مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم اجمعين .
وبعد :
يجب على كل مكلف ان يحرز امتثال التكاليف الالزامية الموجهة اليه في الشريعة المقدسة، ويتحقق ذلك بأحد أمور: اليقين التفصيلي، الاجتهاد، التقليد، الاحتياط، وبما ان موارد اليقين التفصيلي في الغالب تنحصر في الضروريات، فلا مناص للمكلف في احراز الامتثال فيما عداها من الاَخذ باحد الثلاثة الاَخيرة.
الاجتهاد : وهو استنباط الحكم الشرعي من مداركه المقررة.
التقليد : ويكفي فيه تطابق العمل مع فتوى المجتهد الذي يكون قوله حجة في حقه فعلاً مع احراز مطابقته لها.
والمقلد قسمان :
1 ـ من ليست له أية معرفة بمدارك الاحكام الشرعية.
2 ـ من له حظ من العلم بها ومع ذلك لا يقدر على الاستنباط.
الاحتياط : وهو العمل الذي يتيقن معه ببراءة الذمة من الواقع المجهول ، وهذا هو الاحتياط المطلق ، ويقابله الاحتياط النسبي كالاحتياط بين فتاوى مجتهدين يعلم اجمالاً بأعلمية أحدهم وسيجيء في المسألة ( 18 ) .
والاجتهاد واجب كفائي ، فاذا تصدى له من يكتفي به سقط التكليف عن الباقين، واذا تركه الجميع استحقوا العقاب جميعاً ، وقد يتعذر العمل بالاحتياط على بعض المكلفين، وقد لا يسعه تمييز موارده ـ كما ستعرف ذلكـ وعلى هذا فوظيفة من لا يتمكن من الاستنباط هو التقليد ، الا اذا كان واجداً لشروط العمل بالاحتياط فيتخير ـ حينئذٍ ـ بين التقليد والعمل بالاحتياط.
( مسألة 1 )
: المجتهد مطلق ومتجزئ ، المجتهد المطلق هو (الذي يتمكن من الاستنباط في جميع انواع الفروع الفقهية ) ، المجتهد المتجزئ هو (القادر على استنباط الحكم الشرعي في بعضها دون بعض)، فالمجتهد المطلق يلزمه العمل باجتهاده أو ان يعمل بالاحتياط، وكذلك المتجزئ بالنسبة إلى الموارد التي يتمكن فيها من الاستنباط، وأما فيما لا يتمكن فيه من الاستنباط فحكمه حكم غير المجتهد، فيتخير فيه بين التقليد والعمل بالاحتياط.
( مسألة 2 )
: المسائل التي يمكن ان يبتلى بها المكلف عادة ـ كجملة من مسائل الشك والسهو ـ يجب عليه ان يتعلم احكامها ، الا اذا احرز من نفسه عدم الابتلاء بها.
( مسألة 3 )
: عمل غير المجتهد بلا تقليد ولا احتياط باطل بمعنى انه لا يجوز له الاجتزاء به ، الا اذا احرز موافقته لفتوى من يجب عليه تقليده فعلاً ، أو ما هو بحكم العلم بالموافقة كما سيتضح بعض موارده من المسألة (5).
( مسألة 4 )
: المقلّد يمكنه تحصيل فتوى المجتهد الذي قلده بأحد طرق ثلاثة:
(1) ان يسمع حكم المسألة من المجتهد نفسه.
(2) ان يخبره بفتوى المجتهد عادلان أو شخص يثق بنقله.
(3) ان يرجع إلى الرسالة العملية التي فيها فتوى المجتهد مع الاطمينان بصحتها.
( مسألة 5 )
: إذا مات المجتهد وبقي المكلف على تقليده مدة بعد وفاته من دون ان يقلّد الحيّ ، في ذلك غفلة عن عدم جواز ذلك ثم رجع إلى الحيّ ، فان جاز له ـ بحسب فتوى الحي ـ البقاء على تقليد المتوفى صحت اعماله التي أتى بها خلال تلك المدة مطلقا ، والا رجع في الاجتزاء بها إلى الحي ، فان عرف كيفيتها ووجدها مطابقة لفتاوى الحي حكم بصحتها ، بل يحكم بالصحة في بعض موارد المخالفة أيضاً ، وذلك فيما اذا كانت المخالفة مغتفرة حينما تصدر لعذر شرعي ، كما اذا اكتفى المقلد بتسبيحة واحدة في صلاته حسب ما كان يفتي به المجتهد المتوفى ولكن المجتهد الحي يفتي بلزوم الثلاث ، ففي هذه الصورة يحكم أيضاً بصحة صلاته ، واذا لم يعرف كيفية اعماله السابقة بنى على صحتها ـ أيضاً ـ الا في موارد خاصة لا يناسب المقام تفصيلها.
( مسألة 6 ) : يجوز العمل بالاحتياط ، سواء استلزم التكرار ام لا .