مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
جاء حديثه هذا في خطبة الجمعة بسكينة تراست في شرق لندن، قائلا:
لقد استطاع الامام الرضا (ع) في عصره ان ينتهز الفرصة في عصره بان ينشر العلوم والمعارف التي ورثها من ابائه (ع) على العامة والخاصة، وكان من نتاجها 367 طالبا في مختلف العلوم والمعارف، وهذا العدد من ضمن العدد الكلي 4000 طالب الذين تخرجوا من مدرسة اهل البيت (ع)، ونظرة سريعة الى تاريخ الامام الرضا (ع) تعطينا صورة اجمالية عن اتجاه هذه المدرسة وملامحها في مجالات التربية العلمية والأخلاقية طبقا للظروف التي عاشها (ع) في ذلك العصر، وتمثل في كثرة التدوين والتدريس والرواية وشمل جميع الحقول المعرفية المعروفة انذاك، كما ازداد عدد الافراد المنتمين لمدرسته من الفقهاء من اتباع اهل البيت (ع) وغيرهم ازديادا ملحوظا، ونلمس هذا من خلال عدد الرواة عن الامام الرضا (ع)، حيث تكشف قائمة الرواة عن مدى الاهتمام منهم بانتهال العلم من مدرسته الرسالية في عصره التزاما بقوله (ع) (يتعلم علومنا ويعلمها الناس فإن الناس لو علموا محاسن كلاما لاتبعونا) لذلك لاحظنا تنوع مستوياتهم وتنوع اتجاهاتهم وتنوع بلدانهم واهتماماتهم العملية من خلال تنوع الاسئلة والمجالات التي رووا فيها الاحاديث عن الامام الرضا (ع).
ولهذا كان المأمون العباسي يبدي رغبة جامحة وشديدة في الحوار بين الامام الرضا (ع) وسائر ارباب الاديان والمذاهب والاتجاهات العلمية في المجتمع الاسلامي انذاك، وقد تحقق هذا الحوار المفتوح على اصعدة شتى، والتي تحدى فيه الامام الرضا (ع) (باعتباره الشخصية العلمية الوحيدة في العالم الاسلامي) كل اصحاب الاديان والمذاهب والفرق، وسجل بذلك للعالم الاسلامي تفوقه وقيموميته العلمية بالنسبة لهم، وتلألأت بذلك شخصيته (ع) بشكل خاص، وسجلت كتب التراث كل ساحات الحوار ونصوصه التي دارت بين الامام (ع) وسائر ارباب الاديان والمذاهب والذي وصلنا منه:
1- تحدي ارباب الاديان والمذاهب، واثبات التفوق العلمي لمدرسة اهل البيت (ع) الرسالية، ولمعرفة ذلك يمكن الرجوع الى كتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي
2- فتح الباب لانتشار ثقافة اهل البيت (ع) في اواسط المجتمع الاسلامي
3- توجيه المسلمين الى خط اهل البيت (ع) الرسالي ودعوتهم بأسلوب شيق دون اثارت حزازات بين ارباب المذاهب، مما دعاهم الى الالتزام بتوجيه الامام (ع) وارشاداته
هذا، ولا يستبعد ان تكون هذه الفتوحات الكبيرة سببا من اسباب الاسراع للقضاء على شخص الامام الرضا (ع)، لان تفوقه واشراقه يعود بنتائج سلبية على شخص الخليفة، فيكون وجوده مزاحما لشخص المأمون الذي كان يحمل اكبر الامال في احكام السيطرة على العالم الإسلامي خصوصا بعد قتل أخيه.
وخلاصة الامر، يمكننا القول بان الفترة التي عاشها الامام الرضا (ع) هي من اثرى واخصب الفترات التي استفادت فيها الامة الاسلامية من علوم اهل البيت (ع)، فقد استثمرت فرصة الانفتاح السياسي في تبليغ مبادئ الدين، والدفاع عن مناهج الرسالة، وفي رفع معنويات وثقة ابناء الامة في دينهم، وتوضيح ما التبس عليهم، بسبب الجهل او التحريف الداخلي، ولتحصينهم من تأثير الثقافات والافكار المخالفة للإسلام، وهو عكس ما كان عليه في زمن الامويين ومن سبق المأمون من الخلقاء العباسيين لانه كان اعلمهم واثقفهم، ومن اجل هذا بعث الامام الرضا (ع) رسالة الى الفقهاء والعلماء في كافة اجيال الامة وعصورها، بأن لا تستهويهم المناصب والمواقع لذاتها، بل يجب ان يسخرّوها اذا ما وصلوا اليها من اجل نشر الدين وخدمة الامة، لان الامة في ذلك العصر كانت تواجه تحديات حضارية خطيرة (كما هو الان) ، على المستوى الفكري والمعرفي، لتطور وسائل الاتصال، وتكنلوجيا انتقال المعلومات وتداولها، وللانفتاح الاعلامي الهائل، مع سيطرة الآخرين على مصادر ومنابع الحركة الاعلامية والمعلوماتية على الصعيد العالمي، مما يضاعف مسؤوليات الدعاة (في ذلك اليوم وهذا اليوم) الى الله، ويتطلب منهم اكبر جهد في العمل والنشاط والانطلاق، دون الاكتفاء بمواقع وحدود ضيقة.
وجريا على هذا المنهج نصحت المرجعية العليا طلاب الحوزات العلمية الاهتمام بالجانب العلمي للحاجة الملحة لتثقيف شبابنا وابنائنا لحمايتهم من الأفكار الضالة والمنحرفة التي باتت تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
هذا وقد افتتح سماحته القسم المستحدث من سكينة تراست والذي يشتمل على مغتسل للموتى وقاعة للبرامج النسوية بالإضافة الى المرافق الاخرى وموقف للسيارات
نسال من الله سبحانه وتعالى ان يثبتنا على خط اهل البيت (ع) والالتزام بنهجهم (ع)، والحمد لله اولا واخرا