مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
الاعتماد على قسمين:
1 . اعتماد الاستيراد: وهو أنّ مَنْ يريد استيراد بِضاعة أجنبيّة يتقدّم إلى البنك بطلب فتح اعتماد يتعهّد البنك بموجبه بتسلّم مستندات البضاعة المستوردة وتسليمها إلى فاتح الاعتماد وتسديد ثمنها إلى الجهة المصدِّرة، وذلك بعد تماميّة المعاملة بين المستورِد والمصدِّر مراسلة أو بمراجعة الوكيل الموجود في البلد، وإرسال القوائم المحدّدة لنوعيّة البضاعة كمّاً وكيفاً حسب الشروط والمواصفات المتّفق عليها، وقيام المستورد بدفع قسم من ثمن البضاعة إلى البنك، فإنّه بعد هذه المراحل يقوم البنك بتسلّم مستندات البضاعة وأداء ثمنها إلى الجهة المصدّرة.
2 . اعتماد التصدير: وهو لا يختلف عن اعتماد الاستيراد إلّا في الاسم، فمن يريد تصدير بضاعة إلى الخارج يقوم المستورد الأجنبيّ بفتح اعتماد لدى البنك ليتعهّد البنك بموجبه بتسلّم مستندات البضاعة وتسديد ثمنها إلى البائع المصدّر بعد طيّ المراحل المشار إليها آنفاً.
فالنتيجة: أنّ القسمين لا يختلفان في الحقيقة، فالاعتماد سواء أكان للاستيراد أم للتصدير يقوم على أساس تعهّد البنك للبائع بأداء دين المشتري وهو ثمن البضاعة المشتراة وتسلّم مستنداتها وتسليمها إلى المشتري.
نعم هنا قسم آخر من الاعتماد، وهو أنّ المصدّر يقوم بإرسال قوائم البضاعة كمّاً وكيفاً إلى البنك أو فرعه في ذلك البلد دون معاملة مسبقة مع الجهة المستوردة، والبنك بدوره يعرض تلك القوائم على تلك الجهة، فإن قبلتها طلبت من البنك فتح اعتماد لها، ثُمَّ يقوم بدور الوسيط إلى أن يتمّ تسليم البضاعة وقبض الثمن.
مسألة 9 : الظاهر جواز فتح الاعتماد لدى البنوك بجميع الأقسام المذكورة، كما يجوز للبنوك قيامها بما ذكر من الخدمات.
مسألة 10 : يتقاضى البنك من فاتح الاعتماد نحوين من الفائدة:
الأوّل: ما يكون بإزاء خدماته له من التعهّد بأداء دينه والاتّصال بالمصدّر وتسلّم مستندات البضاعة وتسليمها إليه، ونحو ذلك من الأعمال.
وهذا النحو من الفائدة يجوز أخذه على أساس أنّه داخل في إیقاع الجعالة، أيْ أنّ فاتح الاعتماد يعيّن للبنك جُعْلاً إزاء قيامه بالأعمال المذكورة، ويمكن إدراجه في عقد الإجارة أيضاً مع توفّر شروط صحّته المذكورة في محلّها.
الثاني: ما يكون فائدة على المبلغ الذي يقوم البنك بتسديده إلى الجهة المصدّرة من ماله الخاصّ لا من رصيد فاتح الاعتماد، فإنّ البنك يأخذ فائدة نسبيّة على المبلغ المدفوع إزاء عدم مطالبة فاتح الاعتماد به إلى مدّة معلومة.
وقد يصحّح أخذ هذا النحو من الفائدة بأنّ البنك لا يقوم بعمليّة إقراض لفاتح الاعتماد، ولا يدخل الثمن في ملكه بعقد القرض ليكون رباً، بل يقوم بدفع دين فاتح الاعتماد بموجب طلبه وأمره، وعليه فيكون ضمان فاتح الاعتماد ضمان غرامة بقانون الإتلاف، لا ضمان قرض ليحرم أخذ الزيادة.
ولكن من الواضح أنّ فاتح الاعتماد لا يضمن للبنك بطلبه أداء دينه إلّا نفس مقدار الدين، فأخذ الزيادة بإزاء إمهاله في دفعه يكون من الربا المحرّم، نعم لو عيّن فاتح الاعتماد للبنك إزاء قيامه بأداء دينه جُعْلاً بمقدار أصل الدين والزيادة المقرّرة نسيئة لمدّة شهرين مثلاً اندرج ذلك في إیقاع الجعالة ويحكم بصحّته.
هذا، ويمكن التخلّص من الربا في أخذ هذا النحو من الفائدة بوجهٍ آخر، وهو إدراجه في البيع، فإنّ البنك يقوم بدفع ثمن البِضاعة بالعُمْلة الأجنبيّة إلى المصدّر، فيمكن قيامه ببيع مقدار من العُمْلة الأجنبيّة في ذمّة المستورد بما يعادله من عملة بلد المستورد مع إضافة الفائدة إليه، وبما أنّ الثمن والمثمــن يختلفان في الجنس فلا بأس به.
هذا كلّه إذا كان البنك أهليّاً، وأمّا إذا كان حكوميّاً أو مشتركاً في بلد إسلاميّ فحيث إنّ البنك يؤدّي دين فاتح الاعتماد ممّا يكون بحكم مجهول المالك لا يصير مديناً شرعاً للبنك بشــيء، فلا يكــون التعهّــد بأداء الزيــادة إليه مــن قبيــل التعهّد بدفــع الربـا المــحــرّم.