مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين

منهاج الصالحين

الفصل الثالث عشر في أحكام الولادة وما يلحقها

للولادة والمولود سنن وآداب بعضها واجبة وبعضها مندوبة وأهمّها ما يلي:

مسألة 386 : ينبغي مساعدة المرأة عند ولادتها، بل يجب ذلك كفاية إذا خيف عليها أو على جنينها من التلف أو ما بحكمه.

ولو توقّف توليدها على النظر أو اللمس المحرّمين على الرجال الأجانب لزم أن يتكفّله الزوج أو النساء أو محارمها من الرجال، ولو توقّف على النظر أو اللمس المحرّمين على غير الزوج وكان متمكّناً من توليدها من دون عسر ولا حرج تعيّن اختياره إلّا أن تكون القابلة أرفق بحالها، فيجوز لها حينئذٍ اختيارها، هذا في حال الاختيار وأمّا عند الاضطرار فيجوز أن يولّدها الأجنبيّ بل قد يجب ذلك، نعم لا بُدَّ معه من الاقتصار في كلٍّ من اللمس والنظر على مقدار الضرورة فإنّ الضرورات تتقدّر بقدرها.

مسألة 387 : يستحبّ غَسْلُ المولود عند وضعه مع الأمن من الضرر، والأذان في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى فإنّه عصمة من الشيطان الرجيم كما ورد في الخبر، ويستحبّ أيضاً تحنيكه بماء الفرات وتربة الحسين (عليه السلام)، وتسميته بالأسماء المستحسنة فإنّ ذلك من حقّ الولد على الوالد، وفي الخبر : (إنّ أصدق الأسماء ما سمّي بالعبوديّة (10) وخیرها أسماء الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعین)، وتلحق بها أسماء الأئمّة (عليهم السلام)، وعن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: (من ولد له أربعة أولاد ولم يسمّ أحدهم باسمي فقد جفاني)، ويكره أن يكنّيه أبا القاسم إذا كان اسمه محمّداً، كما يكره تسميته بأسماء أعداء الأئمّة (صلوات الله عليهم)، ويستحبّ أن يحلق رأس الولد يوم السابع، وأن يتصدّق بوزن شعره ذهباً أو فضّة، ويكره أن يحلق من رأسه موضعاً ويترك موضعاً.

مسألة 388 : تستحبّ الوليمة عند الولادة وهي إحدى الخمس التي سنّ فيها الوليمة، كما أنّ إحداها عند الختان، ولا يعتبر في السُّنّة الأُولى إيقاعها في يوم الولادة، فلا بأس بتأخيرها عنه بأيّام قلائل، وتتأدّی السُّنّتان إذا ختن في اليوم السابع أو قبله فأولم في يوم الختان بقصدهما جمیعاً.

مسألة 389 : يستحبّ للوليّ أن يختن الصبيّ في اليوم السابع من ولادته ولا بأس بتأخيره عنه، وهل يجوز له تركه إلى أن يبلغ أم يجب عليه أن يختنه قبله فيعصي لو لم يفعل ذلك من دون عذر؟ وجهان، والصحیح هو الأوّل وإن كان الاحتياط في محلّه.

وإذا لم يختن الصبيّ حتّى بلغ وجب عليه أن يختن نفسه، حتّى إنّ الكافر إذا أسلم غير مختون يجب عليه الختان وإن طعن في السنّ ما لم يتضرّر به.

مسألة 390 : الختان واجب لنفسه، وشرط في صحّة الطواف واجباً كان أم مندوباً عدا طواف الصبيّ غير المميّز الذي يطوّفه وليّه، ولا فرق في الطواف الواجب بين ما كان جزءاً لحجّ او عمرة واجبين أو مندوبين، وليس الختان شرطاً في صحّة الصلاة فضلاً عن سائر العبادات.

مسألة 391 : الحدّ الواجب في الختان أن تقطع الجلدة الساترة للحشفة المسمّاة بـ (الغُلْفَة) بحيث تظهر ثقبة الحشفة ومقدار من بشرتها وإن لم تستأصل تلك الجلدة ولم يظهر تمام الحشفة، وبالجملة يجب قطعها بمقدار لا يصدق عليه الأغلف ولا يجب القطع أزيد من ذلك.

مسألة 392 : لا بأس بكون الختّان كافراً حربيّاً أو ذمّيّاً فلا يعتبر فيه الإسلام.

مسألة 393 : لو ولد الصبيّ مختوناً سقط الختان وإن استحبّ إمرار الموسى على المحلّ لإصابة السُّنّة.

مسألة 394 : تستحبّ العقيقة عن المولود ذكراً كان أو أُنثى، ويستحبّ أن يعقّ عنه في اليوم السابع - إلّا أن یموت قبل الظهر - وإن تأخّر لعذر أو لغير عذر لم يسقط، بل لو لم يعقّ عن الصبيّ حتّى بلغ وكبر عقّ عن نفسه، بل لو لم يعقّ عن نفسه في حياته فلا بأس أن يعقّ عنه بعد موته، ولا بُدَّ أن تكون من الأنعام الثلاثة: الغنم - ضأناً كان أو معزاً - والبقر والإبل، ولا يجزئ عنها التصدّق بثمنها نعم يجزئ عنها الأُضحيّة، فمن ضحّي عنه اجزأته عن العقيقة.

ويستحبّ أن تكون العقيقة سمينة، وفي بعض الأخبار : (إنّ خيرها أسمنها).

قيل: ويستحبّ أن تجتمع فيها شروط الأُضحيّة من كونها سليمة من العيوب وعدم كون سنّها أقلّ من خمس سنين كاملة في الإبل وأقلّ من سنتين في البقر والمعز، وأقلّ من سبعة أشهر في الضأن ولكن لم يثبت ذلك وفي بعض الأخبار : (إنّما هي شاة لحم ليست بمنزلة الأُضحيّة يجزئ فيها كلّ شيء).

مسألة 395 : ينبغي تقطيع العقيقة من غير كسر عظامها، ويستحبّ أن تخصّ القابلة منها بالربع وأن تكون حصّتها مشتملة على الرِّجْل والوَرِك، ويجوز تفريق العقيقة لحماً ومطبوخاً، كما يجوز أن تطبخ ويدعى عليها جماعة من المؤمنين، والأفضل أن يكون عددهم عشرة فما زاد يأكلون منها ويدعون للولد، ويكره أن يأكل منها الأب أو أحد ممّن يعوله ولا سيّما الأُمّ بل الأحوط استحباباً لها الترك.

مسألة 396 : لا يجب على الأُمّ إرضاع ولدها لا مجاناً ولا بأجرة إذا لم يتوقّف حفظه عليه، كما لا يجب عليها إرضاعه مجّاناً وإن توقّف حفظه عليه، بل لها المطالبة بأجرة إرضاعه في الحولين - لا في الزائد عليهما - من مال الولد إذا كان له مال ومن أبيه إذا لم يكن له مال وكان الأب موسراً، نعم لو لم يكن للولد مال ولم يكن الأب موسراً أو كان متوفّى وكذا جدّه وإن علا تعيّن على الأُمّ إرضاعه مجّاناً إمّا بنفسها أو باستيجار مرضعة أُخرى وتكون أجرتها عليها بناءً على وجوب إنفاقها عليه كما هو الأحوط لزوماً على ما سيأتي في محلّه.

مسألة 397 : الأُمّ أحقّ بإرضاع ولدها من غيرها، فليس للأب تعيين غيرها لإرضاع الولد إلّا إذا طالبت بأجرة وكانت غيرها تقبل الإرضاع بأجرة أقلّ أو بدون أجرة فإنّ للأب حينئذٍ أن يسترضع له أُخرى، وفي هذه الصورة إذا لم تقبل الأُمّ بإرضاع الغير ولدها وأرضعته هي بنفسها لم تستحقّ بإزائه شيئاً من الأجرة.

مسألة 398 : إذا ادّعى الأب وجود متبرّعة بالإرضاع وأنكرت الأُمّ ولم يكن له بيّنة على وجودها كان القول قولها بيمينها.

مسألة 399 : ينبغي أن يرضع الصبيّ بلبن أُمّه ففي النصّ: (ما من لبن رُضِعَ به الصبيّ أعظم بركة عليه من لبن أُمّه)، نعم إذا كان هناك مرجّح لغيرها - كشرافتها وطيب لبنها بخلاف الأُمّ - فلا بأس باسترضاعها له.

مسألة 400 : يحسن إرضاع الولد واحداً وعشرين شهراً ولا ينبغي إرضاعه أقلّ من ذلك، كما لا ينبغي إرضاعه فوق حولين كاملين، ولو اتّفق أبواه على فطامه قبل ذلك كان حسناً.

مسألة 401 : حضانة الولد وتربيته وما يتعلّق بها من مصلحة حفظه ورعايته تكون في مدّة الرضاع - أعني حولين كاملين - من حقّ أبويه بالسويّة، فلا يجوز للأب أن يفصله عن أُمّه خلال هذه المدّة وإن كان أُنثى، والأحوط الأولى أن لا يفصله عنها حتّى يبلغ سبع سنين وإن كان ذكراً، بل لا یجوز له ذلك إذا کان یضرّ بحاله.

مسألة 402 : إذا افترق الأبوان بفسخ أو طلاق قبل أن يبلغ الولد السنتين لم يسقط حقّ الأُمّ في حضانته ما لم تتزوّج من غيره، فلا بُدَّ من توافقهما على ممارسة حقّهما المشترك بالتناوب أو بأيّة كيفيّةٍ أُخرى يتّفقان عليها.

مسألة 403 : إذا تزوّجت الأُمّ بعد مفارقة الأب سقط حقّها في حضانة الولد وصارت الحضانة من حقّ الأب خاصّة، ولو فارقها الزوج الثاني لم تثبت لها الحضانة مرّة أُخری.

مسألة 404 : إذا مات الأب بعد اختصاصه بحضانة الولد أو قبله فالأُمّ أحقّ بحضانته - إلى أن يبلغ رشیداً - من الوصيّ لأبيه ومن جدّه وجدّته له وغيرهما من أقاربه سواء أتزوّجت أم لا.

مسألة 405 : إذا ماتت الأُمّ في زمن حضانتها اختصّ الأب بحضانته وليس لوصيّها ولا لأبيها ولا لأُمّها فضلاً عن باقي أقاربها حقّ في ذلك.

مسألة 406 : إذا فقد الأبوان فالحضانة للجدّ من طرف الأب، فإذا فقد ولم يكن له وصيّ ولا للأب فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) ثبوت حقّ الحضانة لأقارب الولد على ترتيب مراتب الإرث الأقرب منهم يمنع الأبعد، ومع التعدّد والتساوي في المرتبة والتشاحّ يقرع بينهم، ولكن هذا لا يخلو عن إشكال، فالأحوط لزوماً التراضي بينهم مع الاستئذان من الحاكم الشرعيّ أيضاً.

مسألة 407 : إذا سقط حقّ الأُمّ في إرضاع ولدها لطلبها أجرة مع وجود المتبرّع أو لعدم اللبن لها أو لغير ذلك فهل يسقط حقّها في حضانته أيضاً أم لا؟ وجهان، والصحیح هو عدم السقوط، لعدم التنافي بين سقوط حقّ الإرضاع وثبوت حقّ الحضانة لإمكان كون الولد في حضانة الأُمّ مع كون رضاعه من امرأة أُخرى إمّا بحمل الأُمّ الولد إلى المرضعة عند الحاجة إلى اللبن أو بإحضار المرضعة عنده مثلاً.

مسألة 408 : يشترط فيمن يثبت له حقّ الحضانة من الأبوين أو غيرهما أن يكون عاقلاً مأموناً على سلامة الولد، وأن يكون مسلماً إذا كان الولد كذلك، فلو كان الأب مجنوناً أو كافراً - والولد محكوم بالإسلام - اختصّت أُمّه بحضانته إذا كانت مسلمة عاقلة، ولو انعكس الأمر كانت حضانته من حقّ أبيه خاصّة، وهكذا الحال في غيرهما.

مسألة 409 : الحضانة كما هي حقّ للأُمّ والأب أو غيرهما على التفصيل المتقدّم كذلك هي حقّ للولد عليهم، فلو امتنعوا أجبروا عليها، ولیس لمن يثبت له حقّ الحضانة أن يتنازل عنه لغيره لکي ينتقل إليه بقبوله، نعم يجوز لكلٍّ من الأبوين التنازل عنه للآخر بالنسبة إلى تمام مدّة حضانته أو بعضها.

مسألة 410 : لا تجب المباشرة في حضانة الطفل، فيجوز لمن عليه الحضانة إيكالها إلى الغير مع الوثوق بقيامه بها على الوجه اللازم شرعاً.

مسألة 411 : إنّ الأُمّ تستحقّ أخذ الأجرة على حضانة ولدها إلّا إذا كانت متبرّعة بها أو وجد متبرّع بحضانته، ولو فصل الأب أو غيره الولد عن أُمّه ولو عدواناً لم يكن عليه تدارك حقّها في حضانته بقيمة أو نحوها.

مسألة 412 : تنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيداً، فإذا بلغ رشيداً لم يكن لأحد حقّ الحضانة عليه حتّى الأبوين فضلاً عن غيرهما، بل هو مالك لنفسه ذكراً كان أم أُنثى، فله الخيار في الانضمام إلى من شاء منهما أو من غيرهما، نعم إذا كان انفصاله عنهما يوجب أذيّتهما الناشئة من شفقتهما عليه لم يجز له مخالفتهما في ذلك.


(10) المقصود ما يكون نحو : عبد الله وعبد الرحيم وعبد الكريم.