مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين

منهاج الصالحين

فصل معنی الاعتکاف وشروط الصحّة

وهو اللّبث في المسجد بقصد التعبّد به، والأحوط استحباباً أن يضمّ إليه قصد فعل العبادة فيه من صلاة ودعاء وغيرهما، ويصحّ في كلّ وقت يصحّ فيه الصوم، والأفضل شهر رمضان، وأفضله العشر الأواخر .

مسألة 1068 : يشترط في صحّته مضافاً إلى العقل والإسلام - بتفصيل تقدّم في الصوم - أُمور :

الأوّل: نيّة القربة، كما في غيره من العبادات.

والواجب هو إيقاعه من أوّله إلى آخره عن النيّة، والمختار جواز الاكتفاء بتبييت النيّة مع قصد الشروع فيه في أوّل يوم، وأمّا لو قصد الشروع فيه وقت النيّة في أوّل الليل فيكفي بلا إشكال.

مسألة 1069 : لا يجوز العدول من اعتكاف إلى آخر اتّفقا في الوجوب والندب أو اختلفا، ولا من نيابة عن شخص إلى نيابة عن شخص آخر، ولا من نيابة عن غيره إلى نفسه وبالعكس.

الثاني: الصوم، فلا يصحّ بدونه، فلو كان المكلّف ممّن لا يصحّ منه الصوم لسفر أو غيره لم‏ يصحّ منه الاعتكاف.

الثالث: العدد، فلا يصحّ أقلّ من ثلاثة أيّام غیر ملفّقة، ويصحّ الأزيد منها وإن كان يوماً أو بعضه، أو ليلة أو بعضها، وتدخل فيه الليلتان المتوسّطتان دون الأُولى والرابعة وإن جاز إدخالهما بالنيّة، فلو نذر الاعتكاف كان أقلّ ما يمتثل به ثلاثة أيّام، ولو نذره أقلّ لم ‏ينعقد إذا أراد به الاعتكاف المعهود وإلّا صحّ، ولو نذره ثلاثة معيّنة فاتّفق أنّ الثالث عيد لم‏ ينعقد، ولو نذر اعتكاف خمسة فإن نواها مقيّداً من جهة الزيادة والنقصان بطل، وإن نواها مقيّداً من جهة الزيادة ومطلقاً من جهة النقصان وجب عليه اعتكاف ثلاثة أيّام، وإن نواها مقيّداً من جهة النقصان ومطلقاً من جهة الزيادة ضمّ إليها السادس سواء أفرد اليومين أو ضمّهما إلى الثلاثة.

الرابع: أن يكون في أحد المساجد الأربعة: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد الكوفة، ومسجد البصرة، ويجوز إيقاعه في المسجد الجامع في البلد أيضاً إلّا إذا اختصّ بإمامته غير العادل فإنّه لا يجوز الاعتكاف فيه حينئذٍ على الأحوط، والأحوط استحباباً - مع الإمكان - الاقتصار على المساجد الأربعة.

مسألة 1070 : لو اعتكف في مسجد معيّن فاتّفق مانع من البقاء فيه بطل ولم يجز اللبث في مسجد آخر، والأحوط لزوماً قضاؤه - إن كان واجباً - في مسجد آخر، أو في ذلك المسجد بعد ارتفاع المانع.

مسألة 1071 : يدخل في المسجد سطحه وسردابه مع وجود أمارة على دخوله، وكذا منبره ومحرابه، والإضافات الملحقة به إذا جعلت جزءاً منه كما لو وسِّع فيه.

مسألة 1072 : إذا قصد الاعتكاف في مكان خاصّ من المسجد لم ‏يتعيّن وكان تعيينه لغواً.

الخامس: إذن من يعتبر إذنه في جوازه، كالوالدين بالنسبة إلى ولدهما إذا كان موجباً لإيذائهما شفقة عليه، وكالزوج بالنسبة إلى زوجته إذا لم يكن يجوز لها المكث في المسجد بدون إذنه، وأمّا إذا كان يجوز لها ذلك ولكن كان اعتكافها منافياً لحقّه ففي اعتبار إذنه في بعض موارده إشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في ذلك.

السادس: استدامة اللّبث في المسجد الذي شرع به فيه، فإذا خرج لغير الأسباب المسوّغة للخروج بطل، من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل، بل يحكم بالبطلان في الخروج نسياناً أيضاً، بخلاف ما إذا خرج عن اضطرار أو إكراه أو لحاجة لا بُدَّ له منها من بول أو غائط أو غسل جنابة أو استحاضة أو مسّ ميّت وإن كان السبب باختياره، ويجوز الخروج لحضور صلاة الجمعة وللجنائز لتشييعها والصلاة عليها وتغسيلها وتكفينها ودفنها ولعيادة المريض.

أمّا سائر الأُمور الراجحة شرعاً فالأحوط وجوباً عدم الخروج لها إلّا إذا كانت حاجة لا بُدَّ منها، كما أنّ الأحوط لزوماً مراعاة أقرب الطرق عند الخروج، ولا تجوز زيادة المكث عن قدر الحاجة، وأمّا التشاغل على وجه تنمحي به صورة الاعتكاف فهو مبطل وإن كان عن إكراه أو اضطرار، ولا يجوز الجلوس تحت الظلال في الخارج بل الأحوط لزوماً ترك الجلوس فيه بعد قضاء الحاجة مطلقاً إلّا مع الضرورة.

مسألة 1073 : إذا أمكنه أن يغتسل في المسجد فالأحوط لزوماً عدم الخروج لأجله إذا كان الحدث لا يمنع من البقاء في المسجد كمسّ الميّت والاستحاضة، وأمّا إذا كان يمنع منه - كالجنابة - فإن تمكّن من الاغتسال في المسجد من غير مكث ولم ‏يستلزم محرّماً آخر كالتلويث والهتك وجب على الأحوط، وإلّا لم ‏يجز مطلقاً وإن كان زمان الغسل أقلّ من زمان الخروج، هذا في غير المسجدين وأمّا فيهما فإن لم ‏يكن زمان الغسل أطول من زمان التيمّم وكذا من زمان الخروج وجب الغسل في المسجد ما لم ‏يستلزم محرّماً وإلّا وجب الغسل خارجه.