مركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) في لندن واوربا والامريكيتين
مسألة 611: الخلع هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها، وإذا كانت الكراهة من الطرفين كان مباراة، وإن كانت الكراهة من طرف الزوج خاصّة لم يكن خلعاً ولا مباراة.
فالخلع والمباراة نوعان من الطلاق فإذا انضمّ إلى أحدهما تطليقتان حرمت المطلَّقة على المطلِّق حتّى تنكح زوجاً غيره.
مسألة 612: يشترط في الخلع جميع ما تقدّم اعتباره في الطلاق وهي ثلاثة أُمور :
الاول : الصيغة الخاصّة، وهي هنا قوله: (أنتِ أو فلانة أو هذه طالق على كذا) وقوله: (خَلعتُكِ على كذا) أو (أنتِ أو فلانة أو هذه مُخْتلِعة على كذا) بكسر مختلعة وفي صحّته بالفتح إشكال، ولا يعتبر في الاول إلحاقه بقوله: (فأنتِ أو فهي مختلِعة على كذا) كما لا يعتبر في الأخيرين إلحاقهما بقوله: (فهي أو فأنتِ طالق على كذا) وإن كان الإلحاق أحوط استحباباً، ولا يقع الخلع بالتقايل بين الزوجين كما لا يقع بغير لفظَيِ الطلاق والخلع على النهج المتقدّم.
الثاني : التنجيز، فلو علّق الخلع على أمر مستقبليّ معلوم الحصول أو متوقّع الحصول، أو أمر حاليّ محتمل الحصول من غير أن يكون مقوّماً لصحّة الخلع بطل، ولا يضرّ تعليقه على أمر حاليّ معلوم الحصول أو أمر محتمل الحصول ولكنّه كان مقوّماً لصحّة الخلع كما لو قال: (خلعتكِ إن كنتِ زوجتي أو إن كنتِ كارهةً لي) .
الثالث : الإشهاد، بمعنى إيقاع الخلع بحضور رجلين عادلين يسمعان الإنشاء.
مسألة 613: يشترط في الزوج الخالع جميع ما تقدّم اعتباره في المطلِّق من البلوغ والعقل والقصد والاختيار، والإشكال المتقدّم في طلاق من بلغ عشر سنين جارٍ في خُلعه أيضاً فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
ويشترط في الخالع مضافاً إلى ذلك أن لا يكون كارهاً لزوجته وإلّا لم يقع خلعاً بل يكون مباراة إذا كانت هي أيضاً كارهة لزوجها كما مرّ .
مسألة 614: يشترط في الزوجة المختلعة جميع ما تقدّم اعتباره في المطلَّقة من كونها زوجة دائمة، وكونها معيّنة بالاسم أو بالإشارة الرافعة للإبهام، وكونها طاهرة من الحيض والنفاس إلّا في الموارد المستثناة، وكونها في طهر لم يواقعها زوجها فيه إلّا في الموارد المستثناة أيضاً، ولا يعتبر فيها البلوغ ولا العقل، فيصحّ خلع الصغيرة والمجنونة ويتولّى وليّهما بذل الفداء.
مسألة 615: يشترط في المختلِعة - مضافاً إلى ما تقدّم - أمران آخران:
الأمر الاول : أن تكون كارهة لزوجها كما تقدّم، ويعتبر بلوغ كراهتها له حدّاً يحملها على تهديده بترك رعاية حقوقه الزوجيّة وعدم إقامة حدود الله تعالى فيه.
مسألة 616: الكراهة المعتبرة في الخلع أعمّ من أن تكون ذاتيّة ناشئة من خصوصيّات الزوج كقبح منظره وسوء خلقه وفقره وغير ذلك، وأن تكون عرضيّة من جهة عدم إيفائه بعض حقوقها المستحبّة أو قيامه ببعض الأعمال التي تخالف ذوقها كالتزوّج عليها بأُخرى.
وأمّا إذا كان منشأ الكراهة وطلب المفارقة إيذاء الزوج لها بالسبّ والشتم والضرب ونحوها فأرادت تخليص نفسها منه فبذلت شيئاً ليطلّقها فلا یصحّ البذل ویبطل الطلاق خلعاً بل مطلقاً.
ولو كان منشأ الكراهة عدم وفاء الزوج ببعض حقوقها الواجبة كالقَسْم والنفقة صحّ طلاقها خلعاً.
مسألة 617: لو طلّقها بعوض مع عدم كراهتها لم يصحّ الخلع ولم يملك الفدية، بل ولا یصحّ أصل الطلاق إلّا إذا أوقعه بصيغة الطلاق أو أتبعه بها قاصداً - في الحقیقة - طلاقها بدون عوض، وملك الفدية بسبب مستقلّ قد أخذ الطلاق شرطاً فيه، كما إذا صالحته على مال واشترطت عليه أن يطلّقها فإنّه بعقد الصلح المذكور يملك المال وعليه الطلاق، ولا يكون الطلاق حينئذٍ خلعيّاً بل يكون رجعيّاً في مورده، حتّى إذا اشترطت عليه عدم الرجوع إلّا أنّه يحرم عليه مخالفة الشرط، غير أنّه إذا خالف ورجع صحّ رجوعه ويثبت للزوجة الخيار في فسخ عقد الصلح من جهة تخلّف الشرط.
الأمر الثاني - ممّا يعتبر في المختلعة - : أن تبذل الفداء لزوجها عوضاً عن الطلاق، ويعتبر في الفداء أن يكون ممّا يصحّ تملُّكه أو ما بحكمه كأن تبذل دَيْناً لها في ذمّته، وأن يكون متموّلاً عيناً كان أو دَيْناً أو منفعة وإن زاد على المهر المسمّى، وأن يكون معلوماً فلو خالعها على ألف ولم يعيّن بطل الخلع، بل الأحوط لزوماً أن يكون معلوماً على النحو المعتبر في المعاوضات بأن يكون معلوماً بالكيل في المكيل وبالوزن في الموزون وبالعدّ في المعدود وبالمشاهدة فيما يعتبر بها.
نعم إذا كان المبذول مهرها المسمّى کفی العلم به على نحو العلم المعتبر في المهر وقد تقدّم بيانه في المسألة (288) ، ويصحّ جعل الفداء إرضاع ولده ولكن مشروطاً بتعيين المدّة، واذا جعل كلّيّاً في ذمّتها يجوز جعله حالّاً ومؤجّلاً مع ضبط الأجل.
مسألة 618: يعتبر في الفداء أن يكون بذله باختيار الزوجة، فلا يصحّ مع إكراهها على البذل سواء أكان الإكراه من الزوج أم من غيره.
مسألة 619: يعتبر في الفداء أن يكون مملوكاً للمختلعة أو ما بحكمه كألف دينار على ذمّتها أو منفعة دارها إلى عشر سنوات مثلاً، ولا يصحّ لو كان مملوكاً للغير، فلو تبرّع الأجنبيّ ببذل الفداء لزوجها لم يصحّ طلاقها خلعاً، نعم یصحّ البذل ویصحّ الطلاق إذا أوقعه بصيغة الطلاق أو أتبعه بها قاصداً - في الحقیقة- طلاقها بدون عوض، ويكون رجعيّاً أو بائناً على حسب اختلاف موارده.
وهكذا الحال فيما إذا أذن الغير لها في الافتداء بماله فبذلته لزوجها ليطلّقها، أو قام الغير ببذل الفداء له من ماله على وجه مضمون عليها كما لو قالت لشخص: (أبذل لزوجي ألف دينار ليطلّقني) فبذل له ذلك فطلّقها، فإنّه يصحّ البذل والطلاق ويحقّ للباذل الرجوع به عليها لوقوع البذل منه بطلبها.
مسألة 620: لو جعلت الفداء مال الغير من دون إذنه أو ما لا يملكه المسلم كالخمر مع العلم بذلك بطل البذل فيبطل الخلع بل يبطل مطلقاً إلّا إذا كان بصيغة الطلاق أو أتبعه بها قاصداً - في الحقيقة - طلاقها من غير عوض فإنّه يصحّ حينئذٍ رجعيّاً أو بائناً على حسب اختلاف الموارد.
ولو جعلت الفداء مال الغير مع الجهل بأنّه مال الغير فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) صحّة الخلع وضمانها للمثل أو القيمة، ولکن الصحیح بطلانه مطلقاً.
وكذا لو جعلت الفداء خمراً بزعم أنّها خلّ ثُمَّ بان الخلاف إلّا إذا كان المقصود جعل ذلك المقدار من الخلّ فداء فيصحّ خلعاً.
مسألة 621: إذا خالعها على عين معيّنة فتبيّن أنّها معيبة فإن رضي بها صحّ الخلع، وکذلك إذا لم یرضَ، ولکن الأحوط لزوماً عندئذٍ المصالحة في الفداء ولو بدفع الأرش أو تعويضه بالمثل أو القيمة.
مسألة 622: إذا قال أبوها: (طلِّقْها وأنْتَ بريء من صداقها) وكانت بالغة رشيدة فطلّقها لم تبرأ ذمّته من صداقها، وهل يصحّ طلاقها رجعيّاً أو بائناً على حسب اختلاف الموارد؟ فيه وجهان، والصحیح هو البطلان.
نعم إذا كان عالماً بعدم ولاية أبيها على إبرائه من صداقها فطلّقها بصيغة الطلاق أو أتبعه بها قاصداً - في الحقيقة - طلاقها من غير عوض صحّ كذلك.
مسألة 623: الخلع وإن كان قسماً من الطلاق وهو من الإيقاعات إلّا أنّه - كما عرفت - يشبه العقود في الاحتياج إلى طرفين وإنشاءين: بذل شيء من طرف الزوجة ليطلّقها الزوج، وإنشاء الطلاق من طرف الزوج بما بذلت، ويقع ذلك على نحوين:
الاول : أن يقدّم البذل من طرفها على أن يطلّقها، فيطلّقها على ما بذلت.
الثاني : أن يبتدئ الزوج بالطلاق مصرّحاً بذكر العوض فتقبّل الزوجة بعده، والأحوط استحباباً أن يكون الترتيب على النحو الاول .
مسألة 624: يعتبر في صحّة الخلع الموالاة بين إنشاء البذل والطلاق بمعنى تعقُّب أحدهما بالآخر قبل انصراف صاحبه عنه، فلو بذلت المرأة فلم يبادر الزوج إلى إيقاع الطلاق حتّى انصرفت المرأة عن بذلها لم يصحّ الخلع، واشترط بعض الفقهاء (رضوان الله تعالی عليهم) الفوريّة العرفيّة بين البذل والطلاق ولكن لا دليل على اعتبارها وإن كانت رعايتها أحوط استحباباً.
مسألة 625: يجوز أن يكون البذل والطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف، ويجوز أن يوكّلا شخصاً واحداً ليبذل عنها ويطلّق عنه، بل يجوز لكلٍّ منهما أن يوكّل الآخر فيما هو من طرفه، فيكون أصيلاً فيما يرجع إليه ووكيلاً فيما يرجع إلى الطرف.
مسألة 626: يصحّ التوكيل في الخلع في جميع ما يتعلّق به من شرط العوض وتعيينه وقبضه وإيقاع الطلاق، ومن المرأة في جميع ما يتعلّق بها من استدعاء الطلاق وتقدير العوض وتسليمه.
مسألة 627: إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجين فإمّا أن تبدأ الزوجة وتقول: (بذلتُ لكَ، أو أعطيتُكَ ما عليكَ من المهر، أو الشيء الكذائيّ، لِتُطلِّقَني) فيقول الزوج: (أنتِ طالق، أو مختلِعة - بكسر اللام - على ما بذلتِ، أو على ما أعطيتِ) وإمّا أن يبتدئ الزوج - بعدما تواطئا على الطلاق بعوض - فيقول: (أنتِ طالق أو مختلِعة بكذا أو على كذا) فتقول الزوجة: (قبلتُ أو رضيتُ) .
وإن وقع البذل والطلاق من وكيلين يقول وكيل الزوجة مخاطباً وكيل الزوج: (عن قبل مُوَكِّلَتي فلانة بذلتُ لمُوَكِّلِكَ ما عليه من المهر أو المبلغ الكذائيّ ليَخْلَعَها أو ليُطلِّقَها) فيقول وكيل الزوج: (زوجة مُوَكِّلِي طالق على ما بذَلتْ) أو يقول: (عن قبلِ مُوَكِّلِي خلعتُ مُوَكِّلَتَكَ على ما بذَلتْ) .
وإن وقع من وكيل أحدهما مع الآخر، كوكيل الزوجة مع الزوج يقول وكيلها مخاطباً الزوج: (عن قبل مُوَكِّلَتي فلانة أو زوجتك بَذلتُ لكَ ما عليك من المهر أو الشيء الكذائيّ على أن تُطلِّقَها) فيقول الزوج: (هي أو زوجتي طالق على ما بذلتْ) أو يبتدئ الزوج مخاطباً وكيلها: (مُوَكِّلَتُكَ أو زوجتي فلانة طالق على كذا) فيقول وكيلها: (عن قبل موَكِّلَتي قبلتُ ذلك) .
وإن وقع ممّن كان وكيلاً عن الطرفين يقول: (عن قبل مُوَكِّلَتي فلانة بذلتُ لمُوَكِّلِي فلان الشيء الكذائيّ ليُطَلِّقَها) ثُمَّ يقول: (زوجة مُوَكِّلِي طالق على ما بذلتْ) أو يبتدئ من طرف الزوج ويقول: (زوجة مُوَكِّلِي طالق على الشيء الكذائيّ) ثُمَّ يقول من طرف الزوجة: (عن قبل مُوَكِّلَتي قبلتُ) .
ولو فرض أنّ الزوجة وكّلت الزوج في البذل يقول: (عن قبل مُوَكِّلَتي زوجتي بذلتُ لنفسي كذا لأُطَلِّقَها) ثُمَّ يقول: (هي طالق على ما بَذَلتْ) .
مسألة 628: إذا استدعت الطلاق من زوجها بعوض معلوم فقالت له: (طلّقْني أو اخْلَعْني بكذا) فقال الزوج: (أنتِ طالق أو مختلِعة بكذا) ففي وقوعه إشكال فالأحوط لزوماً إتباعه بالقبول منها بأن تقول بعد ذلك: (قبلتُ) .
مسألة 629: طلاق الخلع بائن لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت، ولها الرجوع فيه ما دامت في العدّة فإذا رجعت ولو في بعض ما بذلته كان له الرجوع إليها.
مسألة 630: یشترط جواز رجوعها في المبذول بإمكان رجوعه بعد رجوعها، فلو لم يجز له الرجوع بأن كان الخلع طلاقاً بائناً في نفسه ككونه طلاقاً ثالثاً، أو كانت الزوجة ممّن لا عدّة لها كاليائسة وغير المدخول بها، أو كان الزوج قد تزوّج بأُختها أو برابعة قبل رجوعها بالبذل، أو نحو ذلك لم يكن لها الرجوع فيما بذلت، وهكذا الحال فيما لو لم يعلم الزوج برجوعها في الفدية حتّى فات زمان الرجوع، كما لو رجعت عند نفسها ولم يطّلع عليه الزوج حتّى انقضت العدّة فإنّه لا أثر لرجوعها حينئذٍ.
مسألة 631: لا توارث بين الزوج والمختلِعة لو مات أحدهما في العدّة إلّا إذا رجعت في الفدية فمات أحدهما بعد ذلك قبل انقضائها.