مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
مسألة 440 : يثبت للأبوين حقّ الإنفاق على ابنهما، كما يثبت للولد - ذكراً كان أو أُنثى - حقّ الإنفاق على أبيه، والمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) ثبوت حقّ الإنفاق للأبوين على بنتهما كما يثبت على ابنهما، وأنّه مع فقد الولد أو إعساره يثبت حقّ الإنفاق لهما على أولاد أولادها أي أبناء الأبناء والبنات وبناتهم الأقرب فالأقرب.
وأيضاً المشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) ثبوت حقّ الإنفاق للولد مع فقد الأب أو إعساره على جدّه لأبيه وإن علا الأقرب فالأقرب، ومع فقده أو إعساره فعلى أُمّه، ومع فقدها أو إعسارها فعلى أبيها وأُمّها وأبي أبيها وأُمّ أبيها وأبي أُمّها وأُمّ أُمّها وهكذا الأقرب فالأقرب، وفي حكم آباء الأُمّ وأُمّهاتها أُمّ الأب وكلّ من تقرّب إلى الأب بالأُمّ كأبي أُمّ الأب وأُمّ أُمّ الأب وأُمّ أبي الأب وهكذا فتجب عليهم نفقة الولد مع فقد آبائه وأُمّه مع مراعاة الأقرب فالأقرب إليه، وإنّه إذا اجتمع من في الأصول ومن في الفروع يثبت حقّ الإنفاق على الأقرب فالأقرب، وما ذكروه لا يخلو عن إشكال وإن كان أحوط لزوماً، ولا يثبت حقّ الإنفاق لغير العمودين من الإخوة والأخوات والأعمام والعمّات والأخوال والخالات وغيرهم.
مسألة 441 : إذا تعدّد من يثبت عليه حقّ الإنفاق كما لو كان للشخص أب مع ابن أو أكثر من ابن واحد ففي ثبوت الحقّ على الجميع كفاية أو الاشتراك فيه بالسويّة وجهان، فإذا لم يقم البعض بما يلزمه على تقدير الاشتراك فالأحوط لزوماً لغيره القيام به.
مسألة 442 : يشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره، بمعنى عدم وجدانه لما يحتاج إليه في معيشته فعلاً من طعام وإدام وكسوة وفراش وغطاء ومسكن ونحو ذلك، فلا يجب الإنفاق على الواجد لنفقته فعلاً وإن كان فقيراً شرعاً أي لا يملك مؤونة سنته، وأمّا غير الواجد لها فإن كان متمكّناً من تحصيلها بالاستعطاء أو السؤال لم يمنع ذلك من وجوب الإنفاق عليه بلا إشكال، نعم لو استعطى فأُعطي مقدار نفقته الفعليّة لم يجب على قريبه الإنفاق عليه، وهكذا الحال لو كان متمكّناً من تحصيلها بالأخذ من حقوق الفقراء من الأخماس والزكوات والصدقات وغيرها، أو كان متمكّناً من الاقتراض ولكن بحرج ومشقّة أو مع احتمال عدم التمكّن من وفائه فيما بعد احتمالاً معتدّاً به، وأمّا مع عدم المشقّة في الاقتراض ووجود محلّ الإيفاء فلا یجب الإنفاق عليه.
ولو كان متمكّناً من تحصيل نفقته بالاكتساب فإن كان ذلك بالقدرة على تعلّم صنعة أو حرفة يفي مدخولها بنفقته ولكنّه ترك التعلّم فبقي بلا نفقة وجب على قريبه الإنفاق عليه ما لم يتعلّم، وهكذا الحال لو أمكنه الاكتساب بما يشقّ عليه تحمّله كحمل الأثقال أو بما لا يناسب شأنه كبعض الأشغال لبعض الأشخاص ولم يكتسب لذلك فإنّه يجب على قريبه الإنفاق عليه.
وإن كان قادراً على الاكتساب بما يناسب حاله وشأنه كالقويّ القادر على حمل الأثقال، والوضيع اللائق بشأنه بعض الأشغال، ومن كان كسوباً وله بعض الأشغال والصنائع وقد ترك ذلك طلباً للراحة، لم یجب الإنفاق عليه، نعم لو فات عنه زمان اكتسابه بحيث صار محتاجاً فعلاً بالنسبة إلى يوم أو أيّام غير قادر على تحصيل نفقتها وجب الإنفاق عليه وإن كان ذلك العجز قد حصل باختياره، كما أنّه لو ترك الاشتغال بالاكتساب لا لطلب الراحة بل لاشتغاله بأمر دنيويّ أو دينيّ مهمّ كطلب العلم الواجب لم يسقط بذلك التكليف بوجوب الإنفاق عليه.
مسألة 443 : إذا أمكن المرأة التزويج بمن يليق بها ويقوم بنفقتها دائماً أو منقطعاً فهل تكون بحكم القادر فلا يجب على أبيها أو ابنها الإنفاق عليها أم لا؟ وجهان، والصحیح هو الوجه الثاني.
مسألة 444 : لا يشترط في ثبوت حقّ الإنفاق كون المُنْفِق أو المُنْفَق عليه مسلماً أو عادلاً، ولا في المُنْفَق عليه كونه ذا علّةٍ من عمى وغيره، نعم يعتبر فيه - فيما عدا الأبوين - أن لا يكون كافراً حربيّاً أو من بحكمه.
مسألة 445 : لا يشترط في ثبوت حقّ الإنفاق كمال المنفِق بالبلوغ والعقل، فيجب على الوليّ أن ينفق من مال الصبيّ والمجنون على من يثبت له حقّ الإنفاق عليهما.
مسألة 446 : يشترط في وجوب الإنفاق على القريب قدرة المُنْفِق على نفقته بعد نفقة نفسه وزوجته الدائمة، فلو حصل له قدر كفاية نفسه وزوجته خاصّة لم يجب عليه الإنفاق على أقربائه، ولو زاد من نفقة نفسه وزوجته شيء صرفه في الإنفاق عليهم والأقرب منهم مقدّم على الأبعد، فالولد مقدّم على ولد الولد، ولو تساووا وعجز عن الإنفاق عليهم جميعاً وجب توزيع الميسور عليهم بالسويّة إذا كان ممّا يقبل التوزيع ويمكنهم الانتفاع به، وإلّا فالأحوط الأولى أن يقترع بينهم، وإن كان الأقرب أنّه يتخيّر في الإنفاق على أيّهم شاء.
مسألة 447 : إذا كان بحاجة إلى الزواج وكان ما لديه من المال لا يفي بنفقة الزواج ونفقة قريبه معاً، جاز له أن يصرفه في زواجه وإن لم يبلغ حدّ الاضطرار إليه أو الحرج في تركه.
مسألة 448 : إذا لم يكن عنده ما ينفقه على قريبه وكان متمكّناً من تحصيله بالاكتساب اللائق بشأنه، وجب عليه ذلك وإلّا أخذ من حقوق الفقراء أو استدان لذلك، نظير ما تقدّم في المسألة (429) بالنسبة إلى العاجز عن نفقة زوجته.
مسألة 449 : لا تقدير لنفقة القريب شرعاً، بل الواجب القيام بما يقيم حياته من طعام وإدام وكسوة ومسكن وغيرها مع ملاحظة حاله وشأنه زماناً ومكاناً حسبما مرّ في نفقة الزوجة.
مسألة 450 : ليس من الإنفاق الواجب للقريب - ولداً كان أو والداً - بذل مصاريف زواجه من الصداق وغيره وإن كان ذلك أحوط استحباباً لا سيّما في الأب مع حاجته إلى الزواج وعدم قدرته على نفقاته.
مسألة 451 : ليس من الإنفاق الواجب للقريب أداء ديونه، ولا دفع ما ثبت عليه من فدية أو كفّارة أو أرش جناية ونحو ذلك.
مسألة 452 : يجب على الولد نفقة والده دون أولاده؛ لأنّهم إخوته ودون زوجته، ويجب على الوالد نفقة ولده دون زوجته، نعم يجب عليه نفقة أولاد ولده أيضاً بناءً على ما تقدّم من وجوب نفقة الولد على جدّه.
مسألة 453 : يجزئ في الإنفاق على القريب بذل المال له على وجه الإمتاع والانتفاع ولا يجب تمليكه له، فإن بذله له من دون تمليك لم يكن له أن يملّكه أو يبيحه للغير إلّا إذا كان مأذوناً في ذلك من قبل المالك، ولو ارتزق بغيره وجبت عليه إعادته إليه ما لم يكن ماذوناً بالتصرّف فيه حتّى على هذا التقدير .
مسألة 454 : يجزئ في الإنفاق على القريب بذل الطعام والإدام ونحوهما له في دار المُنْفِق ولا يجب نقلها إليه في دار أُخرى، ولو طلب المنفق عليه ذلك لم تجب إجابته إلّا إذا كان له عذر من استيفاء النفقة في بيت المنفق من حَرٍّ أو برد أو وجود من يؤذيه هناك أو نحو ذلك.
مسألة 455 : نفقة الأقارب تقبل الإسقاط بالنسبة إلى الزمان الحاضر، ولا تقبل الإسقاط بالنسبة إلى الأزمنة المستقبلة.
مسألة 456 : لا تُقضى ولا تُتدارك نفقة الأقارب لو فاتت في وقتها وزمانها ولو بتقصير من المُنْفِق ولا تستقرّ في ذمّته، بخلاف نفقة الزوجة كما مرّ، نعم لو أخلّ بالإنفاق الواجب عليه ورفع من له الحقّ أمره إلى الحاكم الشرعيّ فأذن له في الاستدانة عليه ففعل اشتغلت ذمّته بما استدانه ووجب عليه أداؤه كما سيأتي.
مسألة 457 : إذا دافع وامتنع من وجبت عليه نفقة قريبه عن بذلها جاز لمن له الحقّ إجباره عليه ولو باللُّجُوء إلى الحاكم وإن كان جائراً، وإن لم يمكن إجباره فإن كان له مال جاز له أن يأخذ منه بمقدار نفقته بإذن الحاكم الشرعيّ، وإلّا جاز له أن يستدين على ذمّته بإذن الحاكم فتشتغل ذمّته بما استدانه ويجب عليه قضاؤه، وإن تعذّر عليه مراجعة الحاكم رجع إلى بعض عدول المؤمنين واستدان عليه بإذنه فيجب عليه أداؤه.