مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
وهو قسمان:
الأوّل : ما يكون في المعاملة.
الثاني : ما يكون في القرض، ويأتي حكمه في كتاب الدين والقرض إن شاء الله تعالى.
أمّا الأوّل : فهو كبيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينيّة في أحدهما، كبيع مائة كيلو من الحنطة بمائة وعشرين منها، أو خمسين كيلو من الحنطة بخمسين كيلو حنطة ودينار، أو زيادة حكميّة كبيع عشرين كيلو من الحنطة نقداً بعشرين كيلو من الحنطة نسيئة، وهو حرام.
وهل يختصّ تحريمه بالبيع أو يجري في غيره من المعاوضات؟ قولان، والصحیح اختصاصه بما كانت المعاوضة فيه بين العينين، سواء أكانت بعنوان البيع أو المبادلة أو الصلح مثل أن يقول: (صالحتك على أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي)، أمّا إذا لم تكن المعاوضة بين العينين كأن يقول: (صالحتك على أن تهب لي تلك العشرة وأهب لك هذه الخمسة)، أو يقول: (أبرأتك عن الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئني عن العشرة التي لك عليّ) ونحوهما فیحکم بالصحّة.
مسألة 217 : يُشترط في تحقّق الربا في المعاملة النقديّة أمران:
الأوّل : اتّحاد الجنس والذات عرفاً وإن اختلفت الصفات، فلا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة الجيّدة بمائة وخمسين كيلو من الرديئة، ولا بيع عشرين كيلو من الأرز الجيّد كالعنبر بأربعين كيلو منه أو من الرديء كالحويزاويّ، أمّا إذا اختلفت الذات فلا بأس، كبيع مائة وخمسين كيلو من الحنطة بمائة كيلو من الأرز .
الثاني : أن يكون كلّ من العوضين من المكيل أو الموزون، فإن كانا ممّا يباع بالعدّ مثلاً كالبيض والجوز في بعض البلاد فلا بأس، فيجوز بيع بيضة ببيضتين وجوزة بجوزتين في تلك البلاد.
وأمّا إذا كانت المعاملة نسيئة ففي اشتراط تحقّق الربا فيها بالشرطين المذكورين إشکال، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في موردين:
1 . أن يكون العوضان من المكيل أو الموزون مع الاختلاف في الجنس، كبيع مائة كيلو من الأرز بمائة كيلو من الحنطة إلى شهر .
2 . أن يكون العوضان من المعدود ونحوه مع اتّحادهما في الجنس وكون الزيادة عينيّة، كبيع عشر جوزات بخمس عشرة جوزة إلى شهر .
مسألة 218 : المعاملة الربويّة باطلة إذا صدرت من العالم بحرمة الربا تكليفاً، وأمّا إذا صدرت من الجاهل بها - سواء أكان جهله بالحكم أو بالموضوع - ثُمَّ علم بالحال فتاب حلّ له ما أخذه حال الجهل.
والحلّيّة حينئذٍ تکون من جهة صحّة المعاملة لا الحلّيّة التعبّديّة لتختصّ به دون الطرف الآخر إذا كان عالماً بالحرمة.
مسألة 219 : الحنطة والشعير في الربا جنس واحد، فلا يُباع مائة كيلو من الحنطة بمائتي كيلو من الشعير وإن كانا في باب الزكاة جنسين، فلا يضمّ أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب، فلو كان عنده نصف نصاب حنطة ونصف نصاب شعير لم تجب فيهما الزكاة.
مسألة 220 : ذكر بعضهم أنّ العلس نوع من الحنطة والسلت نوع من الشعير، فإن ثبت ذلك لحقّهما حكمهما وإلّا فلا.
مسألة 221 : اللحوم والألبان والأدهان تختلف باختلاف الحيوان فيجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر نقداً، وكذا الحكم في لبن الغنم ولبن البقر فإنّه يجوز بيعهما مع التفاضل نقداً.
مسألة 222 : التمر بأنواعه جنس واحد والحبوب كلّ واحد منها جنس، فالحنطة والأرز والماش والذُّرَة والعدس وغيرها كلّ واحد جنس.
والفلزّات من الذهب والفضّة والصفر والحديد والرصاص وغيرها كلّ واحد منها جنس برأسه.
مسألة 223 : الضأن والمعز جنس واحد، والبقر والجاموس جنس واحد، والإبل العِراب والبَخاتيّ جنس واحد، والطيور كلّ صنف يختصّ باسم فهو جنس واحد في مقابل غيره، فالعصفور غير الحمام، وكلّ ما يختصّ باسم من الحمام جنس في مقابل غيره، فالفاختة والحمام المتعارف جنسان، والسمك أجناس مختلفة بحسب اختلاف أصنافه في الاسم.
مسألة 224 : الوحشيّ من كلّ حيوان مخالف للأهليّ، فالبقر الأهليّ يخالف الوحشيّ، فيجوز التفاضل بين لحميهما نقداً، وكذا الحمار الأهليّ والوحشيّ والغنم الأهليّ والوحشيّ.
مسألة 225 : المشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّ كلّ أصل مع ما يتفرّع عنه جنس واحد، وكذا الفروع بعضها مع بعض كالحنطة والدقيق والخبز، وكالحليب واللبن والجبن، وكالبسر والرطب والتمر والدِّبْس، ولكن الكلّيّة المذكورة محلّ إشكال في بعض مواردها كاتّحاد الحليب والزبد، والخلّ والتمر، والسمسم ودهنه، ونظائر ذلك، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيها.
مسألة 226 : إذا كان الشيء ممّا يُكال أو يوزن وكان فرعه لا يُكال ولا يوزن جاز بيعه مع أصله بالتفاضل كالصوف الذي هو من الموزون والثياب المنسوجة منه التي ليست منه، فإنّه يجوز بيعها به مع التفاضل، وكذلك القطن والكتّان والثياب المنسوجة منهما.
مسألة 227 : إذا كان الشيء في حال موزوناً أو مكيلاً وفي حال أُخرى ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلاً في الحال الأُولى وجاز في الحال الثانية.
مسألة 228 : الأحوط لزوماً عدم بيع لحم حيوان بحيوان حيّ من جنسه كبيع لحم الغنم بالغنم، بل ولا بغير جنسه أيضاً كبيع لحم الغنم بالبقر .
مسألة 229 : إذا كان للشيء حالتان حالة رطوبة وحالة جفاف - كالرطب يصير تمراً والعنب يصير زبيباً والخبز اللين يصیر يابساً - يجوز بيعه نقداً جافّاً بجافّ منه ورطباً برطب منه متماثلاً ولا يجوز متفاضلاً، وأمّا بيع الرطب منه بالجافّ متماثلاً فیجوز نقداً على كراهة، ولا يجوز بيعه متفاضلاً حتّى بمقدار الرطوبة بحيث إذا جفّ يساوي الجافّ.
مسألة 230 : إذا كان الشيء يباع بالعدّ مثلاً في بلد ومكيلاً أو موزوناً في آخر فلكلّ بلد حكمه سواء أكان مكيلاً أو موزوناً في غالب البلاد أم لا، فلا يجوز بيعه متفاضلاً في بلد يباع فيه بالكيل أو الوزن، ويجوز ذلك نقداً في بلد يباع فيه بالعدّ.
وأمّا إذا كان الشيء يباع بكلّ من الوزن والعدّ مثلاً في بلد واحد فالأحوط لزوماً عدم التفاضل فيه وإن بيع نقداً.
مسألة 231 : يتخلّص من الربا بضمّ غير الجنس إلى الطرف الناقص، بأن يبيع مائة كيلو من الحنطة ومنديلاً بمائتي كيلو من الحنطة إذا قصدا كون المنديل بإزاء المقدار الزائد وكانت المعاملة نقديّة، وكذا يتخلّص منه بضمّ غير الجنس إلى كلٍّ من الطرفين ولو مع التفاضل فيهما - كما لو باع منديلين ومائتي كيلو من الحنطة بمنديل ومائة كيلو منها - وتصحّ المعاملة مطلقاً إذا قصدا كون المنديل في كلّ طرف بإزاء الحنطة في الطرف الآخر، وكذا تصحّ نقداً إذا قصدا كون المنديل من الطرف الناقص بإزاء المنديلين والمقدار الزائد من الحنطة في الطرف الآخر .
مسألة 232 : لا ربا بين الوالد وولده، ولا بين الرجل وزوجته، فيجوز لكلٍّ منهما أخذ الزيادة من الآخر، وكذا لا ربا بين المسلم والحربيّ إذا أخذ المسلم الزيادة.
وأمّا الذمّيّ فتحرم المعاملة الربويّة معه ولكن يجوز للمسلم أخذ الزيادة منه بعد وقوع المعاملة إذا كان إعطاؤها جائزاً في شريعته، ولا فرق فيما ذكر بين ربا البيع وربا القرض.
مسألة 233 : لا فرق في الولد بين الذكر والأُنثى والخنثى ولا بين الصغير والكبير ولا بين الصلبيّ وولد الولد، كما لا فرق في الزوجة بين الدائمة والمتمتّع بها، وليست الأُمّ كالأب فلا يصحّ الربا بينها وبين الولد.
مسألة 234 : الأوراق النقديّة بما أنّها من المعدود لا يجري فيها الربا، فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلاً مع اختلافها جنساً نقداً أو نسيئة، فيجوز بيع خمسة دنانير كويتيّة بعشرة دنانير عراقيّة مطلقاً، وأمّا مع الاتّحاد في الجنس فيجوز التفاضل في البيع بها نقداً، وأمّا نسيئة فلا يخلو عن إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
ولا بأس بتنزيل الأوراق الماليّة نقداً، بمعنى أنّ المبلغ المذكور فيها إذا كان الشخص مديناً به واقعاً جاز خصمها في المصارف وغيرها بأن يبيعه الدائن بأقلّ منه حالّاً ويكون الثمن نقداً.
مسألة 235 : إذا أعطی شخص للآخر سنداً بمبلغ من الأوراق النقديّة من دون أن يكون مديناً له به فأخذه الثاني وأنزله عند شخص ثالث بأقلّ منه لم یصحّ ذلك، نعم لا بأس به في المصارف غير الأهليّة في البلدان الإسلامیّة بجعل ذلك وسيلة إلى أخذ المال من المصرف والتصرّف فيه بعد استئذان الحاكم الشرعيّ، وقد ذكرنا تفصيل ذلك في رسالة (مستحدثات المسائل) في آخر الجزء الأوّل المسألة (28).