بقيمها
، وقوا نينها ، وسلوكياتها.
وقد حاولت أن أشير في هذا الباب أو ذاك من هذا
الكتاب ، وأومئ في هذه المسألة أو تلك من هذا الفصل ، الىِ بعض هذه القيم الجميلة ،
وتلك السلوكيات الفاضلة ، مسترشداَ بالآيات القرآنية الكريمة الداعية اليها ،
ومستشهداً بالأحاديث الشريفة الحاثَّة عليها ، في محاولة للمزاوجة بين علمي الأخلاق
والفقه ، سبق أن مارستها في كتابي «الفتاوى الميسرة» ، إدراكاً مني لفاعلية الربط
بينهما على صعيدي الفكر والممارسة ، وحرصاً مني على ضرورة تمثُّل هذه المواءمة
وتجسُّدها في السلوك اليومي للمسلمين ، وبخاصة وهم يعيشون بين ظهراني شعوب غير
مسلمة في بلدان المهجر الكبير. وحسبي أن أكون قد حاولت. ومن الله أستمد العون ،
وأرجو المدد وأسأل القبول ، فهو أرحم الراحمين والحمد لله رب العالمين وصلّى الله
على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين.
الـمـؤلـف