مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين

مناسك الحج و ملحقاتها

الوقوف بعرفات

الثاني - من واجبات حجّ التمتّع-: الوقوف بعرفات بقصد القربة والخلوص، والمراد بالوقوف هو الحضور بعرفات من دون فرق بين أن يكون راكباً أو راجلاً ساكناً أو متحركاً.

مسألة 365: حد عرفات(1) من بطن عُرنَة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز، ومن المأزمين إلى أقصى الموقف، وهذه حدود عرفات وهي خارجة عن الموقف.

مسألة 366: الظاهر أن جبل الرحمة موقف، ولكن الأفضل الوقوف على الأرض في السفح من ميسرة الجبل.

مسألة 367: يعتبر في الوقوف أن يكون عن قصد(2)، ولو قصد الوقوف في أول الوقت- مثلاً- ثم نام أو غُشي عليه إلى آخره كفى، ولو نام أو غشي عليه في جميع الوقت غير مسبوق بالقصد لم يتحقّق منه الوقوف، وإن كان مسبوقاً به ففيه إشكال(3).

مسألة 368: يجب الوقوف بعرفات في اليوم التاسع من ذي الحجّة مستوعباً من أول الزوال على الأحوط(4) إلى الغروب(5)، والأظهر جواز تأخيره عن الزوال بمقدار الاتيان بالغسل وأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً.

والوقوف في تمام هذا الوقت وإن كان واجباً يأثم المكلف بتركه اختياراً، إلا أنه ليس من الأركان، بمعنى أن من ترك الوقوف في مقدار من هذا الوقت لا يفسد حجّه.

نعم، لو ترك الوقوف رأساً باختياره فسد حجّه، فما هو الركن من الوقوف هو الوقوف في الجملة.

مسألة 369: من لم يدرك الوقوف الاختياري بعرفات (الوقوف في النهار) لنسيان أو لجهل يعذر فيه، أو لغيرهما من الأعذار، لزمه الوقوف الاضطراري فيه ( الوقوف برهة من ليلة العيد ) وصحّ حجّه، فإن تركه متعمّداً فسد حجّه.

هذا إذا أمكنه إدراك الوقوف الاضطراري على وجه لا يفوت معه الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس، وأما مع خوف فوته في الوقت المذكور بسبب ذلك فيجب الاقتصار على الوقوف بالمشعر ويصحّ حجّه.

مسألة 370: تحرم الإفاضة من عرفات قبل غروب الشمس عالماً عامداً، لكنها لا تفسد(6) الحجّ، فإذا رجع إلى عرفات فلا شيء عليه، وإلا كانت عليه كفارة بدنة ينحرها يوم النحر، والأحوط وجوباً أن يكون بمنى دون مكّة، فإن لم يتمكّن منها صام ثمانية عشر يوماً بمكّة أو في الطريق أو عند أهله، والأحوط الأولى أن تكون متواليات.

ويجري هذا الحكم في من أفاض من عرفات نسياناً أو جهلاً منه بالحكم، فيجب عليه الرجوع بعد العلم أو التذكّر، فإن لم يرجع حينئذٍ فعليه الكفّارة على الأحوط الاولى.

مسألة 371: إن جملة من مناسك الحجّ كالوقوف في عرفات وفي المزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى، بما أن لها أياماً وليالي خاصة من شهر ذي الحجّة الحرام، فوظيفة المكلّف أن يتحرى عن رؤية هلال هذا الشهر ليتسنى له الاتيان بمناسك حجّه في أوقاتها.

وإذا ثبت الهلال عند قاضي الديار المقدسة، وحكم على طبقه، وفرض مخالفته للموازين الشرعية، فقد يقال بحجيّة حكمه في حق من يحتمل مطابقته مع الواقع، فيلزمه متابعته وترتيب آثار ثبوت الهلال فيما يرتبط بمناسك حجّه من الوقوفين وغيرهما.

فإذا فعل ذلك حكم بصحّة حجّه وإلا كان محكوماً بالفساد.

بل قد يقال بالاجتزاء بمتابعة حكمه حتى فيما لم يحتمل مطابقته مع الواقع في خصوص ما تقتضي التقيّة الجري على وفقه.

ولكن كلا القولين في غاية الاشكال، وعلى هذا فإن تيسّر للمكلف أداء أعمال الحجّ في أوقاتها الخاصة حسبما تقتضيه الطرق المقررة لثبوت الهلال وأتى بها صحّ حجّه مطلقاً على الأظهر.

وإن لم يأتِ بها كذلك- ولو لعذر- فإن ترك أيضاً اتّباع رأي القاضي في الوقوفين فلا شكّ في فساد حجّه، وأما مع اتّباعه ففي صحّة حجّه إشكال(7).


(1) السؤال 1: هل التحديدات الموجودة للمشاعر المقدسة معتبرة يمكن الإعتماد عليها؟

الجواب: إذا كانت قديمة مأخوذة يداً عن يد فهي معتبرة ما لم يحصل الإطمئنان بخطئها.

السؤال 2: خصصت أماكن لاقامة حجاج كل بلد في عرفات ولا يدرى هل هي داخل الحد المطلوب المكث فيه شرعاً أو لا فما هو تكليف الحاج؟

الجواب: إذا كانت داخل الحدود المعلنة والاعلام المرسومة للمشاعر المقدسة المأخوذة يداً عن يد يجتزأ بالوقوف فيها، واما مع الشك في ذلك فلا بد من الفحص والتثبت حتى لو كان الشك من جهة عدم الاطمئنان بقدم الحدود المرسومة وكونها مأخوذة يداً عن يد، فضلاً عما إذا كان من جهة الشبهة المصداقية.

* سيأتي في حدود المزدلفة ومنى ما يناسب ذلك فراجع.

(2) السؤال 1: ما حكم من نوى الوقوف بعرفة أو المزدلفة قبل الوصول اليها وبعد الوصول غفل تماماً عن النية حتى خرج منها أو خرج الوقت؟

الجواب: لا يضرّه ذلك، الا إذا كان غافلاً عن الوقوف بالمرة بحيث لو سئل ما تفعل هنا لبقي متحيراً لعدم تأثر نفسه عن الداعي الالهي.

السؤال 2: ما حكم من نوى الوقوف بعرفة أو بالمزدلفة قبل الوصول اليها ولم يعلم بالوصول إلى ان خرج الوقت أو خرج منها؟

الجواب: إذا لم يعلم بالوصول إلى عرفات أو المزدلفة حتى خرج منها أو خرج الوقت لم يتحقق منه الوقوف الشرعي.

السؤال 3: من احرم لحج التمتع وحضر في عرفات بعد ظهر اليوم التاسع باعتقاد انه اليوم الثامن وكان حضوره فيها مقدمة للوقوف في اليوم التالي ثم انكشف له الخلاف بعد طلوع الفجر فهل يصحّ منه ذلك الوقوف من دون نية وما هو حكم حجّه؟

الجواب: لا يكفي في تحقق الوقوف الشرعي مجرد الحضور في عرفات بعد ظهر اليوم التاسع من دون نية الوقوف - ولو من جهة اعتقاد ان هذا اليوم الثامن - وعلى ذلك فلو كان الحاج المشار اليه معذوراً لعدم ادراكه الوقوف في عرفات وادرك اختياري المشعر صح حجّه وإلاّ بطل مطلقاً.

السؤال 4: امرأة جنت في عرفات ما هي وظيفة زوجها وهو معها؟

الجواب: إذا كان جنونها بعد ادراكها مسمى الوقوف أو انها أفاقت فيها بحيث ادركت الوقوف لزم على الزوج ان يأخذها إلى المزدلفة فان أفاقت هناك وادركت اختياري المشعر أو اضطراريه فقد ادركت الحج فان أفاقت من جنونها وتمكنت من الاتيان ببقية المناسك فهو وان عادت إلى الجنون فحينئذ يستنيب لها من يأتي ببقية المناسك ويتم حجها.

(3) السؤال : إذا نوى الحاج الوقوف بعرفة أو المزدلفة ونام تمام الوقت هل يجزيه وقوفه؟

الجواب: إذا نوى أول الوقت ثم نام ولو إلى آخره أجزأه وأما إذا نوى قبل دخول الوقت ثم نام إلى آخره فالأحوط عدم الإجتزاء به.

(4) هذا الاحتياط استحبابي.

(5) السؤال : ورد في المناسك ان منتهى الوقت الذي يجب الوقوف فيه بعرفات هو (الغروب) فهل المقصود به سقوط القرص أو ذهاب الحمرة المشرقية؟

الجواب: مع احتمال اختفاء قرص الشمس بالجبال أو الاشجار ونحوهما فاللازم الانتظار إلى ذهاب الحمرة واما مع عدم الشك في سقوط القرص فلزوم الانتظار إلى ذهاب الحمرة مبني على الاحتياط.

(6) السؤال : هل يجوز للضعيف والمريض ومن يتولى شؤونهما الإفاضة من عرفات قبل غروب الشمس؟

الجواب: لا يجوز لهم ذلك إلاّ عن عذر شرعي كالاضطرار ويثبت عليهم حينئذٍ كفارة بدنة على الاحوط الاولى.

(7) السؤال 1: هناك من المرشدين في الحجّ من يلمح أو يصرح بعدم اجزاء الحجّ بالوقوف مع العامة ويأمر باعادة الحجّ في عام لاحق لا يختلف فيه الموقف، وهناك من يكلف الحاج بالرجوع إلى ارض عرفة في اليوم الثابت كونه التاسع من ذي الحجّة بحسب الموازين الشرعية وفي مقابل ذلك يقول المعظم انه يصح الحجّ معهم فما هو تعليقكم على ذلك؟

الجواب: نحن لا نفتي بالاجزاء بالحجّ معهم إذا كان مخالفاً لما تقتضيه الموازين الشرعية لثبوت الهلال كما لا نفتي بعدم الاجزاء، ويمكن لمقلدينا الرجوع في هذه المسألة إلى فقيه آخر، واما رعاية الاحتياط بالاتيان بالوقوفين في الوقت المطابق للميزان الشرعي فحسن جداً لمن يقدر عليه من غير محذور بل هو لازم إلا مع الرجوع إلى القائل بالاجزاء.

السؤال 2: ذكرتم في رسالة المناسك إن الهلال إذا لم يثبت بالطرق المعتبرة عندنا وثبت عند قاضي الديار المقدسة وأتى المكلف بالوقوفين على وفق حكم القاضي ففي صحة حجّه إشكال سواء علم بمخالفة حكم القاضي للواقع أم احتمل المخالفة.. والسؤال هو إنه هل أن سماحتكم تفتون بفساد الحجّ في الصورتين أم تحتاطون في ذلك؟

الجواب: نحتاط في ذلك احتياطاً وجوبياً فلمن يرجع إلينا في التقليد أن يرجع في هذه المسألة إلى غيرنا مع مراعاة الأعلم فالأعلم.

السؤال 3: حيث انكم تحتاطون في مسئلة الاجزاء بالوقوف مع العامة عند الاختلاف في الموقف وهناك عدد من الفقهاء يقولون بالاجتزاء به فلو أراد مقلدكم في الرجوع في هذه المسألة إلى الغير فهل عليه ان يحرز من هو الاعلم بعدكم ليرجع اليه ام يكفيه العلم بتطابق فتاوى من هم في اطراف شبهة الاعلمية بعدكم في الاجتزاء بالوقوف مع العامة؟

الجواب: يكفيه ما ذكر.

السؤال 4: هل الاحتياط في مسألة الوقوف مع العامة يشمل ترتيب سائر الآثار المتعلقة بالحج كالليالي التي يجب المبيت فيها في منى أو انه تجب متابعة الواقع في غير الوقوفين؟

الجواب: الاحتياط يشمل الجميع فيمكن الرجوع إلى الغير.

السؤال 5: نحن من الباقين على تقليد المرحوم السيد الخوئي (قدس سره) بالرجوع اليكم وفتواه عدم الاجتزاء بالوقوف مع العامة في صورة العلم بالخلاف والمشكلة انه في معظم هذه السنوات وبعد توفر المعلومات الفلكية الدقيقة عن وضع الهلال من حيث تاريخ خروجه من المحاق ومدى ارتفاعه وحجمه عند غروب الشمس ونحو ذلك يحصل لنا العلم بعدم كونه قابلاً للرؤية بالعين المجردة في الليلة التي يحكم الجماعة بانها الليلة الاولى من الشهر، فهل لنا التخلص من هذه المشكلة بالرجوع في هذه المسئلة إلى بعض الفقهاء القائلين بالاجزاء حتى في صورة العلم بالخلاف؟

الجواب: لا مجال لذلك بمقتضى ظاهر افتائه بعدم الاجزاء في صورة العلم بالخلاف من غير تفصيل.

السؤال 6: يفصّل السيد الخوئي (قدس سره) في الوقوف بعرفة مع العامة بين ما إذا احتمل مطابقة الموقف الرسمي للموقف الشرعي وبين العلم بالخلاف فيجتزئ بالوقوف في الصورة الاولى دون الثانية، ومعلوم انكم تستشكلون في الاجتزاء بالوقوف معهم في كلتا الصورتين ولكن بناءاً على ما اختاره السيد (قدس سره) هل المناط في احتمال المطابقة ان يكون الاختلاف بيوم واحد ومناط العلم بالخلاف ان يكون الاختلاف بيومين كما يقول البعض؟

الجواب: ليس المناط ما ذكر، فانه ربما يكون الاختلاف بيوم واحد ومع ذلك يعلم بعدم مطابقة الموقف الرسمي للواقع كما إذا اعلنوا عن دخول الشهر مع كون القمر بعد في المحاق أو مع مضي وقت قصير جداً على خروجه منه.

السؤال 7: يسأل بعض اهل العلم انه لماذا لم يعتمد سيدنا المرجع دام ظله على سيرة المتشرعة المعاصرين للأئمة (عليهم السلاهم) دليلاً على الاجتزاء بالوقوف مع العامة في مورد تقدمهم على الموقف الشرعي بيوم أو يومين، كما اعتمدها الفقهاء الاخرون منهم السيد الحكيم والسيد الخوئي ومن بعدهما، حيث قالوا بانه لما كان أمر الموقف من بعد زمن امير المؤمنين (عليه السلام) إلى عصر الغيبة بيد المخالفين ولا يحتمل توافق الائمة (عليهم السلام) معهم في هلال الشهر طول تلك المدة التي كانت قريبة من مأتي سنة بل المقطوع به مخالفتهم لهم في اكثر السنوات ومع ذلك لم ينقل ولم يسمع عن أحد منهم (عليهم السلام) ردع الشيعة عن متابعة العامة في ذلك ولا امرهم بالوقوف في عرفات – مثلاً – في اليوم التاسع الشرعي بل ورد في رواية ابي الجارود ( الاضحى يوم يضحي الناس ) كشف ذلك عن الاجتزاء بالوقوف معهم، فما هو محل المناقشة في هذا الوجه؟

الجواب: مختصر ما افاده دام ظله – في محاضراته حول قاعدة التقية – بشأن السيرة المدعاة هو انها تبتني على اساس ان الطريقة التي كانت متبعة لثبوت الهلال من قبل السلطات الحاكمة في عصر المعصومين (عليهم السلام) هي نفسها الطريقة المتبعة في ذلك من قبل الجهات الرسمية في العصر الحاضر.

ولكن لا توجد شواهد تاريخية تؤيد هذا المعنى سواء في العصر الاموي أو العباسي، بل الظاهر انهم كانوا يشددون في امر الهلال ولا يحكمون بثبوت رؤيته ودخول الشهر الجديد بمجرد شهادة شخص أو شخصين مع صفاء الجو ووجود عدد كبير من المستهلين من دون ان يتيسر لهم رؤية الهلال، على خلاف النهج السائد في ذلك في هذا العصر الذي يكتنف ثبوتها فيه بملابسات اخرى أيضاً كما لا يخفى.

ومن شواهد التشدد في ثبوت الهلال في العصر الاموي ما حكي من ان سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب – الذي كان يُعدُ من كبار فقهائهم في المدينة – ذهب بجمع شهدوا برؤية الهلال إلى ابراهيم بن هشام المخزومي امير الحاج في عام 105 فلم يقبلهم فوقف سالم بعرفة لوقت شهادتهم ثم دفع فلما كان اليوم الثاني وقف مع الناس.

واما في العصر العباسي فقد جرى الامر فيه على نفس هذا المنوال ولا سيما بعد ان عهدوا بمنصب القضاء إلى ابي يوسف ابرز تلامذة ابي حنيفة وحظي بتأييد الخليفة فيما يتعلق بشؤون التشريع وكان مذهبه في ثبوت الهلال انه متى ما كانت السماء مصحية فلا تقبل الشهادة برؤيته الا من جماعة يقع العلم للقاضي بشهادتهم، وقدّر عددهم بعدد القسامة خمسين رجلاً.

وعلى ذلك فلا يصحّ ان يقاس ذلك العصر بالعصر الراهن الذي يتبع فيه من بيده امر الموقف مذهب ابن حنبل واتباعه القائلين بثبوت هلال رمضان بشاهد واحد وهلال سائر الشهور بشاهدين وان كانت السماء صاحية واستهل جمع كثيرون ولم يدع الرؤية غير واحد أو اثنين.

وبالجملة لم يكن مبنى القوم في عصر المعصومين (عليهم السلام) على المساهلة والمسامحة في قبول الشهادات برؤية الهلال بل كانوا يشددون فيه وربما أدّى ذلك بهم إلى التأخير في اول الشهر عن وقته الشرعي، كما يظهر ذلك من خبر لقاء الامام الصادق (عليه السلام) مع الخليفة ابي العباس السفاح في الحيرة في يوم الشك من رمضان عند الخليفة الذي كان اول الشهر عند الامام (عليه السلام)، حيث دعاه إلى الاكل فاضطر (عليه السلام) إلى الاجابة تقية.

وكيف كان فلا شاهد على ما ادعي من مخالفة الوقوف الرسمي في عرفات والمزدلفة لما تقتضيه الموازين الشرعية في اكثر السنوات، بل اوضح شاهد على خلاف ذلك هو عدم ورود ذكر لهذه المخالفة في شيء من الروايات صحيحها وسقيمها مع انها متعلقة بجملة من أهم مناسك الحجّ اعني الوقوفين واعمال منى، وكيف يمكن الاذعان بوقوع الاختلاف في الموقف في غالب الاعوام وإتّباع الشيعة فيها من بيدهم امر الموقف طبقاً للاوامر الصادرة اليهم من قبل الائمة (عليهم السلام) ولا يتمثّل ذلك في شيء من نصوص الحجّ، في حين انها اشتملت على الكثير من مسائله حتى ما يقلّ الابتلاء به كجملة من مسائل الصيد وكفاراته.

هذا مع ما عُرف من حال الشيعة من انه لم يكن يسهل عليهم إتباع غيرهم في الامور الشرعية والاجتزاء بما يؤدى معهم من العبادات كما يظهر ذلك من النصوص الواردة بشأن الحضور في جماعتهم والصلاة خلفهم مع انه ليس فيها ما يوجب الاخلال بشيء من اركان الصلاة بل ببعض سننها فحسب، فكيف سهل على الشيعة الوقوف في عرفات وفي المزدلفة والاتيان باعمال منى في غير وقتها الشرعي اتباعاً للعامة ولم يقع ذلك منهم مورداً للسؤال والاستفسار طوال العشرات من السنين ولا سيما في عصر الصادقين (عليهما السلام) ولو وقع لتمثل ذلك في الروايات، بل كيف كانت هذه المسألة مورداً لابتلاء الشيعة بصورة واسعة في عصر الغيبة الكبرى ولا يوجد – حسب ما تتبعناه – التعرض لها في كتب الفقهاء المتقدمين إلى عصر الشهيد الثاني، حتى ان العلامة الحلي في التذكرة والمنتهى والشهيد الاول في الدروس تعرضا لما ذكره بعض فقهاء العامة من ( الحكم بعدم الاجتزاء بالوقوف بعرفات في يوم التروية معللاً ذلك بانه لا يقع فيه الخطأ لان نسيان العدد لا يتصور من العدد الكبير ) ولم يعقّبا على ذلك بشيء مع انه لو كان الاختلاف في الموقف مما يقع في غالب السنين لعقبوا عليه بان الوقوف في يوم التروية مما يبتلى به الشيعة تقية ممن بيده امر الموقف من العامة ولبحثوا عن الاجتزاء به وعدمه.

وبالجملة اننا لم نجد في من تقدم على الشهيد الثاني من طرح هذه المسألة اصلاً واما هو(قدس سره) فقد تعرض لها على سبيل الافتراض والتقدير في باب احكام المصدود من المسالك وحكم بعدم الاجزاء، ثم لم نجد من تعرض لها من بعده إلى القرن الثالث عشر حيث طرحها بعض فقهائه كالمحقق القمي في جامع الشتات والمحقق آقا محمد علي ابن الوحيد البهبهاني في مقامع الفضل وقد حكم الاول بعدم الاجزاء بينما افتى الثاني بالاجزاء، وتعرض لذلك صاحب الجواهر ولم يستبعد الاجزاء وقال انه وجده منسوباً إلى السيد بحر العلوم (قدس سره) الا انه بنفسه احتاط في نجاة العباد قائلاً ( انه لا يجزي الوقوف معهم على الاحوط ان لم يكن اقوى) وأمضاه الشيخ الاعظم الانصاري والسيد الميرزا الشيرازي، وحكم بعدم الاجزاء أيضاً كل من السيد حسين الكوهكمري والشيخ زين العابدين المازندراني ومن المتأخرين المحقق النائيني (قدس سره).

فالنتيجة ان ما ادعي من قيام السيرة على متابعة العامة في الوقوفين مما لا يمكن المساعدة عليه، واما رواية ابي الجارود فهي مع الغض عن سندها لا تدل على شيء فانه لم يثبت كون المعني بكلمة (الناس) فيها هو غير الشيعة بل لا يبعد ان يكون المراد بها عامة المسلمين كما في صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) انه سأله عن الرجل يرى الهلال في شهر رمضان وحده لا يبصره غيره أله ان يصوم؟ قال: إذا لم يشك فليفطر وإلا فليصمه مع الناس.

وفي خبر آخر لابي الجارود قال سمعت ابا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) يقول ( صم حين يصوم الناس وافطر حين يفطر الناس فان الله عز وجل جعل الاهلة مواقيت) وواضح ان المراد بـ (الناس) فيه – بقرينة التعليل – هو عامة الناس لا غير الشيعة.

تذييل في صيام عرفة:

سيأتي في آداب الحج استحباب الدعاء بعرفات بما تيسر من المأثور وغيره

السؤال 8: ورد في المنهاج انه يكره الصوم في يوم عرفة لمن خاف ان يضعفه عن الدعاء فهل يعم هذا الحكم الحاج الذي يقف بعرفات؟

الجواب: نعم.

السؤال 9: إذا اراد الحاج ان يصوم في عرفات وكان مسافراً فهل يصح ان ينذر صوم يوم عرفة فيها؟

الجواب: يصح وليكن نذره من الليل.