مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
بدأ أبي حواره وفي عينيه بريق من حزم رصين
قائلاً:
دعني اضع أمامك قاعدة عامّة ذات أثر كبير في حياتك وهي «كُلُّ شيء
طاهر». كلُّ شيء.. البحار، والامطار، والانهار، والاشجار، والصحارى والجبال،
والشوارع والعمارات والبيوت والاَجهزة والاَدوات، والملابس المختلفة واِخوانك
المسلمون.. و.. و.. كلُّ شيء طاهر..
كُلُّ شيء حتّى يتنجّس، اِلاّ..
اِلاّ ماذا؟
ـ اِلاّ ما كان نجساً بطبيعته، بتكوينه، بذاته، «بعينه».
وما الذي يكون نجساً بطبيعته، بذاته؟
ـ عشرة أشياء سأعدّدها لك على شكل
نقاط متسلسلة:
«1، 2» ان وغائطه. وبول وغائط كُلُّ حيوان يحرم أكل لحمه،
اِذا كانت لهذا الحيوان نفس سائلة كالقطة [وكذا بول ما ليست له نفس سائلة اِذا كان
ذا لحم].
وما النفس السائلة؟
ـ مصطلح سيمرّ عليك أكثر من مرّة في
هذا الحوار، يحسن أن نلقي عليه بعض الضوء.
ونقول: لهذا الحيوان نفس سائلة..
اِذا اندفع الدم منه بقوّة عند ذبحه. لوجود شريان عنده كالدجاج.
ونقول: ليس
لهذا الحيوان نفس سائلة.. اِذا سال الدم منه عند ذبحه بفتور، وهدوء، وأناة لعدم
وجود شريان عنده كالسّمك.
«3» من الحيوان ذي النفس السائلة واِن كان حلالاً
أكله، وكذلك أجزاؤها الحيّة المقطوعة منها.
وما هي الميتة؟
ـ كل ما
مات من دون أن يذبح على الطريقة الشرعيّة الاسلامية.
مثلاً؟
ـ الحيوان
الّذي يموت لمرض ـ مثلاً ـ أو بحادث، أو يذبح بطريقةٍ غير شرعيّة، هذه كلها من
الميتة؟
واذا مات الانسان فهل ينجس بدنه؟
ـ نعم اِلاّ الشهيد ومن اغتسل
لاجراء الحدّ عليه أو القصاص منه.
وهل يبقى غيرهما نجساً؟
ـ لا بل
يطهر بدن الميت المسلم بالاَغسال الثلاثة التي سأشرحها لك في حواريّة قادمة.
«4» انسان، ومني كل حيوان ذي نفس سائلة [وان كان هذا الحيوان مأكول اللحم].
«5» الخارج من جسد الانسان، ومن جسد كل حيوان ذي نفس سائلة.
ودم
الحيوان الذي ليس له نفس سائلة؟
ـ طاهر كدم السمك.
«6» الكلب البري بكل
اجزاء جسده، حياً وميتاً.
«7» الخنزير البري بكل اجزاء جسده، حياً وميتاً.
والكلب والخنزير البحريان..؟
ـ طاهران.
«8» الخمر [ويلحق بها
الفقاع].
«9» الكافر حياً وميتاً غير المسيحي واليهودي والمجوسي.
«10»
عرق الحيوان الجلال، وهو الحيوان الذي تعوَّد اكل عذرة الانسان.
هذه الاشياء
العشرة نجسة بطبيعتها، وتنتقل النجاسة منها اِلى كل ما لاقاها ومسّها واحتكّ بها مع
وجود البلل والرطوبة.
واذا لم يوجد بلل ورطوبة بينهما؟
ـ اِذا لم يكن
هناك بلل ورطوبة فلا تنتقل النجاسة؛ لانها لا تنتقل في حالة الجفاف ولا في حالة
وجود النداوة المحضة أبداً.
هل بول أو غائط الحيوانات التي يحل اكلها
كالبقر، والغنم، والدجاج، والطيور بانواعها المختلفة، والعصافير، والزرازير طاهر أو
نجس...؟
ـ طاهر.
ومخلفات الخفاش...؟
ـ طاهرة.
والريش من
الميتة، والوبر، والصوف، والاظافر، والقرون، والعظام، والاسنان، والمناقير،
والمخالب..؟
ـ كلها طاهرة.
واللحم الذي نشتريه لنأكله، فنلاحظ عليه
دماً؟
ـ هذا الدم طاهر.. وكل دم يبقى متخلّفاً في الذبيحة بعد ذبحها بطريقة
شرعية، طاهر غير نجس.
وفضلات الجرذ والفأر..؟
ـ نجسة غير طاهرة. ولو
فكرت قليلاً فيما عددت لك من نقاط، لاستطعت أن تجيب عن هذا التساؤل بنفسك.. نعم
لاَجبت عنه بنفسك، ذلك أن لها شرياناً يتدفق منه الدم عند الذبح.
وعاد لعيني
أبي ذلك البريق الرصين الّذي لمحته في أوّل حوارنا هذا فحدَّق بي، ثم اردف قائلاً.
ـ لقد بدأت معك حواريتي هذه بقاعدة عامة ذات أثر كبير في حياتك، وسأختتمها
بقواعد عامة هي الاَخرى ذات أثر كبير في حياتك.
القاعدة الاولى: كلّ شيء كان
طاهراً فيما مضى ثم تشك، هل تنجس بعد ذلك أو بقي على طهارته السابقة.. فهو طاهر.
اِضرب لي مثلاً على ذلك.
ـ شرشف نومك مثلاً، كان طاهراً سابقاً، وتشك
الاَن، هل لاقتهُ نجاسة ما فنجسته أو بقي على طهارته السابقة؟ تقول: شرشف نومي
طاهر.
القاعدة الثانية: كلّ شيء كان نجساً فيما مضى ثم تشكّ، هل طهرته بعد ذلك
أم بقي على نجاسته السابقة؟ فهو نجس.
مثلاً؟
ـ يدك مثلاً كانت نجسة،
أنت متأكّد من ذلك قبل الاَن، وشككت بعد ذلك، هل طهرتها من نجاستها السابقة، أم لم
تطهرها منها؟
تقول: يدي نجسة.
القاعدة الثالثة: كلُّ شيء لا تعلم حالته
السابقة، أنجساً كان هو قبل الاَن أم طاهراً؟ فهو الاَن طاهر.
مثلاً؟
ـ سائل في كأس تجهل حالته السابقة لا تدري أنجساً كان فيما مضى أم طاهراً تقول:
هذا السائل طاهر.
القاعدة الرابعة: كل شيء تشك، هل اصابته نجاسة فتنجس بها أو
اخطأته فلم تصبه، عندئذ لا يجب عليك الفحص والتحري والتدقيق لتتأكد من طهارته. بل
تقول هو طاهر، من دون حاجة اِلى فحص واستكشاف، حتى ولو كان الفحص سهلاً يسيراً
عليك.
مثلاً؟
ـ ثوبك كان طاهراً أنت متأكّد من ذلك قبل الاَن، وشككت
الاَن هل أصابه بول فتنجّس به أو بقي على طهارته السابقة؟
عندئذ.. لا يجب عليك فحص ثوبك، والبحث عن أثر البول فيه، حتّى لو كان ذلك البحث والفحص سهلاً يسيراً عليك، بل تقول: ثوبي طاهر.