مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
والواجب منه في كلّ ركعة سجدتان، وهما معاً ركن تبطل الصلاة بنقصانهما معاً عمداً أو سهواً، وكذا بزيادتهما عمداً بل وسهواً أيضاً على الأحوط لزوماً، ولا تبطل بزيادة واحدة ولا بنقصها سهواً، والمدار في تحقّق مفهــوم الســـجدة على وضــع الجبهة - أو ما يقوم مقامها من الوجه - بقصد التذلّل والخضوع على هيئة خاصّة، وعلى هذا المعنى تدور الزيادة والنقيصة دون وضع سائر الأعضاء على مساجدها.
وواجبات السجود أُمور :
الأوّل: وضع المساجد السبعة على الأرض، وهي الجبهة، والكفّان، والركبتان، والإبهامان من الرجلين.
والواجب وضعه على المسجد من الجبهة مسمّاها ولو بقدر طرف الأنملة، والأحوط وجوباً وضع المسمّى من وسط الجبهة (أي السطح المحاط بخطّين موهومين متوازيين بين الحاجبين إلى الناصية) ولا يعتبر أن يكون مقدار المسمّى مجتمعاً بل يكفي وإن كان متفرّقاً فيجوز السجود على السبحة الحسينيّة - مثلاً - إذا كان مجموع ما وقعت عليه بمقدار مسمّى السجود.
والواجب وضعه من الكفّين باطنهما مستوعباً لتمامه مع الإمكان على الأحوط وجوباً، ولا يجزئ في حال الاختيار وضع رؤوس أصابع الكفّين وكذا إذا ضمّ أصابعه إلى راحته وسجد على ظهرها، وأمّا في حال الضرورة فيجزئ وضع الظاهر، والأحوط وجوباً لمن قطعت يده من الزند أو لم يتمكّن من وضع كفّه بسبب آخر أن يضع ما هو الأقرب إلى الكفّ فالأقرب من الذراع والعضد.
والواجب وضعه من الركبتين مقدار المسمّى، ومن الإبهامين مقدار المسمّى أيضاً ولو من ظاهرهما أو باطنهما وإن كان الأحوط استحباباً وضع طرفيهما، والأحوط وجوباً لمن قطع إبهام رجله أن يضع سائر أصابعها.
ولا يعتبر في وضع الأعضاء السبعة أن يجعل ثقله عليها أزيد من المقدار الذي يصدق معه السجود عليها عرفاً.
مسألة 646 : لا بُدَّ في الجبهة من مماسّتها لما يصحّ السجود عليه من أرض أو نحوها، ولا تعتبر في غيرها من الأعضاء المذكورة.
ويعتبر أن يكون السجود على النحو المتعارف، فلو وضع الأعضاء السبعة على الأرض وهو نائم على وجهه لم يجزه ذلك، نعم لا بأس بإلصاق الصدر والبطن بالأرض في حال السجود، والأحوط استحباباً تركه.
الثاني: الذكر على نحو ما تقدّم في الركوع، إلّا أنّ التسبيحة الكبرى هنا (سبحان ربّي الأعلى وبحمده).
الثالث: المكث لأداء الذكر الواجب بمقداره، وكذا الطمأنينة على النحو المتقدّم في الركوع.
الرابع: كون المساجد في محالّها حال الذكر، فلو رفع بعضها بطل وأبطل إن كان عمداً، ويجب تداركه إن كان سهواً، نعم لا مانع من رفع ما عدا الجبهة في غير حال الذكر إذا لم يكن مخلّاً بالاستقرار المعتبر حال السجود.
الخامس: رفع الرأس من السجدة الأُولى إلى أن ينتصب جالساً مطمئنّاً.
السادس: عدم كون مسجد الجبهة أعلى من موضع الركبتين والإبهامين ولا أسفل منه بما يزيد على أربع أصابع مضمومة، ولا فرق في ذلك بين الانحدار والتسنيم على الأحوط وجوباً، كما أنّ الأحوط لزوماً مراعاة مثل ذلك بين مسجد الجبهة والموقف أيضاً.
مسألة 647 : إذا وضع جبهته على الموضع المرتفع أو المنخفض فإن لم يصدق معه السجود رفعها ثُمَّ سجد على الموضع المساوي، وإن صدق معه السجود فإن التفت بعد الذكر الواجب لم يجب عليه الجرّ إلى الموضع المساوي، وإن التفت قبله وجب عليه الجرّ والإتيان بالذكر بعده، وإن لم يمكن الجرّ إليه أتى به في هذا الحال ثُمَّ مضى في صلاته.
وكذا الحكم لو سجد على ما لا يصحّ السجود عليه سهواً والتفت في الأثناء، فإنّه إن كان ذلك بعد الإتيان بالذكر الواجب مضى ولا شيء عليه، وإن كان قبله فإن تمكّن من جرّ جبهته إلى ما يصحّ السجود عليه فعل ذلك ومع عدم الإمكان يتمّ سجدته وتصحّ صلاته، ولو سجد على ما يصحّ السجود عليه فالأحوط لزوماً عدم جرّ الجبهة إلى الموضع الأفضل أو الأسهل لاستلزامه الإخلال بالاستقرار المعتبر حال السجود.
مسألة 648 : إذا ارتفعت جبهته عن المسجد قهراً قبل الذكر أو بعده فإن كان في السجدة الأُولى أتى بالسجدة الثانية بعد الجلوس معتدلاً، وإن كان في السجدة الثانية مضى في صلاته ولا شيء عليه، وإذا ارتفعت الجبهة قهراً ثُمَّ عادت كذلك لم يحسب سجدتين، نعم إذا كان الارتفاع قبل الإتيان بالذكر فالأحوط الأولی أن يأتي به بعد العود ولکن لا بقصد الجزئيّة.
مسألة 649 : إذا عجز عن الانحناء التامّ للسجود فإن أمكنه الانحناء بحدّ يصدق معه السجود عرفاً وجب عليه أن يرفع ما يسجد عليه إلى حدّ يتمكّن من وضع جبهته عليه مع وضع سائر المساجد في محالّها، وإن لم يمكنه الانحناء أصلاً أو أمكنه بمقدار لا يصدق معه السجود عرفاً، أومأ برأسه للسجود، فإن لم يمكن فبالعينين، وإن لم يمكن فالأحوط وجوباً له أن يشير إلى السجود باليد أو نحوها وينويه بقلبه ويأتي بالذكر، والأحوط استحباباً له رفع المسجد إلى الجبهة وكذا وضع سائر المساجد في محالّها، وإن كان لا يجب عليه ذلك.
مسألة 650 : إذا كان بجبهته دمّل أو نحوه ممّا لا يتمكّن من وضعه على الأرض ولو من غير اعتماد لتعذّر أو تعسّر أو تضرّر، فإن لم يستغرق الجبهة سجد على الموضع السليم ولو بأن يحفر حفيرة ليقع السليم على الأرض، وإن استغرقها وضع شيئاً من وجهه على الأرض، والأحوط لزوماً تقديم الذقن على الجبينين - أي طرفي الجبهة بالمعنى الأعم - وتقديمهما على غيرهما من أجزاء الوجه، فإن لم يتمكّن من وضع شيء من الوجه ولو بعلاج أومأ برأسه أو بعينيه على التفصيل المتقدّم.
مسألة 651 : لا بأس بالسجود على غير الأرض ونحوها مثل الفراش في حال التقيّة، ولا يجب التخلّص منها بالذهاب إلى مكان آخر أو تأخير الصلاة والإتيان بها ولو في هذا المكان بعد زوال سبب التقيّة، نعم لو كان في ذلك المكان وسيلة لترك التقيّة بأن يصلّي على البارية أو نحوها ممّا يصحّ السجود عليه وجب اختيارها.
مسألة 652 : إذا نسي السجدتين فإنْ تذكّر قبل الدخول في الركوع وجب العود إليهما، وإن تذكّر بعد الدخول فيه أعاد الصلاة على الأحوط لزوماً، وإن كان المنسيّ سجدة واحدة رجع وأتى بها إنْ تذكّر قبل الركوع، وإن تذكّر بعد ما دخل فيه مضى وقضاها بعد السلام، وسيأتي في مبحث الخلل التعرّض لذلك.
مسألة 653 : يستحبّ في السجود التكبير حال الانتصاب بعد الركوع، ورفع اليدين حاله، والسبق باليدين إلى الأرض، واستيعاب الجبهة في السجود عليها، والإرغام بالأنف، وبسط اليدين مضمومتي الأصابع حتّى الإبهام حذاء الأُذنين متوجّهاً بهما إلى القبلة، وشغل النظر إلى طرف الأنف حال السجود، والدعاء قبل الشروع في الذكر فيقول: (اللّهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكّلت، وأنت ربّي، سجد وجهي للّذي خلقه وشقّ سمعه وبصره، الحمد لله ربّ العالمين تبارك الله أحسن الخالقين) وتكرار الذكر، والختم على الوتر، واختيار التسبيح والكبرى منه وتثليثها، والأفضل تخميسها، والأفضل تسبيعها، وأن يسجد على الأرض بل التراب، ومساواة موضع الجبهة للموقف تماماً، بل مساواة جميع المساجد لهما.
والدعاء في السجود بما يريد من حوائج الدنيا والآخرة، خصوصاً الرزق فيقول: (يا خير المسؤولين، ويا خير المعطين ارزقني وارزق عيالي من فضلك، فإنّك ذو الفضل العظيم)، والتورّك في الجلوس بين السجدتين وبعدهما - بأن يجلس على فخذه اليسرى، جاعلاً ظهر قدمه اليمنى على باطن اليسرى - وأن يقول في الجلوس بين السجدتين: (أستغفر الله ربّي وأتوب إليه)، وأن يكبّر بعد الرفع من السجدة الأُولى بعد الجلوس مطمئنّاً، ويكبّر للسجدة الثانية وهو جالس، ويكبّر بعد الرفع من الثانية كذلك، ويرفع اليدين حال التكبيرات، ووضع اليدين على الفخذين حال الجلوس، واليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى، والتجافي حال السجود عن الأرض، والتجنّح بمعنى أن يباعد بين عضديه عن جنبيه ويديه عن بدنه، وأن يصلّي على النبيّ وآله في السجدتين، وأن يقوم رافعاً ركبتيه قبل يديه، وأن يقول بين السجدتين: (اللّهم اغفر لي، وارحمني، وأجرني، وادفع عنّي، إنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير، تبارك الله ربّ العالمين)، وأن يقول عند النهوض: (بحول الله وقوّته أقوم وأقعد وأركع وأسجد) أو (بحولك وقوّتك أقوم وأقعد) أو (اللّهم بحولك وقوّتك أقوم وأقعد) ويضمّ إليه (وأركع وأسجد) وأن يبسط يديه على الأرض، معتمداً عليها للنهوض، وأن يطيل السجود ويكثر فيه من الذكر، ویختار التسبيح منه، ويباشر الأرض بكفّيه، وزيادة تمكين الجبهة.
ويستحبّ للمرأة وضع اليدين بعد الركبتين عند الهويّ للسجود وعدم تجافيهما بل تفرش ذراعيها، وتلصق بطنها بالأرض، وتضمّ أعضاءها ولا ترفع عجيزتها حال النهوض للقيام بل تنهض معتدلة.
ويكره الإقعاء في الجلوس بين السجدتين بل بعدهما أيضاً وهو أن يعتمد بصدر قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه، ويكره أيضاً نفخ موضع السجود إذا لم يتولّد منه حرفان وإلّا لم يجز ، وأن لا يرفع بيديه عن الأرض بين السجدتين، وأن يقرأ القرآن في السجود.
مسألة 654 : الأحوط وجوباً الإتيان بجلسة الاستراحة وهي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعة الأُولى والثالثة ممّا لا تشهّد فيه.