مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين

الفتاوى الميسّـرة

حواريّة الزّكاة

الزكاة ركنٌ من أركان خمسة بني عليها الاِسلام ـ قال أبي ـ وهي من ضروريات الدين ، ولاَهميتها الكبيرة فقد ورد في الحديث الشريف : « أن الصلاة لا تقبل من مانع الزكاة » ذكر ذلك أبي وأضاف : لما نزلت آية الزكاة بسم الله ‏الرحمن الرحيم ( خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكيهم بها ) أمر رسول الله صلى الله عليه وآله‏ مناديه فنادى في الناس : « اِن الله تبارك وتعالى قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة » ولما حال الحول أمر صلى الله عليه وآله مناديه فنادى في المسلمين : « أيّها المسلمون زكّوا أموالكم تقبل صلاتكم » .‏ ثم وجه صلى الله عليه وآله عمال الصّدقة لقبضها من ‏الناس .‏

‏ وقال أبي : بينما كان رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد اِذ قال : « قُم يا فلان ، قُم يا فلان قُم يا فلان .‏ قُم يا فلان » .‏ حتى أخرج خمسة نفر ، فقال : « اُخرجوا ‏من مسجدنا ، لا تصلّوا فيه وأنتم لا تزكّون » .‏

‏ وأردَف أبي قائلاً وقد علت وجهه سحابة معتمة كئيبة وهو ينقل لي حديثاً عن الاِمام أبي جعفر عليه السلام جاء فيه : « اِن الله عزّ وجل يبعث يوم القيامة ناساً من قبورهم ، مشدودة أيديهم الى أعناقهم ، لا يستطيعون أن يتناولوا بها قيد أنملة ، معهم ملائكة يعيِّرونهم تعييراً شديداً، ويقولون هؤلاء الذين منعوا خيراً قليلاً من خير كثير، هؤلاء الذين ‏أعطاهم الله.‏. فمنعوا حق الله عزّ وجل من أموالهم».‏

‏ ومما لاحظته وأنا أتلو كتاب الله عزّ وجل مرة تلو أخرى ـ قال أبي ـ اِن القرآن الكريم كثيراً ما يقرن الزكاة بالصلاة في اَياته الكريمة، مما يكشف ‏عن مدى أهمّيتها في التشريع الاِسلامي.‏

‏ ‏ ‏‏ وحين سألت أبي عن وضع الزكاة أجابني بحديث للاِمام الصادق عليه السلام قال فيه:‏‏ «انّما وضعت الزكاة اختباراً للاغنياء، ومعونة للفقراء.‏ ولو أن النّاس ادّوا زكاة اموالهم ما بقي مسلم فقيراً محتاجاً، ولا ستغنى بما فرض الله له.‏ واِن النّاس ما افتقروا، ولا احتاجوا ولا جاعوا، ولا عروا اِلاّ بذنوب الاغنياء، ‏وحقيق على الله تبارك وتعالى أن يمنع رحمته ممن منع حق الله.‏. من ماله».‏

‏ وسألته: أفي كل ما تجب الزكاة؟

‏ قال مجيباً: تجب الزكاة فيما يأتي:‏‏

‏ الاول: في النقدين الذهب والفضّة بشروط.‏

‏‏ الثاني: في الحنطة والشعير والتمر والزبيب بشروط كذلك.‏

‏ الثالث: في الاِبل والبقر والجاموس والاَغنام بقسميها المعز والضأن وبشروط ‏هي الاَخرى.‏

‏ ‏ الرابع: [في مال التجارة] وبشروط كذلك.‏

‏ ‏‏ وما الشروط الواجب توفّرها في النقدين الذهب والفضة تلك التي أشّرت اليها في حديثك؟

‏ ــ شروط عدّة:‏

‏‏ 1 ـ أن تبلغ كمية الذهب خمسة عشر مثقالاً صيرفيّاً وزكاتها (5|2%) وكلّما ‏زادت ثلاثة مثاقيل وجب اِخراج 5|2% منها زكاة.‏

‏ أما الفضة فيجب أن تبلغ كميتها مائة وخمسة مثاقيل وزكاتها 5|2% .‏ وكلما زادت ‏كمّيتها واحداً وعشرين مثقالاً وجب اِخراج 5|2% منها زكاة.‏

‏ ‏‏ واِذا قلت كميّة النقدين عن الحدّ المذكور؟

‏ ــ لا تجب فيها الزكاة.‏

‏‏ 2 ـ أن يمضي عليهما أحد عشر شهراً ويدخل عليهما الشهر الثاني عشر وهما في ‏ملك المالك.‏

‏ ‏ 3 ـ أن يكونا ـ الذهب والفضّة ـ مسكوكين عملة رائجة للتّداول اليومي في ‏البيع والشراء.‏

‏ ‏‏ وسبائك الذّهب والحلي المصنوعة من الذهب أو الفضة وقطع الذهب والفضّة الاُخرى؟

‏ ــ لا تجب فيها الزكاة.‏

‏‏ 4 ـ تمكّن المالك من التصرّف فيه في تمام الحول، فلا تجب الزكاة في المال ‏الضائع مدّة معتدّاً بها عرفاً.‏

‏ ‏ 5 ـ كمال المالك بالبلوغ والعقل، فلا تجب الزكاة في النّقدين من أموال ‏الصبي والمجنون.‏

‏ (الثاني) مما تجب فيه الزكاة: الحنطة والشعير والتّمر والزبيب، وتجب فيها الزكاة اِذا بلغت كمّية كل منها بعد يبسها ثلاثمائة صاع وهذا يقارب ـ فيما ‏قيل ـ «847 كغم» تقريباً، ومقدار الزكاة الواجب فيها كما يلي:‏‏

أ ـ اِذا سقيت بماء المطر أو بماء النهر أو ماشابههما بحيث لا يحتاج سقي ‏الزرع الى مجهود تكون زكاتها حينئذٍ «10%».‏

‏ ب ـ اِذا سقيت باليد أو بالاَلة كالمضخّات أو ما شابههما تكون زكاتها حينئذٍ ‏«5%».‏

‏ جـ ـ اِذا سقيت بالمطر تارة وباليد أو بالاَلة اُخرى تكون زكاتها حينئذٍ ‏«5|7%»، اِلاّ اِذا كان أحد السقيين قليلاً جدّاً بحيث لا يعتدّ به فينسب ‏اِلي السقى الغالب.‏

‏ ‏‏ واِذا قلَّت كميّة المحصول عن ثلاثمائة صاع بعد يبسه؟

‏ ــ اِذا قلّت عن الحّد المقرر للزكاة فلا زكاة فيها.‏

‏ ‏‏ وهل هناك شرط آخر؟

ــ نعم.‏. ان يكون المحصول مملوكاً للمكلف حين تعلق الزكاة به، فلو تملكه بعد ‏ذلك الحين لم يجب عليه اداء زكاته.‏

‏ ‏‏ ومتى تتعلق الزكاة بالمحاصيل الاربعة؟

‏ ــ تتعلق بها حينما يصدق اسم الحنطة أو الشعير أو التمر أو العنب.‏

‏‏ (الثالث) مما تجب فيه الزكاة: المعز والضأن، والاِبل، والبقر والجاموس.‏

‏ ‏ ويشترط في وجوب زكاتها اُمور:‏‏

‏ 1 ـ بلوغ عددها النصاب، وهو رقم معيّن اِذا بلغته وجبت فيها الزكاة.‏

‏ ففي الابل: اِذا بلغ عددها خمساً فزكاتها شاة، واِذا بلغ عشراً فزكاتها شاتان، واِذا بلغ خمس عشرة فزكاتها ثلاث شياه،‏ واِذا بلغ عشرين فزكاتها أربع شياه، واِذا بلغ خمساً وعشرين فزكاتها خمس شياه، واِذا بلغ ستاً وعشرين فزكاتها ناقة في السنة الثانية من عمرها، واِذا بلغ ستاً وثلاثين فزكاتها ‏ناقة في السنة الثالثة من عمرها.‏

‏ ‏ وهناك غيرها من الاَرقام لا يسع المجال هنا لذكرها.‏

‏ وفي الغنم: اِذا بلغ عددها أربعين فزكاتها شاة، واِذا بلغ مائة وواحداً وعشرين فزكاتها شاتان، واِذا بلغ مائتين وواحداً فزكاتها ثلاث شياه، واِذا بلغ ثلاثمائة وواحداً فزكاتها اربع شياه، واِذا بلغ أربعمائة أو أكثر فزكاتها عن ‏كل مائة شاة واحدة، مهما بلغ عددها.‏

‏ وفي البقر والجاموس: اِذا بلغ عددها ثلاثين فزكاتها تبيع دخل في السنة الثانية من عمره، واِذا بلغ العدد أربعين فزكاتها مسنّة دخلت في السنة ‏الثالثة من عمرها من البقر أو الجاموس.‏

‏ ولا زكاة فيما بين النصابين أو الرقمين المحددّين في الاِبل والبقر والغنم، ‏فاِذا ما زاد العدد عن النصاب فلا زكاة عليه حتى يصل الى النصاب الجديد.‏

‏‏ 2 ـ أن تكون الحيوانات سائمة ترعى في أرض الله، أمّا اِذا كانت معلوفة يعطيها صاحبها علفها ولو في بعض السنة فلا زكاة فيها [ ولا يعتبر في الحيوانات ان لا تكون عوامل، فتجب فيها الزكاة وان استعملت في السقي أو النقل أو نحو ذلك ‏لفترةٍ معتدة بها].‏

‏ ‏ 3 ـ تمكّن المالك أو وليّه من التصرّف فيها في تمام الحول، فلو سرقت فترة ‏معتداً بها لم تجب الزكاة فيها.‏

‏ ‏ 4 ـ ان يمضي عليها احد عشر شهراً ويدخل الشهر الثاني عشر وهي في ملك ‏المالك.‏

‏ (الرابع) مما [تجب فيه الزكاة: مال التجارة]: وهو المال الّذي يتملكه ‏الشخص بقصد المعاوضة قاصداً به الرّبح والتجارة.‏

‏ ‏ وزكاته ( 5|2 %) اِذا اجتمعت الشروط التالية:‏‏

‏ 1 ـ بلوغ المالك وعقله.‏

‏ ‏ 2 ـ بلوغ المال حّد النصاب وهو نصاب أحد النقدين الفضة أو الذهب، راجع نصاب ‏النقدين.‏

‏ ‏ 3 ـ مضيّ الحول عليه بعينه من حين قصد الرّبح والتجارة.‏

‏ ‏ 4 ـ بقاء قصد تحصيل الربّح طول الحول، فلو عدل ونوى به القنية، أو الصرف في ‏المؤنة في أثناء الحول لم تجب فيه الزكاة.‏

‏ ‏ 5 ـ تمكّن المالك من التصرّف فيه تمام الحول.‏

‏ ‏ 6 ـ أن يطلب براس المال أو بزيادة عليه طول الحول.‏

‏ ‏‏ واِذا أخرجت الزكاة فلمن أدفعها؟

ــ تدفع الزّكاة للمستحقّين وهم ثمانية أصناف بشروط، قال تعالى: (اِنّما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرقاب ‏والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم).‏

‏ ‏‏ وما الفرق بين الفقير والمسكين؟

ــ الفقير والمسكين: كلاهما من لا يملك قوت سنته لنفسه ولعياله وليست له صنعة أو حرفة مثلاً يتمكن بها من توفير قوت نفسه وعياله، والمسكين أسوأ حالاً ‏من الفقير.‏

‏ ومن هم العاملون عليها؟

ــ العاملون عليها: هم المنصبَّون هم من قبل النبي صلى الله عليه وآله أو الاِمام عليه السلام أو الحاكم الشرعي أو نائبه لقبض الزكاة وحسابها واِيصالها اِليهم او اِلي ‏المستحقين.‏

‏ ‏‏ والمؤلّفة قلوبهم؟

ــ المؤلّفة قلوبهم: هم المسلمون الّذين يعزّز اسلامهم بدفع المال اِليهم، أو الكفّار بهدف جلبهم الى الاِسلام، أو مساعدتهم المسلمين في الدفاع عن أنفسهم.‏

‏ وتجدر الاِشارة الى انه لا ولاية للمالك في صرف الزكاة على الصنفين ‏المتقدمين بل ذلك منوط برأي الاِمام عليه السلام ونائبه.‏

‏ ‏‏ وفي الرقاب؟

‏ ــ في الرقاب: وهم العبيد يشترون ويُعتقون.‏

‏ ‏‏ والغارمون؟

‏ ‏ ــ الغارمون: هم المدينون العاجزون عن تسديد ديونهم المشروعة.‏

‏ ‏‏ وفي سبيل الله؟

ــ في سبيل الله : هو مصرف جميع سبل الخير العامّة كبناء المساجد والجسور ‏وغيرها [وفي صرف هذا السهم ايضاً لابد من اذن الحاكم الشرعي ] .‏

‏ ‏‏ وابن السبيل؟

ــ ابن السبيل : هو المسافر المنقطع، ذاك الذي نفدت أمواله ولا تتيسر له اِستدانة نفقة العود او يحرجه ذلك [ كما لا يتيسر له بيع بعض امواله التي في بلده أو ايجارها ليعود ببدله اليه ] فانه تدفع له نفقة العود بشرط ان لا ‏يكون سفره في معصية .‏

‏ هذه هي أصناف المستحقّين ، غير أنّه يشترط فيمن تدفع له الزكاة منهم أن يكون مؤمناً [ وأن لا يكون تاركاً للصلاة أو شارباً للخمر أو متجاهراً بالمنكرات ] وان لا يكون ممّن يصرف الزكاة في المعاصي [ بل وأن لا يكون في الدفع اِليه اِعانة على الاِثم واِغراء بالقبيح واِن لم يكن يصرفها في ‏المعاصي] .‏

‏ ويشترط أيضاً أن لا يكون ممن تجب نفقته على دافع الزكاة كالزّوجة، وأن لا ‏يكون المستحق هاشمياً.‏ هذا ويحق للهاشمي فقط أن يدفع زكاته للهاشمي مثله .