مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين

ممثل المرجعية العليا في اوربا يهنئ العالم الإسلامي بذكرى ولادة منقذ البشرية الامام المهدي المنتظر (عج) ويقول:
لا يتم ظهوره الا بتحقق ثلاثة عناصر رئيسة: المبدء والقيادة والحركة الإصلاحية

جاء حديثه هذا في الحفل البهيج الذي اقامته جمعية ال البيت (ع) في كلاسكو واليكم نصه:
((وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ))
تطل علينا ذكرى ولادة منقذ البشرية ومخلصها من الظلم الذي يعيشه العالم في هذا العصر، الا وهو الامام المهدي المنتظر (عج) وتعتبر القضية المهدوية من اهم قضايانا العقدية والفكرية والحديث عنها يحتاج الى عدة محاضرات، ولان الوقت لا يسعنا لذلك نكتفي بالسؤال الذي يطرحه الكثير علينا: متى يظهر هذا الامام المخلص ؟ الجواب لا يخرج حتى تتوفر عناصر ثلاثة:

العنصر الاول: وجود المبدأ الصالح المؤهل لتخليص البشرية من هذا الواقع الفاسد المر والكئيب، فهل يا ترى هو الشيوعية كما يدعي اصحابها او الراسمالية او العلمانية او المسيحية او اليهودية او البوذية او غيرها ؟ كلا لا هذا ولا ذاك، وانما هو الإسلام المحمدي الذي يستقي فكره من الكتاب والسنة والاجماع والعقل المتفقة مع احاديث اهل بيت العصمة والطهارة (ع).

العنصر الثاني: وجود القيادة المؤهلة باعلى المستويات في العلم والفكر والوعي والبصيرة والسياسة وتجسيد مفاهيم الاسلام وحقائقه وخصوصياته ، وقد توافرت الادلة من مختلف مصادر المسلمين شيعة وسنة بأن هذه القيادة المؤهلة لا تتمثل الا في الامام المهدي المنتظر (عج) وان حاولت بعض الاتجاهات تحريفيها الى غيره، غير انها لم تصمد امام الحقيقة والواقع لما تملكه من الادلة والبراهين ، فالقائد المؤهل هو المهدي المنتظر (عج) لا غير.

العنصر الثالث: وجود حركة إصلاحية عالمية كبرى تطهر العالم من الوجود الفاسد لانه لا يمكن تغييره اعجازيا فلا بد من حركة تمارس دور التغيير وتحويل الدنيا من هذا الواقع المر الى عالم حر يقتلع كل جذور الفساد ويصادر كل الكيانات الفاسدة على وجه الارض، وهذه الحركة يجب ان تتحرك وفق اسس حكيمة وايدلوجية متقنة، والسؤال الوحيد الذي يكثر طرحه دائما متى تتحقق هذه الحركة التغييرية وهل يمكننا تحديدها باليوم والشهر والسنة؟ الجواب: لا نعرف ذلك وحتى الامام (ع) لا يعرفه وانما علم ذلك عند الله سبحانه تعالى. نعم، يمكن القول بان لهذه الحركة مؤشرات وعلامات يعيشها العالم اليوم ويعبّر عنها بعلامات الظهور.

وبعد دراسة شاملة لخارطة العالم ومتابعتها وتحقيقها وتمحيصها انتهينا الى توفر ثلاث مقومات:
1- توفر المبررات الموضوعية للحركة
2- توفر الظروف المقرونة لنجاح الحركة
3- توفر كوادر الحركة

اما المقوم الأول: وهو توفر مبررات الحركة بان يصل العالم الى درجة الغليان من الظلم والجور والضلال والانحراف والفساد بحيث يحتاج الى حركة تغييرية جذرية شاملة لإنقاذه من هذا الواقع المر، وحسب الظاهر ان قد وصل الى مرحلة انتشر فيها الفساد ومنه اكتفاء الرجال بالرجال والنساء بالنساء، كما جاء في الحديث الوارد (.. إذا تشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء ..)، مضافا الى انتشار الأوبئة والأمراض كالسرطان وموت الفجأة وهلاك الناس بأسلحة الدمار وكثرة الزلازل وهذا ما هو حاصل في مختلف الاماكن وغير ذلك من الابتلاءات، وهو ما نراه في جملة من الاحاديث الواردة عن أئمة اهل البيت (ع) في علامات اخر الزمان (من أشراط الساعة أن يفشو الفالج وموت الفجأة) و(لا يكون هذا الامر حتى يذهب ثلث الناس، فقيل له: إذا ذهب ثلث الناس فما يبقى؟ فقال عليه السلام: أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي) وغير ذلك من الروايات التي تتحدث عن هذا الجانب وبكل وضوح، هذا ونسال من الله الثبات على الولاية المحمدية.

اما المقوم الثاني: الحركة فهو وجود الظروف الملائمة لنجاحها ويحتاج الامام (ع) فيها الى اجواء معينة تساعده على ذلك كأن يتحول العالم الى حالة من اليأس والفشل من كل الانظمة والايدلوجيات فشلا ذريعا بحيث يعيش كل فرد تململا واحباطا وحالة يأس من كل انظمة الدنيا، وفي هذا الجو يعيش ترقبا وانشدادا الى قوة اخرى تغير له الواقع المر ولتنقذه من هذا العذاب والحيرة التي يعيشها، وهنا تظهر فكرة المنقذ والمخلص الا وهو الامام المهدي المنتظر (عج) الذي قال عنه رسول الله (ص) (لولَمْ يَبْقَ من الدنيا إِلآ يوم واحد لَطَوٌلَ اللهً ذلك اليومَ حتّى يَبْعَثَ الله فيه رَجلاً من ولدي ، يُواطىءِ اسْمُه اسْمي ، يَمْلَؤُها عَدْلاُ وقِسْطاً كما مُلِئتْ ظُلْماً وجَوْراً).

اما المقوم الثالث: ان الامام لن يغير العالم بالآيات المعجزة فقط وانما من خلال حركة إصلاحية ضد الكيانات الظالمة والمنحرفة والكافرة وسيصارع وجودات فاسدة ولهذا يحتاج الى انصار واعوان ينطلق من خلالهم في حركته المباركة ضد الظلم والطغيان ولا تبدأ هذه الحركة حتى يكتمل العدد المطلوب ذوا الاوصاف المعينة والمحددة والذين تقول عنهم الروايات انهم الصلحاء النجباء الفقهاء اناس يعيشون التقوى والورع والخوف من الله باعلى مستوياته ويملكون رؤية ثاقبة ووعيا بالاسلام وبصيرة بالدين وعلم بمفاهيم القران والسنة المحمدية، وانهم يشتاقون الى الشهادة ويستعذبون الموت في سبيل الله لانهم اعدوا انفسهم لها ليكونوا قرابين للاسلام، رجال كان قلوبهم زبر الحديد أشداء في الحق صلبين غير انهزاميين ولا متخاذلين لا ينامون الليل ولهم دوي في صلاتهم كدوي النحل رهبان في الليل ليوث في النهار شباب لا كهل فيهم ، هؤلاء يبايعون الامام (عج) بين الركن والمقام، وعددهم حسبما جاء في اصح الروايات 313 وهناك رواية عشرة الاف ورواية لا يحدد عددهم، ولكن بعد التأمل والتحقيق لا نرى تنافي عند الجمع ما بين هذه الروايات فالذي يقول 313 يعني هم اصحاب المراتب العليا واركان الدولة في حكومة الامام (عج) والعشرة الاف والاكثر هو الجيش الذي يقاتل بين يديه، والا فلا يكون هناك معنى لدعائنا (اللهم اجعلنا من انصاره واعوانه).
اما كيفية اجتماعهم بالامام (عج) وحضورهم عنده فهو أمر لا يكون حتى ياذن الله له بالخروج ولهؤلاء بالتحرك والتواجد والتقاطر من اطراف الدنيا ويكون اجتماعهم معه في مكة يلتحقون به (عج).

وفي لقائهم بالامام (عج) رأيان:
الرأي الاول: يقول بانهم يلتحقون به ويبايعونه عند الكعبة بطريق الإعجاز فتقول الرواية الاولى يجتمعون في ساعة واحدة بحيث تطوى لهم الارض طيا فيصلون بشكل سريع وتؤيده رواية اخرى بانهم يسيرون فوق السحاب نهارا (ربما كناية عن وسائل النقل الجوية) ورواية تقول يبيتون على فراشهم ليلا ويصبحون عند الامام (عج) نهارا.
الرأي الثاني: فيقول بان اصاحب الامام (عج) يلتحقون به بشكل طبيعي لان الامام سينادى باسمه في شهر رمضان ولا يبدء حركته الا في العاشر من محرم فاذن بين النداء والحركة موسم الحج فهؤلاء يتوافدون بالطريق الطبيعي مع الحجاج جوا وبرا وبحرا ويتأخرون لهذه المهمة، ويتخلفون في مكة ولا يرجعون مع الحجيج الى بلدانهم الى ان يبدأ الامام (عج) حركته في العاشر من محرم، بشكل علني وينادى جبرئيل بظهوره بين السماء والارض فيجتمعون من حوله ملبين ندائه منفذين اوامره، وقد جاء في دعاء العهد ما نصه (اَللّـهُمَّ اِنْ حالَ بَيْني وَ بَيْنَهُ الْمَوْتُ الَّذي جَعَلْتَهُ عَلى عِبادِكَ حَتْماً مَقْضِيّاً فَاَخْرِجْني مِنْ قَبْري مُؤْتَزِراً كَفَنى شاهِراً سَيْفي مُجَرِّداً قَناتي مُلَبِّياً دَعْوَةَ الدّاعي فِي الْحاضِرِ وَ الْبادي. اَللّـهُمَّ اَرِنيِ الطَّلْعَةَ الرَّشيدَةَ ، وَ الْغُرَّةَ الْحَميدَةَ ، وَ اكْحُلْ ناظِري بِنَظْرَة منِّي اِلَيْهِ ، وَ عَجِّلْ فَرَجَهُ وَ سَهِّلْ مَخْرَجَهُ ، وَ اَوْسِعْ مَنْهَجَهُ وَ اسْلُكْ بي مَحَجَّتَهُ ، وَ اَنْفِذْ اَمْرَهُ وَ اشْدُدْ اَزْرَهُ ، وَ اعْمُرِ اللّـهُمَّ بِهِ بِلادَكَ ، وَ اَحْيِ بِهِ عِبادَكَ ، فَاِنَّكَ قُلْتَ وَ قَوْلُكَ الْحَقُّ : ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ اَيْدِي النّاسِ)