مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
مسألة 785 : لا يحلّ من صيد الحيوان ومقتوله إلّا ما كان بالكلب سواء أكان سَلُوقيّاً أم غيره، وسواء أكان أسود أم غيره، فما يأخذه الكلب ويقتله بعقره وجرحه من الحيوان المحلّل أكله مذكّى يحلّ أكله، فعضُّ الكلب وجرحه أيّ موضع من الحيوان بمنزلة ذبحه، وأمّا ما يصطاده غير الكلب من جوارح السباع كالفهد والنمر أو من جوارح الطير كالبازي والعقاب والباشق والصقر وغيرها فلا يحلّ وإن كانت معلَّمة، نعم لا بأس بالاصطياد بها بمعنى جعل الحيوان الممتنع غير ممتنع بها ثُمَّ تذكيته بالذبح.
مسألة 786 : يشترط في ذكاة صيد الكلب أُمور :
الأوّل: أن يكون معلَّماً للاصطياد ويتحقّق ذلك بأمرين:
أحدهما: استرساله إذا أُرسل، بمعنى أنّه متى أغراه صاحبه بالصيد هاج عليه وانبعث إليه.
ثانيهما: انزجاره عن الهياج والذهاب إذا زُجر، وهل يعتبر فيه الانزجار بالزجر حتّى إذا قرب من الصيد ووقع بصره عليه؟ وجهان، والصحیح عدم اعتباره.
واعتبـر مشهور الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) مــع ذلك أن يكـــون من عادتــه - التي لا تتخلّف إلّا نادراً - أن يمسك الصيد ولا يأكل منه شيئاً حتّى يصل إليه صاحبه، ولكن الصحیح عدم اعتباره أیضاً وإن كان ذلك أحوط استحباباً، كما لا بأس بأن يكون معتاداً بتناول دم الصيد، نعم الأحوط لزوماً أن يكون بحيث إذا أراد صاحبه أخذ الصيد منه لا يمنع ولا يقاتل دونه.
الثاني: أن يكون صيده بإرساله للاصطياد، فلو استرسل بنفسه من دون إرسال لم يحلّ، وكذا إذا كان صاحبه ممّن لا يتمشّى منه القصد، لكونه غير مميّز لصغر أو جنون أو سكر، أو كان قد أرسله لأمر غير الاصطياد من دفع عدوّ أو طرد سَبُعٍ فصادف غزالاً مثلاً فصاده فإنّه لا يحلّ، وهكذا الحال فيما إذا استرسل بنفسه ثُمَّ أغراه صاحبه بعد الاسترسال وإن أثّر فيه الإغراء، كما إذا زاد فى عَدْوه بسببه على الأحوط لزوماً.
وإذا استرسل بنفسه فزجره صاحبه فوقف ثُمَّ أغراه وأرسله فاسترسل كفى ذلك في حلّ مقتوله، وإذا أرسله لصيد غزال بعينه فصاد غيره حلّ، وكذا إذا صاده وصاد غيره معه فإنّهما يحلّان فإنّ الشرط قصد الجنس لا قصد الشخص.
الثالث: أن يكون المرسِل مسلماً أو بحكمه كالصبيّ الملحق به، فإذا أرسله كافر فاصطاد لم يحلّ صيده حتّى إذا كان كتابيّاً وإن سمّى على الأحوط لزوماً، ولا فرق في المسلم بين الرجل والمرأة ولا بين المؤمن والمخالف، نعم لا يحلّ صيد المنتحلين للإسلام المحكومين بالكفر ممّن تقدّم ذكرهم في كتاب الطهارة.
الرابع: أن يسمّي عند إرساله، فلو ترك التسمية عمداً لم يحلّ مقتوله، ولا يضرّ لو كان الترك نسياناً، وفي الاكتفاء بالتسمية قبل الإصابة قول وهو الصحیح وإن كان الأحوط الأولى أن يسمّي عند الإرسال.
مسألة 787 : يكفي في التسمية الإتيان بذكر الله تعالى مقترناً بالتعظيم مثل (الله أكبر ) و(بسم الله) بل یکتفي بمجرّد ذكر الاسم الشريف وإن كان الأحوط الأولى عدمه.
الخامس: أن يستند موت الحيوان إلى جرح الكلب ونحوه، وأمّا إذا استند إلى سبب آخر من صدمة أو خنق أو إتعاب في العَدْو أو نحو ذلك لم يحلّ.
السادس: أن لا يدرك صاحب الكلب الصيد حيّاً مع تمكّنه من ذبحه، بأن أدركه ميّتاً أو أدركه حيّاً لكن لم يسع الزمان لذبحه.
ومُلخّص هذا الشرط أنّه إذا أرسل كلبه إلى الصيد ولحق به فإن أدركه ميّتاً بعد إصابة الكلب حلّ أكله، وكذا إذا أدركه حيّاً بعد إصابته ولكن لم يسع الزمان لذبحه فمات، وأمّا إذا كان الزمان يسع لذبحه فتركه حتّى مات لم يحلّ، وكذا الحال إذا أدركه بعد عقر الكلب له حيّاً لكنّه كان ممتنعاً بأن بقي منهزماً يعدو فإنّه إذا أتبعه فوقف فإن أدركه ميّتاً حلّ، وكذا إذا أدركه حيّاً ولكنّه لم يسع الزمان لذبحه، وأمّا إذا كان يسع لذبحه فتركه حتّى مات لم يحلّ.
مسألة 788 : أدنى زمان يدرك فيه ذبح الصيد أن يجده تطرف عينه أو تركض رجله أو يتحرّك ذنبه أو يده فإنّه إذا أدركه كذلك والزمان متّسع لذبحه لم يحلّ إلّا بذبحه.
مسألة 789 : إذا أدرك مرسل الكلب الصيد حيّاً والوقت متّسع لذبحه ولكنّه اشتغل عنه بمقدّماته من سلّ السكّين ورفع الحائل من شعر ونحوه على النهج المتعارف فمات قبل ذبحه حلّ، وأمّا إذا استنــد تركه الذبــح إلى فقـد الآلة كمـا إذا لم يكـن عنـده السـكّين - مثلاً - حتّى ضاق الوقت ومات الصيد قبل ذبحه لم يحلّ على الأحوط لزوماً، نعم إذا تركه حينئذٍ على حاله إلى أنْ قتله الكلب وأزهق روحه بعقره حلّ أكله.
مسألة 790 : لا تجب المبادرة إلى الصيد من حين إرسال الكلب ولا من حين إصابته له إذا بقي على امتناعه، وفي وجوب المبادرة إليه حينما أوقفه وصيّره غير ممتنع خلاف، والصحیح وجوب المبادرة العرفيّة إذا أحسَّ بإيقافه وعدم امتناعه، فلو لم يبادر إليه حينذاك ثُمَّ وجده ميّتاً أو وجده حيّاً ولكن لا يتّسع الزمان لذبحه بسبب توانيه في الوصول إليه لم يحلّ.
هذا إذا احتمل أنّ في المسارعة إليه إدراك ذبحه، أمّا إذا علم بعدم ذلك ولو من جهة بُعْد المسافة على نحو لا يدركه إلّا بعد موته بجرح الكلب له فلا إشكال في عدم وجوب المسارعة إليه، نعم لو توقّف إحراز كون موته بسبب جرح الكلب لا بسبب آخر على التسارع إليه وتعرّف حاله لزم لأجل ذلك.
مسألة 791 : إذا عضّ الكلب الصيد كان موضع العضّة نجساً فيجب غسله، ولا يجوز أكله قبل غسله.
مسألة 792 : لا يعتبر في حلِّ الصيد وحدة المرسل، فإذا أرسل جماعة كلباً واحداً حلَّ صيده، وكذا لا يعتبر وحدة الكلب فإذا أرسل شخص واحدٌ كلاباً فاصطادت على الاشتراك حيواناً حلّ، نعم يعتبر في المتعدّد اجتماع الشرائط، فلو أرسل مسلم وكافر كلبين فاصطادا حيواناً لم يحلّ على ما تقدّم، وكذا إذا كانا مسلمين فسمّى أحدهما ولم يسمّ الآخر متعمّداً، أو كان كلب أحدهما معلّماً دون كلب الآخر، هذا إذا استند القتل إليهما معاً، أمّا إذا استند إلى أحدهما كما إذا سبق أحدهما فأثخنه وأشرف على الموت ثُمَّ جاءه الآخر فأصابه يسيراً بحيث استند الموت إلى السابق اعتبر اجتماع الشروط في السابق لا غير، وإذا أجهز عليه اللاحق بعد أن أصابه السابق ولم يوقفه بل بقي على امتناعه بحيث استند موته إلى اللاحق لا غير اعتبر اجتماع الشروط في اللاحق.
مسألة 793 : إذا شكّ في أنّ موت الصيد كان مستنداً إلى عقر الكلب أو إلى سبب آخر لم يحلّ، نعم إذا كانت هناك أمارة عرفيّة على استناده إليه حلّ وإن لم يحصل منها العلم.
مسألة 794 : لا يعتبر في حلّيّة الصيد إباحة الكلب، فيحلّ ما اصطاده بالكلب المغصوب وإن فعل حراماً وعليه أجرة استعماله ويملكه هو دون مالك الكلب.