مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
يجب على المسافر التقصير في
الصلوات الرباعية ، وهو أن يقتصر على الركعتين الأوليين ويسلم في الثانية ،
وللتقصير شروط:
(الشرط الأول) قصد المسافة ، بمعنى احراز قطعها ولو من غير
إرادة ، فإذا خرج غير قاصد للمسافة لطلب ضالة أو غريم ونحوه لم يقصر في ذهابه ، وإن
كان المجموع مسافة أو أزيد ، نعم إذا قصد المسافة بعد ذلك ـ ولو بالتلفيق مع مسافة
الرجوع ـ لزمه التقصير من حين الشروع فيها ، وهكذا الحكم في النائم والمغمى عليه
إذا سوفر بهما من غير سبق التفات.
والمسافة هي ثمانية فراسخ ، والفرسخ ثلاثة
أميال ، والميل أربعة الآف ذراع بذراع انسان عادي ، وعليه فالمسافة تتحقق بما يقارب
(44) كيلومتراً.
( مسألة 394 ) : يتحقق طي المسافة بأنحاء:
(1) أن
يسير ثمانية فراسخ مستقيماً.
(2) أن يسيرها غير مستقيم ، بأن يكون سيره في
دائرة أو خط منكسر.
(3) أن يسير أربعة فراسخ ويرجع مثلها ، وفي حكمه ما إذا
كان الذهاب أو الرجوع أقل من أربعة فراسخ إذا بلغ مجموعهما ثمانية فراسخ ، وان كان
ـ الأحوط الأولى ـ في ذلك الجمع بين القصر والتمام.
( مسألة 395 ) : لا
يعتبر في المسافة الملفقة أن يكون الذهاب والاياب في يوم واحد ، فلو سافر أربعة
فراسخ قاصداً الرجوع وجب عليه التقصير ما لم تحصل الاقامة القاطعة للسفر ولا غيرها
من قواطعه ، وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ في غير ما قصد الرجوع ليومه الجمع بين
القصر والاتمام.
( مسألة 396 ) : تثبت المسافة بالعلم ، وبشهادة عدلين
، وبالاطمينان الحاصل من المبادى العقلائية كالشياع ، وخبر العادل الواحد ، أو مطلق
الثقة ونحو ذلك ، وإذا لم تثبت المسافة بشيء من هذه الطرق وجب التمام.
(
مسألة 397 ) : إذا قصد المسافر محلاً خاصاً واعتقد أن مسيره لا يبلغ المسافة ،
أو أنه شك في ذلك فأتم صلاته ثم انكشف إنه كان مسافة أعادها قصراً فيما إذا بقي
الوقت ، ووجب عليه التقصير فيما بقي من سفره ، وإذا اعتقد انه مسافة فقصر صلاته ثم
انكشف خلافه اعادها تماماً ، سواء كان الانكشاف في الوقت ، أم في خارجه ويتمها فيما
بقي من سفره ما لم ينشئ سفراً جديداً.
( مسألة 398 ) : تحتسب المسافة
من الموضع الذي يعد الشخص بعد تجاوزه مسافراً عرفاً وهو آخر البلد غالباً ، وربما
يكون آخر الحي ، أو المحلة في بعض البلاد الكبيرة جداً.
( مسألة 399 )
: إذا قصد الصبي مسافة ثم بلغ أثناءها قصر في صلاته وإن كان الباقي من سفره لا يبلغ
المسافة.
( مسألة 400 ) : لا يعتبر الاستقلال في قصد المسافة ، فمن
سافر بتبع غيره ـ باختيار أو باكراه ـ من زوج أو والد أو غيرهما وجب عليه التقصير
إذا علم أن مسيره ثمانية فراسخ ، وإذا شك في ذلك لزمه الاتمام ولا يجب الاستعلام
وإن تمكن منه.
( مسألة 401 ) : إذا اعتقد التابع أن مسيره لا يبلغ
ثمانية فراسخ ، أو أنه شك في ذلك فاتم صلاته ، ثم انكشف خلافه لم تجب عليه الاعادة
ويجب عليه التقصير إذا كان الباقي بنفسه مسافة وإلاّ لزمه الاتمام ، نعم إذا كان
قاصداً محلاً خاصاً معتقداً أنه لا يبلغ المسافة ثم انكشف الخلاف جرى عليه حكم غيره
المتقدم في المسألة (397).
(الشرط الثاني) استمرار القصد ولو حكماً ، بمعنى
أنه لا ينافيه الا العدول عنه أو التردد فيه ، فلو قصد المسافة وعدل عنه ، او تردد
قبل بلوغ الاربعة اتم صلاته ، نعم إذا كان عازماً على الرجوع وكان ما سبق منه قبل
العدول مع ما يقطعه في الرجوع بمقدار المسافة بقي على تقصيره.
( مسألة 402
) : إذا سافر قاصداً للمسافة فعدل عنه ثم بدا له في السفر ففي ذلك صورتان:
(1) أن يبلغ الباقي من سفره مقدار المسافة ولو كان بضميمة الرجوع اليه ، ففي هذه
الصورة يتعين عليه التقصير.
(2) أن لا يكون الباقي مسافة ولكنه يبلغها بضم
مسيره الأول إليه ، ولا يبعد وجوب القصر في هذه الصورة أيضاً وإن كان ـ الأحوط
استحباباً ـ أن يجمع بينه وبين الاتمام.
( مسألة 403 ) : إذا قصد
المسافة وصلى قصراً ثم عدل عن سفره ـ فالأحوط لزوماً ـ أن يعيدها أو يقضيها تماماً.
( مسألة 404 ) : لا يعتبر في قصد المسافة أن يقصد المسافر موضعاً
معيناً ، فلو سافر قاصداً ثمانية فراسخ متردداً في مقصده وجب عليه التقصير ، وكذلك
الحال فيما إذا قصد موضعاً خاصاً وعدل في الطريق إلى موضع آخر وكان المسير إلى كل
منهما مسافة.
( مسألة 405 ) : لو عدل من المسير في المسافة الامتدادية
إلى المسير في المسافة التلفيقية أو بالعكس بقي على التقصير.
(الشرط الثالث)
أن لا يتحقق أثناء المسافة شيء من قواطع السفر: ( المرور بالوطن على ما سيجيء ، قصد
الاقامة عشرة أيام ، التوقف ثلاثين يوماً في محل متردداً وسيأتي تفصيل ذلك ) فلو
خرج قاصداً طي المسافة الامتدادية ، أو التلفيقية وعلم أنه يمرّ بوطنه وينزل فيه
أثناء المسافة ، أو أنه يقيم أثناءها عشرة أيام لم يشرع له التقصير من الأول ،
وكذلك الحال فيما إذا خرج قاصداً المسافة واحتمل أنه يمرّ بوطنه وينزل فيه ، أو
يقيم عشرة أيام أثناء المسافة ، أو أنه يبقى أثناءها في محل ثلاثين يوماً متردداً
فإنه في جميع ذلك يتم صلاته من أول سفره ، نعم إذا اطمأن من نفسه أنه لا يتحقق شيء
من ذلك قصر صلاته وإن احتمل تحققه ضعيفاً.
( مسألة 406 ) : إذا خرج
قاصداً المسافة واتفق أنه مرّ بوطنه ونزل فيه أو قصد اقامة عشرة أيام ، أو أقام
ثلاثين يوماً متردداً ، أو أنه احتمل شيئاً من ذلك اثناء المسافة احتمالاً لا يطمأن
بخلافه ، ففي جميع هذه الصور يتم صلاته ، وما صلاه قبل ذلك قصراً يعيده أو يقضيه
تماماً على ـ الأحوط وجوباً ـ ولا بد في التقصير بعد ذلك من انشاء السفر لمسافة
جديدة والا أتم فيما بقي من سفره أيضاً.
نعم في الصورة الأخيرة إذا عزم على
المضي في سفره ـ بعد أن إحتمل قطعه ببعض القواطع ـ يجري عليه ما تقدم في المسألة
(402).
(الشرط الرابع) أن يكون سفره سائغاً ، فإن كان السفر بنفسه حراماً ، أو
قصد الحرام بسفره أتم صلاته ، ومن هذا القبيل ما إذا سافر قاصداً به ترك واجب كسفر
الغريم فراراً من أداء دينه مع وجوبه عليه ، ومثله السفر في السيارة المغصوبة إذا
قصد الفرار بها عن المالك ، ويدخل فيه أيضاً السفر في الأرض المغصوبة.
(
مسألة 407 ) : العاصي بسفره يجب عليه التقصير في ايابه إذا لم يكن الاياب بنفسه
من سفر المعصية ، ولا فرق في ذلك بين من تاب عن معصيته ومن لم يتب.
( مسألة
408 ) : إذا سافر سفراً سائغاً ، ثم تبدل سفره إلى سفر المعصية أتم صلاته ما
دام عاصياً ، فإن عدل عنه إلى سفر الطاعة قصر في صلاته سواء كان الباقي مسافة أم
لا.
( مسألة 409 ) : إذا كانت الغاية من سفره أمرين: أحدهما مباح
والآخر حرام أتم صلاته ، إلاّ إذا كان الحرام تابعاً وكان الداعي إلى سفره هو الأمر
المباح.
( مسألة 410 ) : اتمام الصلاة ـ إذا كانت الغاية محرمة ـ يتوقف
على تنجز حرمتها ، فإن لم تتنجز ، أو لم تكن الغاية محرمة في نفس الأمر لم يجب
الاتمام ، مثلاً إذا سافر لغاية شراء دار يعتقد إنها مغصوبة فانكشف ـ اثناء سفره أو
بعد الوصول إلى المقصد ـ خلافه كانت وظيفته التقصير ، وكذلك إذا سافر قاصداً شراء
دار يعتقد جوازه ثم انكشف إنها مغصوبة ، نعم لا يضر بالاتمام عدم تحقق الغاية
المحرمة صدفة.
(الشرط الخامس): أن لا يكون سفره للصيد لهواً ، وإلاّ أتم صلاته
في ذهابه ، وقصر في إيابه إذا لم يكن كالذهاب للصيد لهواً ، وإذا كان الصيد لقوت
نفسه ، أو عياله وجب التقصير ، وكذلك إذا كان الصيد للتجارة.
(الشرط السادس):
أن لا يكون ممن لا مقرّ له كالسائح الذي يرتحل من بلد إلى بلد وليس له مقرّ في أي
منها ، ومثله البدو الرحّل ممن يكون بيوتهم معهم ، ولو كانت له حالتان كأن يكون له
مقر في الشتاء يستقر فيه ورحلة في الصيف يطلب فيها العشب والكلأ ، مثلاً كما هو
الحال في بعض أهل البوادي كان لكل منهما حكمه ، فيقصر لو خرج إلى حد المسافة في
الحالة الاولى ، ويتم في الثانية.
(الشرط السابع): أن لا يكون كثير السفر إما
باتخاذ عمل سفري مهنة له كالسائق ، والملاح أو بتكرر السفر منه خارجاً وان لم يكن
مقدمة لمهنته ، بل كان له غرض آخر منه كالتنزه والزيارة ، فالمعيار كثرة السفر ولو
تقديراً كما في القسم الأول ، ولو سافر السائق أو شبهه في غير عمله وجب عليه
التقصير كغيره من المسافرين إلاّ مع تحقق الكثرة الفعلية في حقه ، وسيأتي ضابطها.
( مسألة 411 ) : الحطاب ، أو الراعي ، أو السائق ، أو نحوهم إذا كان
عمله فيما دون المسافة واتفق أنه سافر ولو في عمله يقصر في صلاته.
( مسألة
412 ) : من كان السفر عمله في أكثر أيام السنة أو في بعض فصولها ، كمن يدور في
تجارته ، أو يشتغل بالمكاراة ، أو الملاحة أيام الصيف فقط يتم صلاته حينما يسافر في
عمله ، وأما من كان السفر عمله في فترة قصيرة ـ كثلاثة أسابيع ـ من كل عام وإن زاد
على مرة واحدة كمن يؤجر نفسه للنيابة في حج أو زيارةٍ ، أو لخدمة الحجاج أو
الزائرين ، أو لارائتهم الطريق ، أو للسياقة أو الملاحة ، ونحوهما أياماً خاصة فيجب
القصر عليهم.
( مسألة 413 ) : لا يعتبر تعدد السفر في من اتخذ العمل
السفري مهنة له ، فمتى ما صدق عليه عنوان السائق أو نحوه وجب عليه الاتمام ، نعم
إذا توقف صدقه على تكرار السفر وجب التقصير قبله ، والظاهر توقف صدق عنوان السائق
مثلاً على العزم على مزاولة مهنة السياقة مرة بعد اُخرى على نحو لا تكون له. فترة
غير معتادة لمن يتخذ تلك المهنة عملاً له ، وتختلف الفترة طولاً وقصراً بحسب اختلاف
الموارد.
( مسألة 414 ) : تتحقق كثرة السفر في حق من يتكرر منه السفر
خارجاً لكونه مقدمة لمهنته ، أو لغرض آخر إذا كان يسافر في كل شهر ما لا يقل عن عشر
مرات من عشرة أيام منه ، أو يكون في حال السفر فيما لا يقل عن عشرة أيام في الشهر
ولو بسفرين أو ثلاثة ، مع العزم على الاستمرار على هذا المنوال مدة ستة أشهر مثلاً
من سنة واحدة ، أو مدة ثلاثة أشهر من سنتين فما زاد ، وأما إذا كان يسافر في كل شهر
أربع مرات مثلاً او يكون مسافراً في سبعة أيام منه فما دون فحكمه القصر ، ولو كان
يسافر ثمان مرات في الشهر الواحد ، أو يكون مسافراً في ثمانية أيام منه أو تسعة ـ
فالأحوط لزوماً ـ ان يجمع بين القصر والتمام.
( مسألة 415 ) : إذا أقام
مَنْ عَمَلُهُ السفر في بلده ، أو في غيره عشرة أيام بنية الإقامة لم ينقطع حكم
عملية السفر فيتم الصلاة بعده حتى في سفره الأول ، ولا يبعد جريان هذا الحكم حتى في
المكاري وان كان الأحوط استحباباً له الجمع بين القصر والاتمام في سفره الأول.
( الشرط الثامن ) : أن يصل إلى حد الترخص ، فلا يجوز التقصير قبله ، وحدّ الترخص هو
المكان الذي يتوارى المسافر بالوصول إليه عن أنظار أهل البلد بسبب ابتعاده عنهم ،
وعلامة ذلك غالباً تواريهم عن نظره بحيث لا يراهم ، والعبرة في عين الرائي وصفاء
الجو بالمتعارف مع عدم الاستعانة بالآلات المتداولة لمشاهدة الأماكن البعيدة.
( مسألة 416 ) : لا يعتبر حد الترخص في الاياب كما يعتبر في الذهاب ،
فالمسافر يقصّر في صلاته حتى يدخل بلده ولا عبرة بوصوله إلى حد الترخص وإن كان
الأولى رعاية الاحتياط بتأخير الصلاة إلى حين الدخول في البلد ، أو الجمع بين القصر
والتمام إذا صلى بعد الوصول إلى حد الترخص.
( مسألة 417 ) : إنما يعتبر
حد الترخص ذهاباً فيما إذا كان السفر من بلد المسافر ، وأما إذا كان من المكان الذي
أقام فيه عشرة أيام ، أو بقي فيه ثلاثين يوماً متردداً فالظاهر أنه يقصر من حين
شروعه في السفر ، ولا يعتبر فيه الوصول إلى حد الترخص ولكن رعاية الاحتياط أولى.
( مسألة 418 ) : إذا شك المسافر في وصوله إلى حد الترخص بنى على عدمه وأتم صلاته ، فإذا انكشف بعد ذلك خلافه وكان الوقت باقياً أعادها قصراً ، ولا يجب القضاء لو انكشف بعده وكذلك الحال في من اعتقد عدم وصوله حد الترخص ثم بان خطاؤه.