مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
جاء حديثه هذا بمناسبة شهادة الإمام أمير المؤمنين(ع) التي توافق التاسع عشر من شهر رمضان حيث كانت تلك الضربة على مفرق رأسه الشريف والحادي والعشرين منه حيث كان وفوده على الله والتحاقه بالرفيق الأعلى ، وبهذا خسرت الأمة أعظم شخصية بعد النبي(ص)، وبهذ المناسبة الأليمة يجدر بنا أن نشير بإجمال إلى بعض جوانب عظمته:
١- نشأ الإمام أمير المؤمنين(ع) في بيت النبي(ص) وتربى في حجره وهو القائل:(وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة. وضعني في حجره وأنا ولد يضمني إلى صدره، ويكنفني إلى فراشه، ويمسني جسده ويشمني عرفه. وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه. وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل…ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالاقتداء به. ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري. ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله صلى الله عليه وآله وخديجة وأنا ثالثهما.أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة…)، ولهذا استحق هذا الوسام الذي منحه النبي(ص) بقوله:( أنا مدينة العلم وعلي بابها)، والذي يدل على مكانته العلمية الفريدة.
٢- كان الإمام علي (عليه السلام) أعلم الصحابة بالفقه والتشريع الإسلامي. كان يُفتي في عهد النبي (ص) وبعده، وكان مرجعًا للصحابة في المسائل الشرعية المعقدة. وقد اشتهر بقدرته على استنباط الأحكام من القرآن والسنة، وكان يُعرف بفهمه العميق للنصوص الشرعية.
٣- ترك الإمام علي (عليه السلام) مجموعة من الخطب والمواعظ التي تُعتبر من أعظم الكنوز الثقافية في الإسلام. أشهرها خطبة الجهاد وخطبة المتقين (الهمامية)، التي تُعتبر من أبلغ الخطب في الأدب العربي والإسلامي. وفي خطبه، تناول مواضيع متنوعة مثل التوحيد، العدل، الأخلاق، والحكمة، مما جعلها مرجعًا للعلماء والخطباء عبر العصور.لقد أولى الإمام علي (ع) اهتمامًا كبيرًا للعلوم الإنسانية مثل الفلسفة والأخلاق. في خطبه وحكمه، تناول مواضيع مثل العدالة الاجتماعية، حقوق الإنسان، وضرورة تحقيق التوازن بين المادة والروح.
٤- كان الإمام علي (ع) من أبلغ العرب في اللغة والأدب. وكان يُعتبر مرجعًا في النحو والبلاغة، وقد ساهم في تطوير علوم اللغة العربية وإليه يُنسب تأسيس علم النحو العربي، حيث وضع القواعد الأساسية للنحو.
٥- اشتهر الإمام علي (ع) بعلمه الواسع في مختلف المجالات، بما في ذلك العلوم الطبيعية والفلك. في كتاب **نهج البلاغة**، توجد إشارات إلى مواضيع مثل خلق الكون، حركة الكواكب، ودورة المياه في الطبيعة.
٦- ترك الإمام علي (ع) مجموعة من الحكم والأقوال التي تُعتبر من أعظم الكنوز الثقافية في الإسلام. أشهرها كتاب غرر الحكم ودرر الكلم، الذي يحتوي على آلاف الحكم في الأخلاق، الإدارة، والحياة العامة.وكانت حكمه (ع) تُركز على العدل، التواضع، الإخلاص، وحسن الخلق.
٧- اهتم الإمام أمير المؤمنين (ع) اهتماما كبيرا بالتعليم ونشر العلم وكان يُشجع الناس على طلب العلم ويقول: "قيمة كل امرئ ما يُحسنه".
وفي عهده كخليفة، كان يُشجع على إنشاء المدارس ودور العلم، وكان يُعين المعلمين لنشر العلم بين الناس.لقد كان(ع) يُعلم الناس بكل تواضع وحكمة ويُجيب على أسئلتهم ويُرشدهم إلى الطريق الصحيح، يُشجع على الحوار والمناقشة،ويُحترم آراء الآخرين حتى لو اختلفت مع رأيه.
ذلك هو مولانا أمير المؤمنين (ع) الذي كان منارة للعلم والثقافة في الإسلام بما تركه من إرث علمي وثقافي لا يزال يُلهم الملايين حول العالم.
وكان (ع) يُجسد القيم الإسلامية في العلم، الحكمة، والأخلاق، مما جعله قدوة للعلماء والمفكرين في كل العصور وبقي يزود البشرية بالعلوم اللدنية حتى انتقل إلى جوار ربه صابرا محتسبا في مثل هذه الأيام على يد أشقى الأشقياء.
فسلام عليك يا أبا الحسن يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا فلقد (عظمت رزيتك في السماء، وهدت مصيبتك الأنام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاءه، وسلمنا لله أمره، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا) والحمد لله رب العالمين.