مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
يعتبر في غُسل الميّت إزالة عين النجاسة عن جسمه، ولكن لا تجب إزالتها عن جميع الجسم قبل الشروع في الغُسل، بل يكفي إزالتها عن كلّ عضو قبل الشروع فيه.
ثُمَّ إنّ الميّت يغسل ثلاثة أغسال: الأوّل: بماء السدر، الثاني: بماء الكافور، الثالث: بالماء القراح، وكلّ واحد منها كغسل الجنابة الترتيبيّ مع تقديم الأيمن على الأيسر، ولا يكفي الارتماسيّ مع التمكّن من الترتيبيّ على الأحوط لزوماً، ولا بُدَّ فيه من النيّة على ما عرفت في الوضوء.
مسألة 260 : يجب تغسيل الميّت وسائر ما يتعلّق بتجهيزه من الواجبات التي يأتي بيانها على وليّه، فعليه التصدّي لها مباشرة أو تسبيباً، ويسقط مع قيام غيره بها بإذنه بل مطلقاً في الدفن ونحوه، والوليّ بالنسبة إلى الزوجة زوجها، وفي غير الزوجة يكون هو الأولى بميراث الميّت من أقربائه - حسب طبقات الإرث - أي الأبوین والأولاد في الطبقة الأُولى، والأجداد والإخوة في الطبقة الثانية، والأعمام والأخوال في الطبقة الثالثة.
وإذا لم يكن للميّت وارث غير الإمام (علیه السلام) فالأحوط الأولى الاستئذان من الحاكم الشرعيّ في تجهيزه، وإن لم يتيسّر الحاكم فمن بعض عدول المؤمنين.
مسألة 261 : الذكور في كلّ طبقة مقدّمون على الإناث، وفي تقديم الأب على الأولاد، والجدّ على الأخ، والأخ من الأبوين على الأخ من أحدهما، والأخ من الأب على الأخ من الأمّ، والعمّ على الخال إشكال، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك، ولا ولاية للقاصر مطلقاً، ولا للغائب الذي لا يتيسّر إعلامه وتصدّيه لتجهيز الميّت بأحد الوجهين مباشرة أو تسبيباً.
مسألة 262 : إذا فقد الوليّ يجب تجهيز الميّت على سائر المكلّفين، وكذا مع امتناعه عن القيام به على أحد الوجهين - مباشرة أو تسبيباً - ويسقط اعتبار إذنه حينئذٍ.
مسألة 263 : إذا أوصى إلى شخص معيّن أن يباشر تجهيزه لم يجب عليه القبول، ولكن إذا قبل لم يحتج إلى إذن الوليّ، وإذا أوصى أن يتولّى تجهيزه شخص معيّن فالأحوط وجوباً له قبول الوصية - ما لم يكن حرجيّاً - إلّا إذا ردّها في حياة الموصي وبلغه الردّ وكان متمكّناً من الإيصاء إلى غيره، ولو قبل كان هو الأولى بتجهيزه من غيره.
مسألة 264 : يعتبر في التغسيل طهارة الماء وإباحته، وإباحة السدر والكافور، ولا يعتبر إباحة الفضاء الذي يشغله الغسل وظرف الماء، ولا مجرى الغسالة ولا السُّدَّة التي يُغسّل عليها وإنْ كان اعتبار الإباحة في الجميع أحوط استحباباً، هذا مع عدم الانحصار وأمّا معه فيسقط الغسل فييمّم الميّت، لكن إذا غُسّل صحّ الغُسل.
مسألة 265 : يجزیٔ تغسيل الميّت قبل برده، وإن كان أحوط استحباباً تأخيره عنه.
مسألة 266 : إذا تعذّر السدر أو الكافور أو كلاهما فالأحوط وجوباً أن يغسّل الميّت بالماء القراح بدلاً عن الغُسل بالمتعذّر منهما مع قصد البدليّة به عنه، ومراعاة الترتيب بالنيّة، ويضاف إلى الأغسال الثلاثة تيمّم واحد.
مسألة 267 : يعتبر في كلٍّ من السدر والكافور أن لا يكون كثيراً بمقدار يوجب خروج الماء عن الإطلاق إلى الإضافة، ولا قليلاً بحيث لا يصدق أنّه مخلوط بالسدر والكافور، ويعتبر في الماء القراح أن يصدق خلوصه منهما، فلا بأس أن يكون فيه شيء منهما إذا لم يصدق الخلط، ولا فرق في السدر بين اليابس والأخضر .
مسألة 268 : إذا تعذّر الماء أو خيف تناثر لحم الميّت بالتغسيل ييمّم بدلاً عن الغسل، ويكفي تيمّم واحد، وإن كان الأحوط استحباباً أن ييمّم ثلاث مرّات ويؤتى بواحد منها بقصد ما في الذمّة.
مسألة 269 : يجب أن يكون التيمّم بيد الحيّ، والأحوط استحباباً ضمّ تيمّم آخر بيد الميّت إن أمكن.
مسألة 270 : يشترط في الانتقال إلى التيمّم الانتظار إذا احتمل تجدّد القدرة على التغسيل، فإذا حصل اليأس جاز التيمّم، لكن إذا اتّفق تجدّد القدرة قبل الدفن وجب التغسيل، وإذا تجدّدت بعد الدفن لم يجز نبشه للغُسل ولكن إذا اتّفق خروجه فالأحوط وجوباً الغُسل، وكذا الحكم فيما إذا تعذّر السدر والكافور فغسل بدلهما بالماء القراح.
مسألة 271 : إذا تنجّس بدن الميّت بعد الغسل أو في أثنائه بنجاسة خارجيّة أو منه وأمكن تطهيره بلا مشقّة ولا هتك وجب، وإن كان ذلك بعد وضعه في القبر على الأحوط لزوماً.
مسألة 272 : إذا خرج من الميّت بول أو منيّ لا تجب إعادة غسله، وإن كان ذلك قبل وضعه في القبر .
مسألة 273 : لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميّت على الأحوط لزوماً، ويجوز أخذ العوض على بذل الماء ونحوه ممّا لا يجب بذله مجاناً.
مسألة 274 : لا يشترط أن يكون المغسِّل بالغاً، فيكفي تغسيل الصبيّ المميّز إذا أتى به على الوجه الصحيح.
مسألة 275 : يجب في المغسِّل أن يكون مماثلاً للميّت في الذكورة والأُنوثة، فلا يجوز تغسيل الذكر للأنثى ولا العكس، ويُستثنى من ذلك صور :
الأُولى: الطفل غير المميّز، والأحوط استحباباً أن لا يتجاوز عمره ثلاث سنوات، فيجوز حينئذٍ للذكر وللأنثى تغسيله، سواء أكان ذكراً أم أُنثى، مجرّداً عن الثياب أم لا، وجد المماثل له أم لا.
الثانية: الزوج والزوجة، فإنّه يجوز لكلٍّ منهما تغسيل الآخر، سواء أكان مجرّداً أم من وراء الثياب، وسواء وجد المماثل أم لا، من دون فرق بين الدائمة والمنقطعة، وكذا المطلّقة الرجعيّة إذا كان الموت في أثناء العدّة.
الثالثة: المحارم، أي كلّ من يحرم عليه نكاحه بنسب أو رضاع أو مصاهرة لا بغيرها كالزناء واللواط واللعان، والأحوط وجوباً اعتبار فقد المماثل، والأولى كون التغسيل من وراء الثياب، نعم لا يجوز النظر إلى العورة ولا مسّها وإن لم يبطل الغُسل بذلك.
مسألة 276 : إذا اشتبه ميّت أو عضو من ميّت بين الذكر والأنثى، غسّله كلٌّ من الذكر والأنثى.
مسألة 277 : يعتبر في المغسِّل أن يكون عاقلاً مسلماً، بل يعتبر أن يكون مؤمناً على الأحوط لزوماً، وإذا لم يوجد مؤمن مماثل للميّت أو أحد محارمه جاز أن يغسّله المخالف المماثل، وإن لم يوجد هذا أيضاً جاز أن يغسّله الكافر الكتابيّ المماثل بأن يغتسل هو أوّلاً ثُمَّ يغسّل الميّت بعده، والأحوط استحباباً أن ينوي هو - إن أمكن - ومَنْ أمره بالغُسل - إن كان - وإذا أمكن أن يكون تغسيله بالماء المعتصم كالكرّ والجاري أو لا يمسّ الماء ولا بدن الميّت فهو الأحوط الأولى، وإذا تيسّر المماثل غير الكتابيّ بعد ذلك قبل الدفن فالأحوط لزوماً إعادة التغسيل.
مسألة 278: إذا لم يوجد المماثل حتّى الكتابيّ سقط الغُسل ودفن بلا تغسيل.
مسألة 279: إذا دفن الميّت بلا تغسيل - عمداً أو خطأ - جاز نبشه لتغسيله أو تيمّمه، بل يجب إذا لم يكن حرجيّاً - ولو من جهة التأذّي برائحته - وإلّا لم يجب إلّا على من تعمّد ذلك، وكذا الحال إذا ترك بعض الأغسال ولو سهواً أو تبيّن بطلانها أو بطلان بعضها، كلّ ذلك إذا لم يلزم محذور من هتكه أو الإضرار ببدنه وإلّا فلا يجوز .
مسألة 280 : إذا مات الشخص محدثاً بالأكبر - كالجنابة أو الحيض - لا يجب إلّا تغسيله غسل الميّت فقط.
مسألة 281 : إذا كان الميّت مُحرِماً لا يجعل الكافور في ماء غُسله الثاني ولا يحنّط به ولا يقرّب إليه طيب آخر، ويستثنى من ذلك الحاجّ إذا مات بعد الفراغ من المناسك التي يحلّ له الطيب بعدها، ولا يلحق بالمُحْرم فيما ذكر المعتدّة للوفاة والمعتكف.
مسألة 282 : يجب تغسيل كلّ مسلم ومَنْ بحكمه حتّى المخالف عدا صنفين:
الأوّل: الشهيد المقتول في المعركة مع الإمام أو نائبه الخاص، أو في الدفاع عن الإسلام، ويشترط أن لا يكون فيه بقيّة حياة حين يدركه المسلمون، فإذا أدركه المسلمون وبه رمق وجب تغسيله.
وإذا كان في المعركة مسلم (غير الشهيد) وكافر، واشتبه أحدهما بالآخر وجب الاحتياط بتغسيل كلٍّ منهما وتكفينه ودفنه.
الثاني: مَنْ وجب قتله برجم أو قصاص، فإنّه يغتسل - والأحوط لزوماً أن يكون غُسله كغُسل الميّت المتقدّم تفصيله - ويحنّط ويكفّن كتكفين الميّت، ثُمّ یُقتل فيصلّى عليه ويدفن بلا تغسيل.
مسألة 283 : الأحوط لزوماً عدم قصّ ظفر الميّت وعدم إزالة شيء من شعره سواء بالحلق أو القصّ أو النتف.
تكميل:
قد ذكر الفقهاء (رضوان الله تعالی عليهم) للتغسيل سنناً، مثل أن يوضع الميّت في حال التغسيل على مرتفع، وأن يكون تحت الظلال، وأن يوجّه إلى القبلة كحالة الاحتضار، وأن ينزع قميصه من طرف رجليه وإن استلزم فتقه بشرط إذن الوارث، والأولى أن يجعل ساتراً لعورته، وأن تليّن أصابعه برفق، وكذا جميع مفاصله، وأن يغسل رأسه برغوة السدر وفرجه بالأشنان من غير مماسّة محرّمة، وأن يبدأ بغسل يديه إلى نصف الذراع في كلّ غسل ثلاث مرّات ثُمَّ بشقّ رأسه الأيمن، ثُمَّ الأيسر، ويغسل كلّ عضو ثلاثاً في كلّ غسل ويمسح بطنه في الأوّلين قبلهما، إلّا الحامل التي مات ولدها في بطنها فيكره ذلك، وأن يقف الغاسل على الجانب الأيمن للميّت، وأن يحفر للماء حفيرة، وأن ينشف بدنه بثوب نظيف أو نحوه.
وذكروا أيضاً أنّه يكره إقعاده حال الغسل، وترجيل شعره، وجعله بين رجلي الغاسل، وإرسال الماء في الكنيف، وتخليل ظفره، وغسله بالماء الساخن بالنار أو مطلقاً إلّا مع الاضطرار، والتخطّي عليه حين التغسيل.