مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
الضمان هو : التعهّد بمال لآخر .
ويقع على نحوين: تارةً: على نحو نقل الدين من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن للمضمون له، وأُخرى: على نحو التزام الضامن للمضمون له بأداء مال إليه، فليست نتيجته سوى وجوب الأداء عليه تكليفاً.
فالفرق بين النحوين: أنّ الضامن على النحو الأوّل - وهو المقصود بالضمان عند الإطلاق - تشتغل ذمّته للمضمون له بنفس المال المضمون، فلو مات قبل وفائه أخرج من تركته مقدّماً على الإرث، وأمّا الضامن على النحو الثاني فلا تشتغل ذمّته للمضمون له بنفس المال بل بأدائه إليه فلو مات قبل ذلك لم يخرج من تركته شـيء إلّا بوصيّة منه.
مسألة 1132 : يعتبر في الضمان: الإيجاب من الضامن والقبول من المضمون له بلفظ أو فعل دالّ - ولو بضميمة القرائن - على تعهّد الأوّل بالمال ورضا الثاني بذلك.
مسألة 1133 : يعتبر في الضامن والمضمون له: البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم السفه، وعدم الفلس أيضاً في خصوص المضمون له، وأمّا في المديون فلا يعتبر شـيء من ذلك فلو ضمن شخص ما على المجنون أو الصغير من الدين صحّ.
مسألة 1134 : الأحوط وجوباً اعتبار التنجيز في عقد الضمان، فلو علّقه على أمر كأن يقول: (أنا ضامن لما على فلان إن أذن لي أبي) أو (أنا ضامن إن لم يفِ المديون إلى زمان كذا أو إن لم يفِ أصلاً) لم يصحّ على الأحوط لزوماً، نعم لا يعتبر التنجيز في الضمان على النحو الثاني فيصحّ أن يلتزم بأداء الدين مثلاً على تقدير خاصّ كعدم قيام المدين بوفائه فيلزمه العمل بالتزامه وللدائن مطالبته بالأداء على ذلك التقدير .
مسألة 1135 : يعتبر في الضمان كون الدَّيْن الذي يضمنه ثابتاً في ذمّة المضمون عنه، سواء كان مستقرّاً كالقرض والثمن أو المثمن في البيع الذي لا خيار فيه أو متزلزلاً كأحد العوضين في البيع الخياريّ أو كالنصف الثاني من المهر قبل الدخول ونحو ذلك، فلو قال: (أقرض فلاناً أو بعه نسيئة وأنا ضامن) لم يصحّ، نعم لو قصد الضمان على النحو الثاني المتقدّم صحّ، فلو تخلّف المقترض عن أداء القرض أو تخلّف المشتري عن أداء الثمن المؤجّل وجب على الضامن أداؤه.
مسألة 1136 : يعتبر في الضمان تعيّن الدَّيْن والمضمون له والمضمون عنه، فلا يصحّ ضمان أحد الدَّيْنَيْن ولو لشخص معيّن على شخص معيّن، ولا ضمان دين أحد الشخصين ولو لواحد معيّن، ولا ضمان دين أحد الشخصين ولو على واحد معيّن.
مسألة 1137 : إذا كان الدين معيّناً في الواقع ولو يعلم جنسه أو مقداره أو كان المضمون له أو المضمون عنه متعيّناً في الواقع ولم يعلم شخصه صحّ، فلو قال: (ضمنت ما لفلان على فلان) ولم يعلم أنّه درهم أو دينار أو أنّه دينار أو ديناران صحّ، وكذا لو قال: (ضمنت الدين الذي على فلان لمن يطلبه من هؤلاء العشرة) ويعلم بأنّ واحداً منهم يطلبه ولم يعلم شخصه ثُمَّ قبل بعد ذلك الواحد المعيّن الذي يطلبه، أو قال: (ضمنت ما كان لفلان على المديون من هؤلاء) ولم يعلم شخصه صحّ الضمان.
مسألة 1138 : إذا تحقّق الضمان الجامع للشرائط انتقل الحقّ - كما تقدّم - من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن وبرئت ذمّته، فإذا أبرأ المضمون له - وهو صاحب الدين - ذمّة الضامن برئت الذمّتان الضامن والمضمون عنه، و إذا أبرأ ذمّة المضمون عنه كان لغواً لأنّه لم تشتغل ذمّته بشيء حتّى يبرئه.
مسألة 1139 : عقد الضمان لازم، فلا يجوز للضامن فسخه ولا المضمون له.
مسألة 1140 : يشكل ثبوت الخيار لأيّ من الضامن والمضمون له بالاشتراط أو بغيره، فلا يترك مراعاة مقتضی الاحتياط في ذلك.
مسألة 1141 : إذا كان الضامن حين الضمان قادراً على أداء المضمون فليس للدائن فسخ الضمان ومطالبة المديون الأوّل وإن عجز الضامن عن الأداء بعد ذلك، وكذلك إذا كان الدائن عالماً بعجز الضامن ورضي بضمانه، وأمّا إذا كان جاهلاً بذلك ففي ثبوت حقّ الفسخ له إشكال، فلا يترك مراعاة مقتضی الاحتياط فيه.
مسألة 1142 : إذا ضمن من دون إذن المضمون عنه وطلبه لم يكن له الرجوع عليه بالدين وإلّا فله الرجوع عليه ولو قبل وفائه، نعم إذا أبرأ المضمون له ذمّة الضامن عن تمام الدين لم يستحقّ على المضمون عنه شيئاً وإذا أبرأ ذمّته عن بعضه لم يستحقّ عليه ذلك البعض، ولو صالح المضمون له الضامن بالمقدار الأقلّ لم يستحقّ الضامن على المضمون عنه إلّا ذلك المقدار دون الزائد، وكذا الحال لو ضمن الدين بأقلّ منه برضا المضمون له، والضابط أنّ الضامن لا يستحقّ على المضمون عنه بالمقدار الذي يسقط من الدين بغير أدائه، ومنه يظهر أنّه ليس له شـيء في صورة تبرّع أجنبيّ لأداء الدين.
مسألة 1143 : لو دفع المضمون عنه الدين إلى المضمون له من دون إذن الضامن برئت ذمّته وليس له الرجوع عليه.
مسألة 1144 : إذا احتسب المضمون له ما على ذمّة الضامن خمساً أو زكاة بإجازة من الحاكم الشرعيّ، أو احتسبه صدقة، فقد جاز للضامن أن يطالب المضمون عنه بذلك، وكذا الحال إذا أخذه منه ثُمَّ ردّه إليه بعنوان الهبة أو نحوها، وهكذا إذا مات المضمون له وورث الضامن ما في ذمّته.
مسألة 1145 : يجوز ضمان الدين الحال حالّاً ومؤجّلاً، وكذا ضمان الدين المؤجّل مؤجّلاً وحالّاً، وكذا يجوز ضمان الدين المؤجّل مؤجّلاً بأزيد من أجله وبأنقص منه.
مسألة 1146 : إذا كان الدين حالّاً وضمنه الضامن مؤجّلاً كان الأجل للضمان لا الدين، فلو أسقط الضامن الأجل سقط فيكون للمضمون له مطالبته حالّاً كما كان له مطالبة المضمون عنه كذلك، وهكذا الحال ما لو مات الضامن قبل انقضاء الأجل.
مسألة 1147 : إذا كان الدين مؤجّلاً وضمنه شخص بإذن المضمون عنه كذلك ثُمَّ أسقط الأجل فليس له مطالبة المضمون عنه به قبل حلول الأجل، وكذا الحال إذا مات الضامن في الأثناء فإنّ المضمون له يأخذ المال المضمون من تركته حالّاً ولكن ليس لورثته مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل.
مسألة 1148 : إذا كان الدين مؤجّلاً وضمنه شخص حالّاً بإذن المضمون عنه جاز له الرجوع إليه كذلك لأنّه المتفاهم العرفيّ من إذنه بذلك.
مسألة 1149 : إذا كان الدين مؤجّلاً وضمنه بإذن المضمون عنه بأقلّ من أجله - كما إذا كان أجله ثلاثة أشهر مثلاً وضمنه بمدّة شهر - فله مطالبة المضمون عنه بالدين عند حلول الأجل الثاني وهو أجل الضمان.
وإذا ضمنه بأكثر من أجله ثُمَّ أسقط الزائد فله مطالبة المضمون عنه بذلك، وكذلك الحال في ما إذا مات الضامن بعد انقضاء أجل الدين وقبل انقضاء المدّة الزائدة.
مسألة 1150 : إذا أدّى الضامن الدين من غير جنسه لم يكن له إجبار المضمون عنه بالأداء من خصوص الجنس الذي دفعه إلى الدائن.
مسألة 1151 : يجوز الضمان بشرط الرهانة من المضمون له على الضامن فيَرْهَن بعد الضمان، ولو لم يفعل ففي ثبوت الخيار للمضمون له إشكال فلا يترك مراعاة مقتضی الاحتياط فيه.
مسألة 1152 : إذا كان على الدين الثابت في ذمّة المضمون عنه رهن فهو ينفكّ بالضمان إلّا إذا اشترط عدمه فلا ينفكّ حينئذٍ.
مسألة 1153 : يجوز الترامي في الضمان بأن يضمن مثلاً عمرو عن زيد، ثُمَّ يضمن بكر عن عمرو ثُمَّ يضمن خالد عن بكر وهكذا، فتبرأ ذمّة الجميع ويستقرّ الدين على الضامن الأخير، فإن كان جميع الضمانات بغير إذن من المضمون عنه لم يرجع واحد منهم على سابقه، وإن كان جميعها بالإذن يرجع الضامن الأخير على سابقه وهو على سابقه إلى أن ينتهي إلى المديون الأصليّ، وإن كان بعضها بالإذن وبعضها بدونه فإن كان الأخير بدون الإذن كان كالأوّل لم يرجع واحد منهم على سابقه و إن كان بالإذن رجع هو على سابقه وهو على سابقه لو ضمن بإذنه وإلّا لم يرجع وانقطع الرجوع عليه.
مسألة 1154 : یجوز ضمان اثنين عن واحد بالاشتراك بأن يكون على كلٍّ منهما بعض الدين، فتشتغل ذمّة كلٍّ منهما بمقدار منه على حسب ما عيّناه ولو بالتفاوت، ولو أطلقا يقسط عليهما بالنصف وإن كانوا ثلاثة فبالثلث وهكذا، ولكلٍّ منهما أداء ما عليه وتبرأ ذمّته ولا يتوقّف على أداء الآخر ما عليه، وللمضمون له مطالبة كلٍّ منهما بحصّته ومطالبة أحدهما أو إبراؤه دون الآخر، ولو كان ضمان أحدهما بالإذن دون الآخر رجع هو إلى المضمون عنه بما ضمنه دون الآخر .
ولا فرق في جميع ما ذكر بين أن يكون ضمانهما بعقدين - بأن ضمن أحدهما عن نصف الدين ثُمَّ ضمن الآخر عن نصفه الآخر - أو بعقد واحد كما إذا ضمن عنهما وكيلهما في ذلك فقبل المضمون له، هذا كلّه في ضمان اثنين عن واحد بالاشتراك، وأمّا ضمانهما عنه بالاستقلال - بأن يكون كلّ منهما ضامناً لتمام الدين - فهو لا یصحّ.
مسألة 1155 : إذا كان المديون فقيراً لم يصحّ أن يضمن شخص عنه بالوفاء من الخمس أو الزكاة أو المظالم، ولا فرق في ذلك بين أن تكون ذمّة الضامن مشغولة بها فعلاً أم لا.
مسألة 1156 : إذا كان الدين الثابت على ذمّة المدين خمساً أو زكاةً صحّ أن يضمن عنه شخص للحاكم الشرعيّ أو وكيله.
مسألة 1157 : إذا ضمن شخص في مرض موته صحّ الضمان، فإن كان بإذن المضمون عنه فلا إشكال في خروجه من أصل التركة، وإن لم يكن بإذنه یخرج من الثلث.
مسألة 1158 : يصحّ أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية، وأمّا ضمانه لنفقاتها الآتية فلا يصحّ إلّا على النحو الثاني المتقدّم، كما لا يصحّ ضمان نفقة الأقارب إلّا على ذلك النحو .
مسألة 1159 : كما يجوز الضمان عن الأعيان الثابتة في الذِّمَم يجوز الضمان عن المنافع والأعمال المستقرّة في الذمم، فكما أنّه يجوز أن يضمن عن المستأجر ما عليه من الأجرة كذلك يجوز أن يضمن عن الأجير ما عليه من العمل، نعم لو كان ما عليه يعتبر فيه مباشرته - كما إذا كان عليه خياطة ثوب مباشرة - لم يصحّ ضمانه.
مسألة 1160 : يصحّ ضمان الأعيان الخارجيّة على النحو الثاني المتقدّم أي الالتزام بردّها مع بقاء العين المضمونة وردّ بدلها من المثل أو القيمة عند تلفها، ومن هذا القبيل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتري إذا ظهر المبيع مستحقّاً للغير أو ظهر بطلان البيع من جهةٍ أُخرى.
مسألة 1161 : هل یصحّ ضمان ما يحدثه المشتري في الأرض المشتراة من بِناءٍ أو غرس أو نحو ذلك إذا ظهر كونها مستحقّة للغير؟ فیه إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه، نعم یصحّ ضمانه على النحو الثاني المتقدّم.
مسألة 1162 : لو ادّعى شخص على شخص ديناً فقال ثالث للمدّعي: (عليّ ما عليه) فرضي به المدّعي صحّ الضمان، بمعنى انتقال الدين إلى ذمّته على تقدير ثبوته، فيسقط الدعوى عن المضمون عنه ويصير الضامن طرف الدعوى، فإذا أقام المدّعي البيّنة على ثبوته يجب على الضامن أداؤه، وكذا لو ثبت إقرار المضمون عنه قبل الضمان بالدين، وأمّا إقراره بعد الضمان فلا يثبت به شـيء على الضامن لكونه إقراراً على الغير .
مسألة 1163 : إذا اختلف الدائن والمدين في أصل الضمان، كما إذا ادّعى المديون الضمان وأنكره الدائن فالقول قول الدائن، وهكذا إذا ادّعى المديون الضمان في تمام الدين وأنكره المضمون له في بعضه.
مسألة 1164 : إذا ادّعى الدائن على أحد الضمان فأنكره فالقول قول المنكر، وإذا اعترف بالضمان واختلفا في مقداره أو في اشتراط التعجيل إذا كان الدين مؤجّلاً فالقول قول الضامن، وإذا اختلفا في اشتراط التأجيل مع كون الدين حالّاً أو في وفائه للدين أو في إبراء المضمون له قدّم قول المضمون له.
مسألة 1165 : إذا اختلف الضامن والمضمون عنه في الإذن وعدمه، أو في مقدار الدين المضمون، أو في اشتراط شـيء على المضمون عنه، قدّم قول المضمون عنه ما لم يكن مخالفاً للظاهر، وكذا الحال في الموارد المتقدّمة.
مسألة 1166 : من ادّعى عليه الضمان فأنكره ولكن استوفى المضمون له الحقّ منه بإقامة بيّنة فليس له مطالبة المضمون عنه، لاعترافه بأنّ المضمون له أخذ المال منه ظلماً.
مسألة 1167 : لو كان على أحد دين فطلب من غيره أداءه فأدّاه بلا ضمان عنه للدائن جاز له الرجوع على المدين.
مسألة 1168 : إذا قال شخص لآخر : (ألقِ متاعك في البحر وعليّ ضمانه) فألقاه ضمنه - بمعنی اشتغال ذمّته ببدله - سواء أكان لخوف غرق السفينة أو لمصلحة أُخرى من خفّتها أو نحوها، وهكذا لو أمره بإعطاء دينار مثلاً لفقير أو أمره بعمل لآخر أو لنفسه فإنّه يضمن إذا لم يقصد المأمور المجّانيّة.